الاتفاق اللبنانى - الفلسطينى الذى أُعلن عنه عقب اللقاء الذى جمع الرئيس اللبنانى جوزيف عون ونظيره الفلسطينى محمود عباس فى بيروت، آخر الأسبوع الماضى، وأكد على ضرورة نزع سلاح «الفصائل» من داخل المخيمات الفلسطينية فى لبنان، أثار جدلاً كبيراً، خصوصاً لدى حماس والفصائل الإسلامية الأخرى، فى ظل تراجع نفوذ المحور الإيرانى فى المنطقة، وتقلص الدور الذى كان يضطلع به «حزب الله» بوصفه الداعم الأساسى لهذه «الفصائل».
الدولة اللبنانية بدأت بالفعل خطة متدرّجة لسحب السلاح من المخيمات الفلسطينية، الثقيل والمتوسط والخفيف، مشددة على أن عدم التجاوب سيُعرّض تلك «الفصائل» لسلسلة من الإجراءات القوية، تبدأ بإلغاء تأشيرات الدخول إلى لبنان، وتصل إلى حد المطالبة بمغادرة الأراضى اللبنانية.
الخطة، كما أعلنتها لبنان خلال الساعات الماضية، تبدأ فى منتصف يونيو المقبل، وسوف تكون المرحلة الأولى هى نزع السلاح من مخيمات العاصمة بيروت، برج البراجنة وشاتيلا ومار الياس، ثم مخيمات البقاع (الجليل فى مدينة بعلبك) والبداوى، وبعدها مخيمات الجنوب التى تقع ضمن منطقة جنوب الليطانى أى مخيمات الرشيدية (هو الأكبر) والبرج الشمالى والبصّ، وكلها مخيمات تخضع لسلطة حركة فتح. وتشير التقارير إلى أن مخيم «عين الحلوة» هو الأصعب، لأن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية حاضرة فيه جنباً إلى جنب مع فصائل حركتى حماس والجهاد، وكذلك فصائل أخرى أشد تطرفاً.
العدد كما ذكرت ذات التقارير يصل إلى ٢٣٥ ألف لاجئ فلسطينى مسجلين فى لبنان على ١٢ مخيماً موزّعين بين محافظات عدة، ويتوزع السلاح فيما بينها بشكل متفاوت، باستثناء مخيم نهر البارد شمالا الخالى كلياً من السلاح، لأنه تحت سيطرة الجيش اللبنانى منذ العام ٢٠٠٧.
حماس أبدت انفتاحاً على الفكرة، لكنها أكدت فى الوقت ذاته أن أى قرار بشأن سلاح الحركة والفصائل المساندة لها فى المخيمات، لابد أن يحدث بالتشاور معها، لا محمود عباس فقط. لكن الواقع يقول إن حماس ربما تكون مطالبة بالخضوع لرغبة الدولة اللبنانية، خصوصاً بعد الضربات التى أصابت حليفها «حزب الله»، حيث لم يعد للحركة الآن القدرة على فعل أى شىء فى الساحة اللبنانية، لأن الحزب بعد اغتيال قادة الصفين الأول والثانى لم يعد قادراً على تأمين أى غطاء للحركة داخل لبنان، سواء كان هذا الغطاء عسكرياً أو سياسياً، ولا سيما أيضا بعد انتخاب رئيس للدولة، ما قد يؤهلها إلى الدخول فى مرحلة استقرار بعد مرحلة تقلبات حادة.
التجربة اللبنانية فى نزع السلاح من المخيمات قد تنجح فى الوصول إلى فرض سيطرة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها، وهى ما تساهم فى الوصول إلى تهدئة عامة. ولكن فى الوقت ذاته قد لا تنجح، بل قد تنذر بكارثة داخلية فى بلد انكوى بنار الفتن والحروب الأهلية لسنوات طويلة. لذا أرى أن الموضوع يحتاج إلى مشرط جراح يعرف جيداً ماذا يفعل فى منطقة ملتهبة.
المصري اليوم