في شمال شرق سوريا، حيث تتشابك المصالح الإقليمية وتتداخل القوى العسكرية، تصاعدت، خلال الأيام الأخيرة، تحركات قوات سوريا الديمقراطية، التي أطلقت سلسلة استعدادات دفاعية، أبرزها حفر أنفاق، وزراعة آلاف الألغام في مناطق سيطرتها بالرقة والحسكة.
هذه التحركات هي استعدادات واضحة لمواجهة أي هجوم محتمل من قوات النظام السوري أو الفصائل المدعومة من تركيا.
تحصينات "قسد" تعكس حالة توتر عسكري وسياسي متصاعد، وتحمل رسائل ردع واضحة إلى دمشق وأنقرة، مفادها: "لن نسمح بسهولة بتغيير الواقع العسكري على الأرض".
الأنفاق المحفورة تحت الأحياء السكنية، رغم خطرها على المدنيين بسبب تصدع المباني، تُظهر قدرة "قسد" على تكتيكات حرب العصابات والقتال في المناطق الحضرية، في محاولة لتعزيز دفاعها بوسائل غير تقليدية..
أما زراعة الألغام العشوائية، فهي سلاح مزدوج؛ تحصين عسكري من جهة، وإرهاب مدني يهدد سلامة السكان من جهة أخرى، مما يعكس حجم الضغوط والتحديات التي تواجهها.. لكن هل هذه الخطوات إعلان عن حرب وشيكة؟ أم رسالة سياسية لتحسين شروط "قسد" في مفاوضاتها مع دمشق وتركيا؟
العديد من المحللين العسكريين يرون في هذه التحركات تحصينات دفاعية تهدف إلى ردع الهجوم، لكنها تحمل أيضاً عنصراً من الاستعداد الفعلي لأي مواجهة، فالضغط الدولي والإقليمي على "قسد" يتصاعد، ومع انتهاء المهلة التي منحتها وزارة الدفاع السورية للفصائل المسلحة لتصويب أوضاعها، ترتفع احتمالات المواجهة المباشرة.
سياسياً، تحمل هذه الاستعدادات رسالة واضحة وفق مراقبين.. "قسد" تسعى إلى تثبيت مواقعها كقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها، وترسل إشارة للجميع بأنها لن تستسلم بسهولة لأي ضغوط سياسية أو عسكرية.
أما تأثير هذه التحركات على استقرار المنطقة، فقد يكون كبيراً.. فتصاعد الاستعدادات يرفع من منسوب التوتر، ويزيد خطر اندلاع مواجهة واسعة قد تمتد لتداعيات إقليمية أكبر، خاصة مع التداخل التركي في المشهد السوري.