في فرنسا.. الشرع يلتقي بـ

في خطوة وُصفت بأنها ذات دلالات سياسية وإنسانية بالغة، التقى الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، العسكري السوري المنشق فريد المذهان، المعروف بلقب "قيصر"، وذلك على هامش زيارة الوفد السوري الرسمي إلى فرنسا.

اللقاء، الذي لم يُكشف عن تفاصيله الدقيقة بعد، عُدّ بمثابة كسر لحاجز القطيعة بين رأس الدولة السورية الجديد وأحد أبرز الشهود على الانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق بقيادة بشار الأسد، والذي أُطيح به بعد أكثر من عقد على اندلاع الانتفاضة السورية.

فريد المذهان، المنحدر من مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا الجنوبي، كان يشغل رتبة مساعد أول ورئيس قسم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق. خلال عمله، كان مسؤولًا عن توثيق الوفيات في مراكز الاعتقال والسجون التابعة للنظام، ما جعله شاهدًا مباشرًا على الانتهاكات بحق آلاف المعتقلين.

بين عامي 2011 و2013، قام المذهان بتصوير عشرات الآلاف من صور ضحايا التعذيب والإعدام داخل الأفرع الأمنية، ونجح في تهريب ما يقارب 55 ألف صورة عبر وسائط تخزين مخفية، من بينها أكياس الخبز. هذه الصور وصلت لاحقًا إلى منظمات حقوقية، ثم إلى دوائر القرار الدولي.

في عام 2014، أدلى "قيصر" بشهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي، وكانت شهادته واحدة من أبرز المرافعات التي أدت إلى إقرار "قانون قيصر" عام 2019، والذي فرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية على النظام السوري السابق بسبب ارتكابه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

اللقاء في باريس يحمل رمزية مزدوجة: من جهة، يعكس انفتاحًا من الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع على التعامل مع ملفات الذاكرة والانتهاكات السابقة، ومن جهة ثانية، يفتح الباب أمام إمكانية إدماج شخصيات معارضة أو منشقّة في مسار العدالة الانتقالية أو المصالحة الوطنية، وسط دعم فرنسي ودولي واضح لهذه التوجهات.

فرنسا، التي كانت على مدى السنوات الماضية من أبرز الداعمين لمساءلة نظام الأسد، لعبت دورًا في تأمين هذا اللقاء، ما يشير إلى أنها قد تضطلع بدور سياسي وحقوقي أكبر في الملف السوري في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد تغيّرات السلطة في دمشق.

ولم يصدر حتى الآن تعليق رسمي من المذهان أو من الرئاسة السورية حول فحوى اللقاء أو مخرجاته، لكن مصادر دبلوماسية فرنسية تحدّثت عن أجواء "إيجابية"، ووصفت اللقاء بأنه "خطوة نحو إعادة بناء الثقة بين الدولة السورية والمجتمع المدني المتضرر من حقبة الأسد".

يقرأون الآن