نحن لسنا فقط في عهد "العودة إلى النظام" فحسب، بل في عهد "العودة إلى الانتظام". قد لا تكون الأمور متبلورة بشكل واضحٍ للعيان، لكن إذا راقبنا "قوس الأزمة"، فإننا أمام تحسّن تدريجي، ولو ببطء، على رغم كل محاولات "التفخيت" (وعذراً على التعبير) بالعهد والتي يتولاها "فريق العهد السابق" وجيشه الإلكتروني الذي لا يترك مناسبة إلا ويصوِّب من خلالها على أداء العهد عبر تضخيم كل شائبة عبر وضعها تحت جهاز "مكبِّر الصورة" فتبدو للرأي العام كأنها مشكلة مستعصية الحل.
هذا نضعه جانباً، لأن التصويب على العهد لن يتوقف، خصوصاً أن القيمين عليه والقائمين فيه، لم يستوعبوا حتى اليوم أنهم خرجوا من السلطة، وأن أحداً غيرهم أصبح في السلطة.
لكن هناك مسألة مهمة، من غير الممكن وضعها جانباً، لأنه في حال لم تُعالَج، وبالسرعة المطلوبة، فإن كل المعالجات الأخرى كأنها تُبنى على رمال، وليس على أرض صلبة، ويُخشى أن تنهار عند أي تحول داخلي أو إقليمي أو دولي.
إنها مسألة سلاح "حزب الله". جوهر الموضوع أن "الحزب" يحاول الالتفاف على هذا الاستحقاق الذي لا مفر منه، من خلال المناورات التالية:
ترويج سردية أن الجيش اللبناني غير قادر على حماية البلد، وسلاح "حزب الله" حاجة استراتيجية، ولا بد من الاحتفاظ به من ضمن "الاستراتيجية الدفاعية للأمن الوطني".
التدرج في التصعيد إلى حد القول: "إن اليد التي ستمتد إلى سلاح "حزب الله"، ستُقطَع". وصولاً إلى قول أحد المثقفين الذين يتبنون "ثوابت حزب الله": "إن حزب الله لن يسلِّم سلاحه قبل ظهور المهدي".
على قاعدة "تعرفون أسرارهم من سياسييهم ومثقفيهم"، فإن ما بات واضحاً أن "حزب الله" لا يريد تسليم سلاحه، وأن المناورات التي يمارسها، يحاول من خلالها التحرك على خطين: الخط الأول، الإيحاء بأنه غير رافض لتسليم السلاح، والخط الثاني، التشدد في أي حديث عن تسليم السلاح، متحيناً بذلك أي فرصة للتفلت من هذا الاستحقاق.
حيال هذا الواقع، المتمثِّل برفض "حزب الله" تنفيذ ما بات ملزماً، فإن السلطة التنفيذية مدعوَّة إلى اعتبار نفسها "هيئة ناظمة"، باعتبار أن الهيئات الناظمة المطلوبة في غير قطاعات، هي الممر الملزِم للمراسيم التطبيقية، لتطبيق ما تبقَّى من اتفاق الطائف لجهة "حل الميليشيات وجمع السلاح" من ضمن برنامجٍ يتضمن "جدولةً" بالتسليم. وما لم تتحقق هذه الخطوات التنفيذية، فإن "حزب الله" سيتمكن من تمرير تهديده بأن السلاح لن يسلَّم قبل "ظهور المهدي".
نداء الوطن