بعد هدوء نسبي أعقب التصعيد الإسرائيلي العنيف أمس الاول، تنطلق اليوم الجولة الرابعة والأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي الجنوب والنبطية، وسط ارتفاع عدد البلديات التي فازت بالتزكية وصبّت في غالبيتها لمصلحة لوائح «التنمية والوفاء» التي يدعمها ثنائي حركة «أمل» وحزب الله. فيما لفت الأنظار لقاء وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي السفيرة الأميركية ليزا جونسون، حيث تناول البحث في جانب منه المساعي الجارية لوقف التصعيد الإسرائيلي المتواصل في جنوب لبنان، إضافة الى مسألة التجديد لقوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب.
فيما استُكملت الاستعدادات اللوجستية للانتخابات البلدية والاختيارية الجنوبية في سرايا صيدا من توزيع أقلام وغيرها، أظهر آخر الإحصاءات التي سبقت موعد انتهاء الانسحابات منتصف ليل أمس انّ 65 بلدية من أصل 109 جنوب نهر الليطاني فازت بالتزكية، فيما فازت 31 بالتزكية من أصل 83 بلدية في محافظة النبطية، في وقت عُقد اجتماع في منزل الشيخ ماهر حمود، وتمّ الاتفاق خلاله على لائحة توافقية لمدينة صيدا برئاسة محمد دندشلي تدعمها كل الأطراف والقوى السياسية. اما في قضاء جزين فأُعلن عن فوز 23 بلدة فيه بالتزكية من مخاتير وبلديات، ولكن بلدية جزين المدينة ستشهد منافسة شديدة، حيث أنّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل قال خلال لقائه مساء أمس الاول مع أهالي جزين في مقر التيار في سنتر ميرنا الشالوحي: «نهار السبت (اليوم) جميعنا سنصحح خطأ تاريخياً ارتُكب في حق جزين وتمثيلها عندما أُبعد التيار عنها وجزين، وهذه المنطقة الإستثناء الوحيد في تعاطينا مع الانتخابات، فجزين لا ينفصل عنها «التيار» وهي لا تنفصل عنه، لكن التصحيح الكبير سيكون في العام 2026». وأضاف: «سنقول نهار السبت إنّ جزين كل عمرها في قلب السيادة الوطنية، وهي لن تقبل أن تنعزل عن محيطها، لأنّ هذا تكوينها وطبيعتها». وشدّد على انّ «جزين قلعة عونية وستبقى. ونهار السبت سنثبت هذا الأمر».
أورتاغوس
سياسياً، في ظل ما تردّد عن احتمال تأجيل الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس زيارتها المقرّرة للبنان، أطلت من واشنطن عبر قناة «الجديد»، وقالت إنّه «يجب أن نتحرك بسرعة نحو نزع سلاح حزب الله في شكل كامل، ويجب أن يكون هناك احتكار للسلاح بيد الدولة فقط»، مضيفةً: «نزع سلاح حزب الله يجب أن يتمّ قريباً، وإلّا فإنّ لبنان يخاطر بأن يتخلّف عن الركب». وأكّدت أنّ «الإصلاحلات الاقتصادية والمالية هي المسار الوحيد لبناء الدولة، وتأثيرها يحدّ من الفساد ويقوّض مصادر تمويل حزب الله غير الشرعية». ولفتت إلى أنّ «نزع سلاح الميليشيات والجماعات الإرهابية وإمرار الإصلاحات يمثلان المفتاح الأساس لأي استثمار حقيقي في لبنان».
وردًا على سؤال عن تصريحاتها الأخيرة في قطر حول صندوق النقد الدولي، قالت أورتاغوس: «تمّ اقتباس كلامي خارج سياقه بالكامل، ولم أقل أبدًا إننا نتجاوز الإصلاحات بل على العكس تمامًا أنا أؤكّد دعم الإصلاحات الضرورية». وشدّدت على أنّ «الولايات المتحدة لا تزال ثابتة على موقفها بأنّ على البرلمان أن يتحرّك بسرعة لتمرير قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، كما يجب على الحكومة الإسراع في صياغة قانون لسدّ الفجوة المالية».
مكانتنا الدولية
في غضون ذلك، أكّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون «اننا أحرزنا تقدّماً ملحوظاً، ونسير بخطى ثابتة على طريق بناء دولة يرعاها القانون ويسهر عليها القضاء». وقال في كلمة عبر الشاشة وجّهها إلى «مجموعة العمل الأميركيّة من أجل لبنان» (ATFL) خلال عشاء أقامته في واشنطن: «علينا مواصلة العمل لتعزيز قدرات القوى الأمنية اللبنانية وتطوير استراتيجية شاملة لأمننا الوطني، تشكّل أساساً راسخاً لضمان الأمن والاستقرار، فيما تواجهنا اليوم تحدّيات كبرى لا بدّ من معالجتها، مثل أزمتي اللاجئين السوريين والفلسطينيين، الّا أنني على يقين بأننا أصبحنا نسير على مسار التعافي». وشدّد على أنّ العلاقة مع الولايات المتحدة متجذّرة، «ونؤمن إيماناً راسخاً بأنّ العلاقات السليمة مع الولايات المتحدة تشكّل ركيزة أساسية لمكانتنا الدولية».
السلاح الفلسطيني
وعلى صعيد قضية نزع السلاح الفلسطيني في المخيمات وخارجها، وبدعوةٍ من رئيس لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني رامز دمشقية، عُقِدَ في السراي الحكومي أمس الاجتماع الأول للجنة المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، في حضور رئيس الحكومة نواف سلام، الذي استهلّه مرحّباً بقرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتسوية مسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات، مشيراً إلى الأثر الإيجابي لهذا القرار في تعزيز العلاقات اللبنانية–الفلسطينية وتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية- الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين. وأكّد تمسُّك لبنان بثوابته الوطنية، وأعطى توجيهاته بضرورة الإسراع بالخطوات العملية عبر وضع آلية تنفيذية واضحة ووفق جدول زمني محدّد.
ومن ثم انتقل النقاش إلى سبل تنفيذ التوجيهات الواردة في البيان المشترك الصادر عن لقاء رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون ونظيره الفلسطيني، الذي أكّد حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية واحترام سيادتها، إلى جانب تعزيز التنسيق بين السلطات اللبنانية والفلسطينية لضمان استقرار المخيمات ومحيطها.
وقد اتفق المجتمعون على إطلاق مسار لتسليم السلاح وفق جدولٍ زمنيّ محدّد، مصاحباً ذلك بخطوات عملية لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين. كما تقرّر تكثيف الاجتماعات المشتركة والتواصل لوضع الترتيبات اللازمة للشروع فوراً في تنفيذ هذه التوجيهات على كافة المستويات.
ووفقاً لمصدر حكومي لـ»وكالة الصحافة الفرنسية»، تمّ الاتفاق على أن تبدأ عملية نزع السلاح الفلسطيني من المخيمات في منتصف حزيران المقبل، وفقاً لبرمجة زمنية محدّدة. وفي المعلومات التي تمّ تداولها أمس، أنّ الاتفاق تمّ على أن يجري تسليم السلاح في مخيمات بيروت، بدءاً من شاتيلا ومار الياس، حيث التأثير الأساسي لحركة «فتح»، ذلك أنّ اتصالات يجب أن تُجرى في هذا الوقت مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، وأولها «حماس» حول هذه المسألة.
وحتى الآن تلتزم «حماس» جانب الصمت في موضوع تسليم السلاح. ولكن رَشَح من مصادرها أنّ لها تحفظات عن الطريقة التي تتمّ فيها العملية، وحول ما تسمّيه «تفرّد» الرئيس محمود عباس في اتخاذ القرار وإبلاغه من جانب واحد إلى الحكومة اللبنانية. وتحدثت عن ضرورة إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان. وتخشى مصادر سياسية عبر «الجمهورية» أن تكون هذه المواقف هي بداية مأزق سيواجهه موضوع تسليم السلاح الفلسطيني.
جعجع وعباس
وأعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في بيان انّه «جرى اتصال مساء أمس (الخميس) بينه وبين الرئيس عباس، حيث تبادلا وجهات النظر في ما يتعلق بكل ما يحدث في المنطقة، وبخاصة في فلسطين ولبنان، حيث ثمّن جعجع موقف الرئيس عباس من بسط السلطة اللبنانية سيادتها على الأراضي اللبنانية كافة وحصر السلاح داخل المخيمات وخارجها في يد الدولة اللبنانية. وقد اتفقا على إبقاء الاتصالات مفتوحة بينهما لما فيه خير البلدين والشعبين».
افتتاح المدينة الرياضية
من جهة ثانية، افتتح رئيس الحكومة ممثلاً رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بعد ظهر امس الاحتفال بإعلان «عودة الحياة إلى مدينة كميل شمعون الرياضية»، ولدى وصوله إلى ملعب المدينة أطلقت مجموعة من المشجعين هتافات متوجهة اليه بالقول: «يا نواف سماع منيح.. لبيك يا نصرالله».
ولكن العلاقات الإعلامية في حزب الله أصدرت البيان الآتي:
«إنّ الشعارات التي أُطلقت من على مدرجات المدينة الرياضية وتناولت رئيس الحكومة نواف سلام وتوجيه اتهامات بحقه مسألة مستنكرة ومرفوضة، وتتعارض مع المصالح الوطنية فضلًا عن الأخلاق الرياضية، ولا تخدم مسار تعزيز
الوحدة الوطنية والاستقرار الداخلي الذي يحتاج إليه البلد في مسيرة بناء الدولة والإصلاح.
ندعو جميع اللبنانيين إلى التحلّي بأعلى درجات المسؤولية الوطنية، وعدم الإنجرار خلف شعارات مستفزة ومسيئة، لا تؤدي إلّا إلى مزيد من التوتر والانقسام، لا سيما في هذه المرحلة التي تستمر فيها الاعتداءات الإسرائيلية على بلدنا لبنان».
ولاحقاً كتب سلام على حسابه عبر منصة «إكس»: «بسرور كبير شاركت في إعادة الحياة إلى مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت، حيث تعود الأنشطة الرياضية لتجسّد روح الوحدة والتآخي بين الجميع. الرياضة ليست فقط منافسة، بل هي جسر يجمع الناس على اختلاف انتماءاتهم، وهي التي تزيل الحواجز وتعزز أواصر المحبة والسلام».