تتجه الانظار اليوم الى الشمال، حيث تجري المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية، في اجواء تنافس يختلط فيه العاملان السياسي والعائلي مثلما حصل في جبل لبنان.
معارك تقدير أحجام والفوز بالاتحادات
وتتميز الانتخابات في الشمال بمعارك ذات طابع سياسي في عدد من البلدات الكبرى والصغرى، لتقدير احجام الاحزاب للبناء عليها في التحضير للاستحقاق النيابي في ايار العام المقبل ، وللفوز باتحادات البلديات لا سيما في البترون والكورة وزغرتا .
صناديق الاقتراع جاهزة
وعشية فتح صناديق الاقتراع، اشرف وزير الداخلية احمد الحجار من الغرفة المركزية في الوزارة، على تسليم وتوزيع الصناديق على اقلام الاقتراع في كل اقضية محافظتي الشمال وعكار، وسط استنفار اداري وامني لضمان سلامة العملية الانتخابية .
طرابلس : انتخابات باهتة واختلاط بالسياسة والولاءات
وفي عاصمة الشمال طرابلس، يبدو مشهد المعركة الانتخابية باهتا ، لا سيما في ضوء حرص الاحزاب والقوى السياسية على الوقوف في المشهد الخلفي. مع العلم ان نواب واحزاب المدينة اختلفوا في دعم اللوائح المتنافسة السبع ، بينما اكد الرئيس نجيب ميقاتي وقوفه على الحياد وعدم الانخراط المباشر في دعم اي لائحة .
ووفقا للاجواء عشية الانتخابات، يظهر من خلال اللوائح المتنافسة، ان بعض الجهات الداعمة لها تعتمد في المعركة على عناصر محلية، واخرى متعلقة بولاءات خارج المدينة، والبلاد تدور في الفلك السعودي العام او لقطر او تركيا . مع العلم ان هذه الدول نفت وتنفي عبر سفرائها وممثلي بعثاتها الدبلوماسية اي علاقة باي جهة او بالانتخابات البلدية بصورة عامة .
وفي اللوائح المتنافسة تبرز لائحة <رؤية طرابلس» المدعومة من اربعة نواب في المدينة : فيصل كرامي ، اشرف ريفي ، طه ناجي ( الاحباش) ، وكريم كبارة ، وقوى اخرى .
وتنافسها لوائح اخرى ابرزها لائحة <نسيج طرابلس> المدعومة من النائب ايهاب مطر وجمعيات اسلامية وبعض الهيئات المدنية . وهناك لائحة < طرابلس المدينة < المدعومة من «الجماعة الاسلامية» وجمعيات اجتماعية ، ولائحة غير مكتملة تضم اعضاء من المجتمع المدني ، واخرى لـ «حراس المدينة».
ويتلخص مشهد معركة طرابلس بتداخل التحالفات السياسية الهجينة والمركبة ، الامر الذي يعطي انطباعا بان تحصل عمليات تشطيب، وبالتالي خروقات متبادلة . مع العلم ان قلة المرشحين والناخبين المسيحيين والاجواء السائدة، تؤشر الى احتمال غياب تمثيل المسيحيين وضعف التمثيل العلوي .
معارك البترون والكورة وزغرتا:العين على الاتحادات
وتتركز الانظار على البترون، التي ينتظر بعض بلداتها معارك شرسة في اطار سياسي بين «التيار الوطني الحر» و»المردة» بشكل عام من جهة ، وتحالف «القوات اللبنانية» و»الكتائب» ومجد حرب من جهة ثانية . ويسعى كل طرف للفوز لاحقا برئاسة الاتحاد .
وتتركز المعركة في شكا احدى كبريات البلديات ماليا ، بينما يرأس رئيس بلدية مدينة البترون ورئيس الاتحاد الحالي مرسيلينو الحرك، المقرب من جبران باسيل، لائحة قوية في منافسة لائحة غير مكتملة برئاسة ميشال الدغل، لا تتبناها علنا «القوات اللبنانية».
وفي الكورة تختلط التحالفات بشكل غير مستقر ، وسط تنافس شديد في بعض البلدات بمشاركة الحزب «السوري القومي الاجتماعي» و»التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» و»المردة» و»الكتائب» والحزب «الشيوعي» والنائب جورج عبد المسيح .
ووفقا لنتائج فوز عدد من البلديات بالتزكية، فان رئاسة الاتحاد تميل لصالح «القومي» و»الوطني الحر» و»المردة» .
اما في زغرتا فتشتد المنافسة بين «المردة» بالتحالف مع «التيار الوطني الحر» من جهة وتحالف النائب ميشال معوض مع «القوات اللبنانية» من جهة اخرى . وفي حين تبدو المعركة لصالح «المردة» في مدينة زغرتا ذات الثقل الشعبي والانتخابي ، تشهد بعض قرى القضاء معارك شديدة وسط مناخ يؤشر الى احتفاظ المردة باتحاد البلديات .
اما في بشري فان «القوات اللبنانية» تتجه للاحتفاظ برئاسة اتحاد البلديات، رغم التنافس والمعركة في المدينة بين اللائحة التي تدعمها، واللائحة المدعومة من النائب وليم طوق .
معارك متفرقة في عكار
ويسود في عكار مشهد معقد لتداخل العامل العائلي والسياسي في المعارك، التي ستشهدها بعض بلدات المحافظة . وفي فنيدق يسود تنافس شديد بين لائحة يدعمها النائب وليد البعريني، ولائحة مدعومة من النائب السابق خالد زهرمان، وعائلات ومناصرين لـ «تيار المستقبل» .
وتشهد ببنين معركة ايضا بين لائحة مدعومة من «الجماعة الاسلامية»، ولائحة منافسة من قوى وعائلات ، ويلعب الناخبون المسيحيون الذين يبلغ عددهم 3 الاف ناخب دورا مؤثرا .
خلاصة انتخابات الشمال
وفي الخلاصة، تشهد المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية في الشمال، اجواء تنافس ومعارك بنكهة سياسية واضحة لا سيما في المناطق ذات الاغلبية المسيحية ، خصوصا في البترون والكورة وزغرتا . اما في طرابلس فالمعركة متداخلة ومخلوطة ، نظرا للتحالفات اليوم بين بعض اضداد الامس ، ليس بسبب خصوصية الانتخابات البلدية واختلافها عن النيابية فحسب ، بل بسبب حسابات كل طرف لرسم مسار تحالفاته في الاستحقاق النيابي .
هل تحمل اورتاغوس تعديلا ايجابيا ؟
من جهة اخرى، لم تظهر حتى الآن اية مؤشرات او بوادر جدية وايجابية، لوقف الاعتداءات «الاسرائيلية» وحمل العدو على الانسحاب من التلال باقي الاراضي المحتلة في الجنوب ، لا سيما ان اللجنة المعنية بمتابعة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار برئاسة الجانب الاميركي، لم تلعب دورها في وقف انتهاكات العدو وحمله على تنفيذ الاتفاق ، بينما لم تسفر مهمة الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس عن اية نتائج في هذا الخصوص .
ورغم مناشدة لبنان المتكررة للجنة المذكورة ولواشنطن من اجل وقف العدوان ، فان الوضع ما زال على حاله ، وينذر بمزيد من التوترات وعدم الاستقرار .
وفي ظل هذا الجو المتأزم، يترقب المسؤولون اللبنانيون زيارة اورتاغوس المنتظرة للبنان، أملا في ان تحمل معها تعديلا او تغييرا في التعاطي مع الواقع الراهن ، خصوصا ان لبنان نفذ من خلال ما قام ويقوم به الجيش اللبناني اكثر من تسعين بالمئة مما هو مطلوب منه جنوبي الليطاني ، من تسلم وازالة سلاح حزب الله من المنطقة .
وقال مصدر سياسي مطلع لـ "الديار" ان موعد زيارة الموفدة الاميركية اورتاغوس لم يحدد بعد ، وان مجيئها الى لبنان قد يكون مرتبطا بجولة الرئيس الاميركي ترامب الخليجية خلال الايام المقبلة ، مع العلم ان ليس هناك علاقة مباشرة بين هذه الجولة ومهمة اورتاغوس .
واضاف " لا يجب التعويل كثيرا على نتائج فورية لزيارة اورتاغوس المرتقبة لبيروت ، طالما لم يظهر حتى الآن اي تطور ايجابي اميركي واضح، يصب في اطار ممارسة الضغط على «إسرائيل» لوقف اعتداءاتها والانسحاب من باقي الاراضي المحتلة".
ولفت المصدر الى انه منذ مجيء الجنرال الاميركي الجديد، وانضمامه الى زميله في ترؤس لجنة المتابعة ، لم تظهر مؤشرات جديدة على تفعيل عمل اللجنة للجم العدو ووقف اعتداءاته ، مع العلم ان لبنان كان متجاوبا دائما مع اللجنة المذكورة.
مسؤول اميركي باللجنة متفائل
ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤول اميركي كبير في لجنة الاشراف على اتفاق وقف النار، قوله حول الوضع هناك ما يدعو للامل ، لم يمض ستة او سبعة اشهر وقد وصلنا الى مرحلة لم اكن متأكدا سابقا من انها تتحقق».
كما نقلت عن مسؤولين اميركيين و»اسرائيليين ارتياحهم «للحد من سيطرة حزب الله على المطار وغيره من المعابر.
سلام : تقدم تاريخي في مكافحة التهريب
ونقلت الصحيفة عن رئيس الحكومة نواف سلام قوله عن وضع مطار رفيق الحريري في بيروت والمعابر < يمكنكم الشعور بالفرق ، نحن نحقق تقدما في مكافحة التهريب لاول مرة في تاريخ لبنان المعاصر> ، واشار الى «توقيف مهربين يخضعون للمحاكمة وفق للقوانين» .
كم نقلت عن مسؤول امني كبير ان الدولة تعمل على تركيب تقنيات مراقبة جديدة تتضمن الذكاء الاصطناعي>.
مخاطر الانفجار الاجتماعي وتقصير الحكومة
على صعيد آخر، تبرز المخاوف من مخاطر تداعيات تفاقم الوضعين الاجتماعي والمعيشي، في ظل تردي احوال العاملين في القطاعين العام والخاص ، بسبب ارتفاع غلاء المعيشة المثقل بالضرائب والرسوم على كاهل المواطن ، التي تجاوزت الحدود في موازنتي العامين 2024 و 2025 من دون تحسين الرواتب والاجور او تصحيحها.
وما يزيد هذه المخاوف، ان الحكومة لم تقارب حتى الآن هذا الملف باية خطوة ملموسة، بحجة التركيز على الاصلاحات المالية والاقتصادية التي تحتاج لفترة غير قصيرة .
اعتماد نموذج حكومة ميقاتي ؟
ووفقا للمعلومات المتوافرة لـ "الديار" من مصدر مطلع، "فان الحكومة في الوقت الراهن ليست في وارد انجاز حل لمشكلة الرواتب والاجور في القطاع العام ، وانها تفضل الاستمرار بسياسة الاعتماد على المساعدات الاجتماعية المضافة على الرواتب التي اعتمدتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة، بحجة عدم توافر الاموال والدراسة الكاملة لمعالجة هذا الملف ، وضرورة ربط الحل المتكامل لملف الرواتب بانجاز الاصلاحات المالية والاقتصادية والادارية».
ويضيف المصدر ان وزارة المال منشغلة حاليا في تنظيم الاداء العام للوزارة في كل الملفات المطروحة ، وفي انجاز القوانين الاصلاحية التي تضعها على رأس الاولويات ، ومنها قانون الانتظام المالي المعروف بقانون الفجوة المالية، باعتباره من ابرز القوانين المطلوبة للاصلاح لتحديد الخسائر وتوزيع المسؤوليات ، عدا عن انه يعتبر على ارتباط مباشر بقانون تنظيم المصارف او اعتدة هيكلة المصارف، الذي بدأت لجنة المال النيابية درسه في مجاس النواب» .
ويخشى المصدر «ان يأخذ نقاش هذا القانون فترة غير قصيرة بعد احالته الى لجنة فرعية ، لا سيما بعد الذي حصل في جلسة اللجنة الاخيرة، على ضوء الدراسة الني قدمها حاكم مصرف لبنان كريم سعيد من 33 صفحة تتطرق الى صلاحيات الحاكم ، والاجواء التي ظهرت والتي اتسمت بخلاف طائفي، يتعلق بدور وصلاحيات حاكم المصرف ولجنة الرقابة على المصارف في الهيئة التي ستتولى درس تنظيم المصارف».
وعلمت الديار ايضا ان «الحكومة تتجه الى الاقدام على معالجات آنية وموضعية تتعلق بالعاملين في القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين الذي كانوا لوحوا باللجوء الى الشارع .
قيادي عمالي لـ "الديار":نتجه الى تصعيد تدريجي
وعلى صعيد وضع العمال والعاملين في القطاع العام، يتجه الاتحاد العمالي العام الى التصعيد التدريجي، بعد رفضه القاطع للتسوية التي توصل اليها وزير العمل مع «الهيئات الاقتصادية» في 7الجاري ، والتي ادت الى انسحاب وفد الاتحاد من الاجتماع .
وحذر مصدر قيادي بارز عبر <الديار> من تبني الحكومة مثل <هذا الحل الكارثي> ، مؤكدا ان الاتحاد العمالي العام «لن يقف مكتوف الايدي، وسيكون لنا خطوات متصاعدة وصولا الى الاضراب والاعتصام والتظاهر>.
وقال < ابلغنا وزير العمل رفضنا القاطع لزيادة الحدنى للاجور الى 28 مليون ليرة ، مع العلم اننا طالبنا برفعه الى ما يوازي 900 دولار . كما اكدنا على تمسكنا بزيادة غلاء المعيشة ، اذ من غير الطبيعي والمنطقي عدم احتسابها ، عدا عن ان تجاهلها وعدم زيادة رواتب العاملين في القطاع العام يعني خلق فوضى وعدم عدالة ومشاكل «.
وحذر المصدر العمالي البارز «من المضي بهذا المنحى، وتجاوز حقوق شريحة كبيرة من المواطنين تعاني من اثقال واعباء كبيرة، بسبب غلاء المعيشة وكلفة الخدمات والرسوم والضرائب، التي يتجاوز حجمها الحد الادنى للاجور».
وردا على سؤال قال المصدر < ان المجلس التنفيذي للاتحاد سيناقش في اجتماع له قريبا الموقف ، ويبحث ايضا عقد لقاء قريب في بيروت مع وفد من منظمة العمل الدولي، لبحث الخطوات المكن اتخاذها>.
واضاف < نحن لسنا هواة اللجوء الى الشارع والى الاضراب ، لكن ما حصل ويحصل لا يمكن ان نسكت عليه ، وما جرى حتى الان تجاه العاملين في القطاع الخاص ، يعطي انطباعا سيئا عن تعاطي الحكومة المرتقب مع الموظفين والعاملين في القطاع العام>.
جلسة تشريعية لحسم القوانين المعجلة
من جهة اخرى، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة تشريعية عامة يوم الخميس المقبل نهارا ومساء .
وقال مصدر نيابي لـ <الديار> ان «جدول الاعمال سيتضمن 83 اقتراح قانون معجلا مكررا، على ضوء ما تقرر في اجتماع مكتب المجلس الذي ترأسه الرئيس بري الخميس الماضي ، بعد ان جرى التدقيق بوضع 138 اقتراحا واستبعاد الاقتراحات، التي تجاوزها الزمن او لم تعد صالحة للدرس والاقرار».
ولفت الى «ان القرار بشان الـ 83 اقتراحا معجلا مكررا يعود للهيئة العامة ، وهناك الكثير منها مرشح لاحالته الى اللجان النيابية» .