عقدت "ضربة العنكبوت" الأوكرانية ضد روسيا مستقبل الصراع، ومباحثات إسطنبول المباشرة بين الطرفين بالأخص، وبات من المستحيل، حسب المحللين، حدوث أي انفراجة قريبة.
ويرى الخبراء، أن الضربة الأوكرانية القوية التي استهدفت قواعد جوية استراتيجية في روسيا يوم الأحد، وما سبقها من ضربات للجيش الروسي، تكشف مدى إصرار الجانبين على رفض التنازل عن أي من خطوطهما الحمراء.
وأسست الضربة الأوكرانية الكبيرة، لمرحلة جديدة في الصراع، أكثر تعقيداً، وقبلها، كان الكرملين حدد شروطه الصارمة لوقف إطلاق النار، بما في ذلك السيادة على جميع الأراضي المضمومة للاتحاد الروسي، ونزع سلاح أوكرانيا، وتخفيف العقوبات فورًا، و"نزع النازية".
وترددت تكهنات في وسائل الإعلام الروسية والغربية حول مجالات محتملة للتفاوض، وتُراقَب نتائج محادثات إسطنبول عن كثبٍ بحثاً عن أيِّ بادرة من المرونة، لكن في أعقاب "ما يبدو أنه نجاح أوكراني باهر"، قد يكون الحديث عن تسوياتٍ من جانب الكرملين، في الوقت الحالي، غيرَ مطروح على الطاولة، وفق تحليل لشبكة "سي أن أن" اليوم الإثنين.
شروط جديدة
وتخوض أوكرانيا الجولة الثانية من المحادثات المباشرة مدعومة بتدميرها الواضح للقاذفات الاستراتيجية الروسية وغيرها من الأصول الجوية الحيوية.
وأمس الأحد، حدّد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بعض مواقف أوكرانيا، بما في ذلك وقف إطلاق نار غير مشروط، وعودة الأطفال الأوكرانيين الذين أُخذوا إلى روسيا.
لكن المطالب الروسية بانسحاب القوات الأوكرانية من الأراضي التي تدّعي السيادة عليها والتي لم تسيطر عليها بعدُ لا تزال غيرَ مستساغة، وخاصةً الآن بعد أن أظهرت أوكرانيا أنها لا تزال قادرة على شن هجمات عميقة خلف خطوط المواجهة. حتى قبل الغارات الأوكرانية الأخيرة بالطائرات المسيرة، وفي خضم الاستعدادات لمحادثات السلام في إسطنبول، صعّدت روسيا هجماتها على أوكرانيا فيما يبدو أنه المراحل الأولى من هجوم صيفي جديد.
ترامب في موقف صعب
كما شكلت الضربة الأوكرانية أحراجاً كبيراً للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الواقف خلف مبادرة التسوية، والساعي لوقف الحرب، بأي ثمن، ومع تكشّف كل هذا، بأت أكثر إحباطاً أكثر من أي وقت مضى، بعد أن اعتاد التباهي بقدرته على إنهاء حرب أوكرانيا في وقت قصير، ويؤكد المحللون، أن "ما جرى هز بشكل واضح حجر الزاوية في سياسة ترامب الخارجية، بمعنى أن ضغطه على الزعيم الأوكراني، الذي انتقده ترامب بشدة في المكتب البيضاوي، وتوبيخه الأخير لحاكم الكرملين، لا يؤتي ثماره".
خيارات قوية
لكن مع ذلك، لا يزال لدى ترامب أدوات قوية يستطيع استخدامها إن شاء، مثل فرض عقوبات جديدة صارمة، كتلك التي تحظى بتأييد ساحق في مجلس الشيوخ الأميركي، أو تعديل المساعدات العسكرية الأميركية بما يزيد بشكل كبير من تكاليف استمرار القتال، وقد لا تكون هذه الإجراءات حاسمة، لكنها ستُرسل رسالة التزام أميركي.
أعلن جهاز الأمن الأوكراني (أس بي يو)، أمس الأحد، أن الهجوم بالمسيّرات الذي نفّذه ألحق أضراراً بالطيران العسكري الروسي تقدّر كلفتها بسبعة مليارات دولار، وطال ما نسبته 34% من القاذفات الروسية الاستراتيجية، التي تحمل صواريخ كروز.
وعلى الجانب الآخر، قد يتخارج ترامب من الصراع والفوضى برمتها، بالانسحاب من مخطط التسوية خاصته، كونه يُصرّ دائماً على أن هذه حرب بايدن، أو حرب بوتين وزيلينسكي، لكن الانسحاب - وليس من الواضح ما يعنيه ذلك من حيث السياسة الأميركية - قد لا يكون خياراً بعد الآن.
ويقول الخبراء، إن إصرار ترامب على إنهاء الصراع في أوكرانيا، إلى جانب تدخلاته الشخصية مع القادة الأوكرانيين والروس، يعني أن ترامب والولايات المتحدة أصبحا الآن مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بالنتيجة.