لبنان آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

قاسم: المقاومة لا تسكت على ضيم والحرب مع إسرائيل لم تنته

قاسم: المقاومة لا تسكت على ضيم والحرب مع إسرائيل لم تنته

في كلمة ألقاها بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، أكّد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنّ هذا اليوم "قلب المعادلات السياسية والعسكرية في لبنان والمنطقة"، مشدّدًا على أنّ 25 أيار 2000 ليس مجرد تاريخ عادي بل هو يوم ولادة لبنان السيّد الحر المستقل، وخروج "إسرائيل" منه من دون قيد أو شرط للمرة الأولى في تاريخه.

وقال قاسم إن "عيد المقاومة والتحرير نقل لبنان من الضعف إلى القوة، ومن الاستكانة إلى الفعل، ومن التبعية إلى السيادة"، مضيفًا:"كان انتصارًا عظيمًا لكل اللبنانيين، ولكل من قاوم ورفض الخنوع، ولكل من قدّم الشهداء والجرحى والمجاهدين والصامدين".

وفي استذكار لمسار المقاومة الطويل، قال: "نشأة المقاومة كانت طبيعية جدًا مع شعبٍ أبيّ لا يقبل الذل والاحتلال، ولا أن يكون مستسلمًا للعدو الإسرائيلي"، مشيرًا إلى أنّ بدايات المقاومة ظهرت في الستينات والسبعينات، حيث "برز الإمام السيد موسى الصدر كإمام للمقاومة ومؤسس حركة المحرومين التي شكّلت أرضية شعبية ونضالية حاضنة لخيار المواجهة مع الاحتلال".

توقف قاسم عند اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان عام 1978، والذي استدعى حينها صدور القرار الدولي 425 الداعي لانسحاب "إسرائيل" من الأراضي اللبنانية.

وقال إنّ العدو "أنشأ ما سُمّي وقتها بـ’دولة لبنان الحر‘ بقيادة الرائد سعد حداد، كخطوة أولى نحو تقسيم لبنان وخلق مستوطنات تابعة للعدو".

واستعاد قاسم ذكرى محاولة فرض اتفاق 17 أيار 1983، موضحًا أنّ المقاومة "الشعبية والوطنية آنذاك أفشلت هذا الاتفاق المُخِلّ، وأسقطته بفضل عزيمة اللبنانيين"، معتبراً أن هذا الإنجاز شكّل منعطفًا في بلورة ثقافة المقاومة كخيار استراتيجي لمواجهة "إسرائيل".

وأشار إلى أنّ "العدو الإسرائيلي حاول في أواخر التسعينات التوصل إلى اتفاق مع لبنان عبر وساطات متعددة، سواء مباشرة أو عبر سورية، لكنه فشل في ذلك، إلى أن باتت المقاومة تشكّل معادلة ردع حقيقية، ما دفع الكيان إلى اتخاذ قرار الانسحاب الأحادي في ليل 24-25 أيار/ مايو 2000".

وقال قاسم :"خرج الإسرائيلي قبل الموعد المتوقع، وتحت جنح الظلام، دون حتى أن يُبلغ عملاءه في لبنان، وتركهم يواجهون مصيرهم". وشدّد الشيخ قاسم على أنّ ما جرى في أيار 2000 "انتصار كبير جدًا للمقاومة وللشعب المضحي الذي استطاع أن يكسر إسرائيل ويُرغمها على الخروج من دون أي قيد أو شرط"، معتبرًا أن "يوم التحرير غيّر مسار المنطقة سياسيًا وجهاديًا، وأثبت أنّ المقاومة هي الطريق إلى استعادة الحقوق".

وأكّد أنّ هذا اليوم شكّل نقطة تحوّل كبرى في تاريخ لبنان والمنطقة، ورسّخ خيار المقاومة كـ"فعل إرادة وشعب"، وكرّسها "مكوّنًا أساسيًا من مكونات الوطن".

وقال قاسم إنّ "المقاومة هي التي نقلت لبنان من الضعف إلى القوة، وهي الحل الطبيعي عندما تعجز الخيارات الأخرى"، مشيرًا إلى أنّ التحرير في 25 أيار/ مايو 2000 "لم يكن حدثًا عابرًا، بل مقدّمة تاريخية لصناعة مستقبل جديد للبنان".

وأشار إلى أنّه "بعد الانسحاب الإسرائيلي لم تحصل أيّ ضربة كف، وسُلّم العملاء المعتقلون إلى الدولة، فيما تُرك من لم يكن متورطًا يذهب، ولم تقع أي فتنة طائفية في المناطق المحررة، في مشهد نادر الحدوث في تاريخ صراعات الشعوب".

وفي ما خصّ المشهد الإقليمي، أكّد قاسم أنّ الولايات المتحدة "تتحمّل المسؤولية الكاملة عن استمرار العدوان الإسرائيلي، لأنها هي من يرعاه وتغذّيه، كما فعلت سابقًا في لبنان وغزّة، والآن في المنطقة كلّها"، مؤكدًا أنّ "إسرائيل تستخدم العدوان المستمر وسيلة ضغط، لكنها لن تنجح في كسر إرادتنا، بل ستزيدنا إصرارًا".

وتابع: "أميركا بطولها وعرضها لم تستطع أن تستمر بعدوانها على اليمن، فانسحبت أمام أولئك الأبطال الذين ضحّوا من أجل غزّة وفلسطين".

وأكد قاسم أنّ المقاومة "خيار شعبي نابع من الوعي الجمعي ومن واقع الإيمان بقضية الحرية والكرامة"، وقال:"هذه المقاومة هي رفضٌ للاحتلال، وعدمُ استسلام، وهي أحيانًا تقاتل وتردع، وأحيانًا تصمد وتمنع، وفي أحيان أخرى تصبر وتبقى جاهزة. إنها مقاومة لا تموت، لأنها محصّنة بالإرادة والشعب والوعي".

وأضاف: "شهداء هذه المرحلة هم شهداء أولي البأس من الناس ومن المقاومين، وكل الأضرار التي تحصل الآن هي بسبب استمرار العدوان. تحية لكل من يقدّم ويضحي، ولتكن الرسالة واضحة: نحن الآن في مواجهة مباشرة مع العدوان الإسرائيلي، فلا يطلبنّ منّا أحد أي مساومة. على إسرائيل أن تنسحب وتؤدي التزاماتها، وبعدها لكل حادث حديث".

وفي معرض حديثه عن الدولة، قال الشيخ قاسم إنّ الدولة اللبنانية "التزمت بوقف إطلاق النار غير المباشر مع العدو، ونحن كمقاومة التزمنا بالكامل"، لكنه أضاف: "إذا فشلت الدولة، فالخيارات الأخرى موجودة".

وطالب بأن تتحرك الدولة "بفعالية أكبر"، داعيًا الشعب إلى أن يضغط باتجاه الموقف الوطني:"طالبوهم، أسكتوهم، اصرخوا في وجوههم. لبنان يجب أن يكون قويًا وحرًا مع شعبه".

وأوضح أنّ "السلاح ليس شعارًا، بل أداة تُستخدم عند الحاجة، وفي الزمان والمكان المناسبين، وبتقدير المصلحة الوطنية"، مشددًا على أنّ "عيد المقاومة والتحرير هو الذي صنع ما بعده، وانتهت معه قدرة إسرائيل على التوسع في لبنان".

وأكد قاسم تمسك حزب الله بثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، قائلًا:"سنبقى أوفياء لهذه المعادلة التي صنعت النصر، وسنصنع بها المستقبل والتحرير المقبل".

ووجّه تحية إلى قيادة الجيش اللبناني، "وخاصة إلى قائد الجيش العماد هيكل الذي أصدر بيانًا وطنيًا يؤكد فيه أن التحرير هو إنجاز وطني لكل اللبنانيين".

كما توجه بالشكر إلى "فخامة الرئيس المقاوم العماد إميل لحود، وإلى رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص رحمه الله، اللذين وقفا إلى جانب المقاومة في لحظات مصيرية".

وشدّد قاسم، على أن تحالف حزب الله وحركة أمل هو "أكبر تحالف استراتيجي ومؤثر"، لافتًا إلى أنّ هذا التحالف يتقدّم بثبات رغم انزعاج البعض منه، مؤكدًا أنّ الانتخابات البلدية التي جرت مؤخرًا كانت محطة إنمائية وطنية بامتياز، خيضت بعقلية جامعة وبنية التعاون مع الجميع.

وقال الشيخ قاسم: "البعض ينزعج من صلابة تحالف "حزب الله وأمل"، لكن هذا التحالف يتقدم إلى الأمام، ويشكّل عنصر توازن وضمانة حقيقية للوحدة الوطنية".

وأضاف: "خضنا الانتخابات البلدية برغبة وطنية، تحت عنوان إنمائي جامع، وبحسّ عالٍ من المسؤولية. لم نسعَ إلى إلغاء أحد، بل على العكس، فتحنا يدنا للتعاون مع جميع القوى السياسية والمجتمعية، من أجل خدمة الناس وإنجاح العمل البلدي".

وأكد الشيخ قاسم أن "حزب الله وحركة أمل أثبتا أنهما صمام أمان اجتماعي، وركيزة توازن وطني بين مكوّنات البلد"، مشيرًا إلى أن "هذه الانتخابات خيضت بعقلية الجمع لا القسمة، وبروحية التمثيل العادل لكل المكونات، كما حصل في انتخابات بيروت التي شاركنا فيها عبر لائحة ضمّت طيفًا واسعًا من القوى".

واستعرض تجربة مشغرة، فقال: "في بلدة مشغرة، كان رئيس البلدية مسيحيًا، وشارك الجميع في نجاح اللائحة. هذه الصورة تعبّر عن رؤيتنا في التعاون والشراكة والانفتاح داخل المجالس البلدية".

وفي ملف بعلبك، لفت قاسم إلى أنّ "المنطقة واجهت محاولات لفرض عنوان مذهبي على الانتخابات البلدية، لكن أهل بعلبك أحبطوا هذه المحاولة، وفازت لائحة التنمية والوفاء بفارق أكثر من 6000 صوت، ما يعكس تمسك الناس بخيار الوحدة والإنماء".

ووصف قاسم الانتخابات البلدية بأنها "مدماك في إدارة الدولة"، قائلاً: "من خلالها تُبنى المؤسسات على المستوى المحلي، وتتحقق التنمية. نحن نؤمن بأن الشراكة في العمل البلدي تنعكس مباشرة على الناس في حياتهم اليومية".

وختم بالتأكيد على أن "حزب الله قدّم مصلحة البلد عبر حرصه على تحقيق التوازن الوطني، ليشعر المسيحيون أنهم غير مستهدفين، وأن الجميع يعمل في دائرة بلدية واحدة، بما يضمن الاستقرار والمشاركة الفعلية في القرار المحلي".





يقرأون الآن