العراق

العراق على حافة "الانهيار المالي".. المديونية تصل إلى "الخط الأحمر"

العراق على حافة

مستقبل سوداوي ينتظر اقتصاد العراق، هكذا كانت خلاصة تقرير صندوق النقد الدولي، الذي أيده النائب رائد المالكي، نقلا عن وزيرة المالية، طيف سامي، بسبب ارتفاع النفقات وتذبذب أسعار النفط، ووصول المديونية إلى الخط الأحمر، مما ينذر باقتراب البلاد من الهاوية يوما بعد آخر.

وذكر تقرير صندوق النقد الدولي، أن الاقتصاد العراقي يسير في مسار بالغ الخطورة، بفعل تضخم النفقات التشغيلية التي تجاوزت 60% من إجمالي الميزانية العامة، وغياب أي إصلاح هيكلي فعلي في سياسة الإيرادات، فيما لا تزال الحكومة تعتمد بنسبة تقارب 92% على عوائد النفط، رغم التراجع المتواصل في أسعاره وتقلّب السوق العالمي.

وأوصى صندوق النقد، بضرورة ضبط فاتورة الرواتب المتضخمة التي تستهلك وحدها أكثر من نصف الإيرادات السنوية، معتبرا أن سياسة التوظيف العشوائي، ونهج إرضاء الكتل السياسية بالدرجات الوظيفية، يدفعان بالمالية العراقية نحو حافة الانهيار.

وقال المالكي إن "الصورة للرشوة الانتخابية وأشكالها قد تغيرت، حتى وصلت إلى دفع رواتب أشهر مقدما، أي أعطيك رواتب من الآن إلى يوم الانتخابات، مقابل أن تروج لي"، مبينا أنه "يتم استغلال العاطلين عن العمل، من خلال إعطائهم رواتب الى يوم الانتخابات للترويج للمرشح الفلاني، ومن ثم إغرائه بالتعيين بعد الانتخابات".

وأضاف، أن "الواقع المالي للبلاد سيء جدا، حيث اليوم كنت بزيارة لوزارة المالية، والتقيت بالوزيرة وكعادتها تشكو من سوء الوضع المالي".

وأشار إلى أن "الوزيرة طيف سامي، أكدت لي أنه لا توجد هناك جداول موازنة بسبب العجز المالي، حيث أنها ذهبت إلى محافظ البنك المركزي للاقتراض، إلا أن الأخير لم يسعفها لوصول البلاد إلى الخط الأحمر في المديونية"، مؤكدا أن "المديونية وصلت إلى 130 مليار دولار تقريبا، وهذا أمر بغاية الخطورة".

ولوحت اللجنة المالية النيابية مؤخرا، بوجود أزمة مالية حقيقية تلوح في العراق مستقبلا، وسط تراجع أسعار النفط، وغياب الإجراءات الوقائية والاحترازية القادرة على تفادي الأزمات الاقتصادية، وأكدت أن المؤشرات المالية والاقتصادية تشير إلى تفاقم العجز وتراجع السيولة، مما ينذر بتحديات جسيمة في المرحلة المقبلة، فيما حمل خبراء الاقتصاد وزارة المالية والبنك المركزي مسؤولية أزمة السيولة النقدية.

وكانت اللجنة المالية النيابية، كشفت، في 26 آيار/ مايو الجاري، عن توجيه رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، وزارة المالية، بإعداد جداول الموازنة تمهيدا لإقرارها.

وأكد النائب زهير الفتلاوي، تقديم شكوى رسمية لدى الادعاء العام، ضد الحكومة التنفيذية، بسبب عدم إرسال جداول الموازنة العامة الاتحادية لعام 2025 إلى مجلس النواب.

وتجاهلت الحكومة حتى اللحظة الرد المباشر على توصيات صندوق النقد الدولي، بينما اكتفت بعض الأصوات المقربة منها بالتقليل من أثر التقرير، ووصفت ما ورد فيه بـ"القراءة المتحفظة وغير الواقعية"، الأمر الذي أعاد للأذهان ردود الأفعال المشابهة لتقارير مماثلة صدرت في 2016 و2019، وواجهت الإنكار ذاته من حكومات سابقة.

وسبقت تلك التحذيرات، موجة انهيارات مالية في العراق منتصف العقد الماضي، حين شهدت البلاد أزمة سيولة خانقة، دفعت وزارة المالية عام 2015 إلى تأخير صرف رواتب الموظفين، تزامنا مع تراجع سعر البرميل إلى ما دون 40 دولارا، وهو سيناريو قد يتكرر مجددا إن بقيت السياسات على حالها.

وتقاطع هذا الوضع مع تحذيرات داخلية صدرت عن خبراء اقتصاديين عراقيين، من بينهم المستشار المالي، مظهر محمد صالح، الذي أشار مرارا إلى "غياب الإرادة السياسية لتغيير قواعد اللعبة المالية"، معتبرا أن العجز الهيكلي لا يُحل بمسكنات، بل بإصلاح ضريبي وزيادة الإنتاج الوطني غير النفطي.

وتزامنت موجة التحذيرات هذه مع مؤشرات اجتماعية مقلقة، أبرزها ارتفاع معدل البطالة إلى 17%، وفقا للجهاز المركزي للإحصاء، واتساع رقعة الفقر إلى ما يزيد على 25%، في بعض المحافظات الجنوبية، ما يعكس العلاقة المباشرة بين التردي الاقتصادي والعجز الإداري، الذي لا تزال بغداد عاجزة عن معالجته بجدية.

ويعتمد العراق بشكل كبير على صادرات النفط لتمويل موازنته السنوية، إذ تشكل العائدات النفطية أكثر من 90% من إجمالي الإيرادات، ومع تقلب أسعار النفط في الأسواق العالمية، تتأثر الخطط المالية والإنفاق الحكومي بشكل مباشر.

وكانت الحكومة قد أقرت موازنة ثلاثية للأعوام 2023 – 2024 – 2025، لكن المتغيرات الاقتصادية العالمية، وارتفاع نسب العجز، دفعت إلى إعادة النظر في جداول موازنة 2025، ما أدى إلى تأخير إرسالها للبرلمان، وسط مخاوف من تأثير ذلك على المشاريع الاستثمارية، ورواتب الموظفين والخدمات الأساسية.

يقرأون الآن