كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قاب قوسين أو أدنى من إتمام الصفقة التي كثيراً ما أظهر حماساً لها والخاصة بتطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكن فجأة انقلبت الأمور رأساً على عقب، ليخرج بتصريح من على متن الطائرة الرئاسية «إير فورس وان»، أن بكين بدلت مواقفها بسبب الرسوم الجمركية وهو ما دفع محللين إلى تشبيه مستقبل منصة مقاطع الفيديو الشهيرة في أمريكا بأنه أشبه ب«قط وقع بين فيلين»، في إشارة إلى الصراع الجيوسياسي المشتعل بين العملاقين الاقتصاديين أمريكا والصين.
وفي يوم الأربعاء الماضي، وهو نفس توقيت إعلان الرسوم الجمركية الجديدة، اعتقدت إدارة ترامب أن لديها خطة لإنقاذ تيك توك، حيث اتفقت شركة بايت دانس، المالكة الصينية لتطبيق تيك توك وبعض مستثمريها الأمريكيين، ومسؤولين في واشنطن، على هيكل ملكية جديد للتطبيق وأن هذا الهيكل سيساعد تيك توك على استيفاء شروط قانون فيدرالي يُلزمه بإيجاد مالك جديد لمعالجة مخاوف الأمن القومي وإلا سيواجه حظراً في الولايات المتحدة.
وكان يفترض بموجب الخطة، أن المستثمرين الجدد سيمتلكون 50% من كيان «تيك توك» في الولايات المتحدة، بينما سيحتفظ الملاك الصينيون بأقل من 20% وهو الحد الأقصى الذي ينص عليه القانون وال30% الباقية للمستثمريين الحاليين، ونقلت نيويورك تايمز عن مصدرين أن شركة «بايت دانس» أبلغت البيت الأبيض بارتياح الصين لهذه الخطة.
وتشير المصادر إلى أنه بحلول صباح الخميس، كانت نسخة من مسودة الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب والتي حددت الخطوط العريضة للاتفاق، متداولة، لكن انقلبت الأوضاع، حيث اتصلت «بايت دانس» بالبيت الأبيض لتخبره أنه بعد إعلان ترامب عن سلسلة من الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، لن تسمح الحكومة الصينية بإقرار صفقة «تيك توك» وأمام الرفض اضطر ترامب إلى تمديد مهلة التطبيق حتى منتصف يونيو/ حزيران، لتعديل وضعه قبل حظره في أمريكا.
تيك توك والصراع الجيوسياسي:
ويُسلّط تعطل الصفقة الضوء على وقوع تطبيق تيك توك في صراع جيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين حول التجارة والتفوق التكنولوجي، كما يشير إلى نفوذ الصين على مستقبل تيك توك في الولايات المتحدة، مُثيراً تساؤلات حول إمكانية إبرام صفقة بشأنه.
يقول أنوبام تشاندر، أستاذ القانون والتكنولوجيا في جامعة جورج تاون والذي عارض علناً القانون الذي يستهدف تيك توك: «نحن عالقون بين اقتصادين عملاقين يصطدمان ببعضهما البعض.. لقد كان تيك توك بمثابة القط الذي وقع بين هذين الفيلين».
وكانت الإدارة الأمريكية وشركة بايت دانس تعملان على صياغة هيكل يسمح لأكبر مستثمري تيك توك في الولايات المتحدة، بما في ذلك شركتا جنرال أتلانتيك وسوسكويهانا إنترناشونال جروب، بالاحتفاظ باستثماراتهما بينما يقوم المسؤولون الحكوميون بجلب أموال جديدة لتخفيف الملكية الصينية للتطبيق.
الشروط الأولية:
نصّت الشروط الأولية للصفقة على أن يمتلك المستثمرون الجدد 50% من الكيان الجديد لتيك توك في أمريكا وأن المستثمرين الحاليين سيمتلكون 30%، بينما يمتلك الملاك الصينيون أقل من 20% وكانت شركات استثمار عملاقة مثل بلاكستون وسيلفر ليك، إلى جانب شركة رأس المال الاستثماري أندريسن هورويتز، قد درست الاستحواذ على حصة، حيث تم طرح الاقتراح في وثيقة مطولة ومفصلة للمستثمرين.
واعتبر بعض المستثمرين الجدد المحتملين أن الصفقة مشروطة ويجب أن تخضع لإجراءات العناية الواجبة التي تصاحب أي معاملة كبيرة.
وبحسب المطلعين، لم يناقش كبار مفاوضي الإدارة الأمريكية الصفقة مباشرةً مع الحكومة الصينية، بل اعتمدوا على فهم الشركة المالكة «بايت دانس» لموقف بكين وقبل إعلان ترامب بشأن الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي، اعتقدت بايت دانس أن الحكومة الصينية مرتاحة للهيكلية التي تبلورت في واشنطن ولكن حتى قبل إعلان الرسوم الجمركية، لم يكن هناك ما يضمن موافقة بكين غير الرسمية أو موافقتها الرسمية.
«تيك توك» ورقة تفاوضية:
من المرجح أن تزداد المحادثات بشأن تيك توك تعقيداً مع تصاعد الحرب التجارية بين البلدين، فقد فرضت الصين رسوماً جمركية انتقامية بعد إعلان ترامب والذي بادر بإصدار تحذير من أنه سيفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 50% على الصين إذا استمرت في ذلك وأشار ترامب مراراً وتكراراً إلى أنه قد يفكر في خفض الرسوم الجمركية على الصين مقابل موافقتها على صفقة تيك توك.
ويشير محللون إلى أن استغلال التعريفات الجمركية في المفاوضات «يشكل جهداً رائعاً لإجبار شركة أجنبية على البيع، في حين أكد تيك توك منذ ما يقرب من عام أنه ليس مخصصاً للبيع. وفي يوم الجمعة، اعترفت شركة بايت دانس لأول مرة بأنها شاركت في مفاوضات مع الحكومة الأمريكية بشأن مستقبل التطبيق، لكنها قالت إن أي قرار نهائي في أيدي طرف آخر وأوضح متحدث باسم بايت دانس: «هناك مسائل رئيسية يتعين حلها، أي اتفاق سيخضع لموافقة القانون الصيني».