أميركا والصين .. مَنْ يَصرخ أولاً؟

تتعارض التصريحاتُ الصادِرة من ترامب ومعاونيه مع تصريحات كبار المسئولين فى الصين، فى المعركة المحتدمة هذه الأيام حول زيادات الرسوم الجمركية التى صدم بها ترامب العالم، والتى ركز فيها أخيراً على الصين وحدها، وقررت الصين أن ترد عليها بالمثل، حتى وصلت الجمارك بينهما إلى سقف غير مسبوق تاريخياً! وإذا بكل فريق يؤكد أنه سيكسب المعركة وسيفرض شروطه على الطرف الآخر. وهذا ما أدى إلى بلبلة شديدة حول العالم، لأن المعركة بين أكبر عملاقين اقتصاديين.

يراهن ترامب على أن طفرة الانتاج الهائل التى حققتها الصين تجعلها فى أشد الحاجة إلى تصريف إنتاجها فى السوق الأمريكية الأكثر استهلاكاً فى العالم. ويرى أنه إذا مَنَعَت الصين تصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة، فهذا يعنى أنه صار عليها أن تُخَفِّض الانتاج الهائل لديها، وهو ما سيكون له أثر سلبى مباشر على الاقتصاد الصينى. لذلك، وحتى تتجنب هذا الاحتمال، فى رأيه، فعليها أن تُبْدِى مرونة معه، وأن ترضخ لطلباته، مقابل أن تُخَفِّض أمريكا نسبة من رسوم الجمارك على منتجاتها. وأما الصين، فترى أن ترامب منحها هدية استراتيجية بهذه المعركة، لأن المتوقع أن تتجمع الدول المضارة من سياسته الجمركية، وأن تتحالف مع الصين، التى هى هدفه الأول، وهو ما سيفتح للصين سوقاً بديلة عن أمريكا فى هذه الدول. كما أن الصين نفسها ستصير بالتبادل سوقاً لمنتجات هذه الدول. وقد أعلنت الصين بالفعل أنها ستتوجه بمنتجاتها إلى أستراليا والدول الآسيوية، ولوَّحت بأنها ستحرم جمهور المستهلكين الأمريكيين من منتجاتها، خاصة من المعادن النادرة، التى هى من أهم مستلزمات صناعات أمريكية كثيرة. وأما الأخطر، فهو أن تبيع الصين بأسعار بخسة حصتها من السندات الأمريكية، فتكون ضربة قاسية لأمريكا!

وأما الورقة المهمة التى تلعب بها الصين، ففى استغلالها للضغط الواقع تحته ترامب، لخوضه معارك متعددة ضخمة داخلياً وعلى مدى العالَم، مما يجعله فى حاجة مُلِحَّة لحل مشكلة نوعية ليدعم موقفه فى الجبهات الأخرى. ولهذا جعلت الصين بابها موارباً أمامه ليقدم لها تنازلات تحقق له إبرام تسوية معها تعينه فى معاركه الأخرى.

الأهرام

يقرأون الآن