صحة

الصّحّة الإنجابيّة عند المرأة مهدّدة..

الصّحّة الإنجابيّة عند المرأة مهدّدة..

في أثناء فترة  الحمل، تكون الأم هي المصدر الوحيد لتغذية الجنين، وكلّ عنصر غذائيّ يحتاج إليه الجنين تقوم الأمّ بتناوله في طعامها. كيف يحصل الجنين  على غذائه الأمثل وتغذيته المناسبة؟ ما مقوّمات الصّحّة الإنجابيّة للمرأة؟

إنّ تغذية المرأة الحامل تمدّها بالطّاقة، فينمو الجنين نموًّا طبيعيًّا وصحّيًّا وخَلقيًّا وذهنيًّا، وتتمكّن الأم من التّأقلم مع فترة حملها الجديدة، ومرحلة بعد الولادة والرّضاعة. فالغذاء يوفّر لها الصّحّة والطّاقة لِمدّها في أثناء فترة الحمل بإنتاج أنسجة جديدة لها ولجنينها، ما معناه أنّ النّظام الغذائيّ تتطلّبه تلك الأنسجة الجديدة ليؤمّن الجسم حاجته المتزايدة إلى الطّاقة المطلوبة لتحريكه وتقويته وتفعيله بالنّشاط الحركيّ.  فكتلة جسم الأم تزداد في أثناء الحمل بنسبة أكبر ما يجعل الأنشطة الحركيّة القويّة تحتاج إلى طاقة إضافيّة. هنا تكمن قيمة الغذاء الّذي يمنح الجسم هذه الطّاقة ليتماشى مع الحمل. لكنّ استهلاك الطّاقة يتفاوت بين سيّدة وأخرى ما يستدعي ضرورة المحافظة على  الوزن المناسب لكلّ جسم. حتّى لا تزيد الدّهون والملوحات والكوليسترول وغيرها من المعوّقات الّتي تجعل الجسم يتورّم ويتألّم ويهدّد حفظ الجنين الّذي ينبغي أن ينمو في رحم أمّه نموًّا سريعًا وسليمًا.

إنّ المرأة المنجبة في فترة حملها تحتاج إلى البروتينات الّتي تعتبر ذات أهميّة في تغذية جسمها وعقلها وأعصابها وذهنها وعظامها، لأنّها تقدّم عنصر النّمو اللّازم لأنسجة جسمها، ولأنسجة الطّفل النّامي والزّيادة في حجم دم الأم والسّائل المحيط بالطّفل. ففي فترة الحمل تحتاج الأم إلى وجبات غذائيّة يوميّة بين ثلاث وأربع وجبات بروتينيّة كتناول اللّحم والبيض والسّمك والحليب ومشتقّاته والملفوف والقرنبيط والموز والأفوكادو والفول السّوداني وفول الصّويا والذّرة وجوز الهند والأطعمة المغذّية الغنيّة بالفيتامينات. هذه الأطعمة تنتج أنسجة معقدة في أثناء الحمل بمعدّل يفوق أيّ وقت آخر خلال حياة المرأة، والبروتينات ضروريّة لمثل هذا الوضع، كما لا يمكن فصل متطلّبات البروتينات عن متطلّبات السّعرات والعناصر الغذائيّة. كما أنّ العسل والشّوربة وعصائر الفواكه لا سيّما عصير البرتقال، والخضروات الورقيّة الخضراء الدّاكنة والبروكولي والحلويات الصّلبة الّتي تكسب المرأة الحامل المقوّمات الغذائيّة وتجعل الجنين والأم قويّين يتمكّنان من استمداد الطّاقة والحيويّة والنّشاط، وتوفّر لجسميهما القيمة الغذائيّة والسّعرات الحراريّة الكامنة في الطّعام الّذي تأكله المرأة الحامل. فالتّنوّع في الغذاء وتناول الحبوب كالفول والحمّص والعدس والبرغل والفاصوليا والبازلّاء والنّشويّات كالبطاطا والأرز بكميّات مدروسة تزوّد الجسم بالطّاقة والقوّة وتقدّم الألياف الّتي تساعده في عمليّة الهضم وتجعله منتظمًا.

فضلًا عن ذلك، المرأة الحامل تحتاج إلى الكالسيوم والفيتامينات والمعادن حفاظًا على صحّتها الإنجابيّة وصحّة جنينها. حيث إنّ الكالسيوم يدخل في نمو العظام والأسنان، والمعادن كالحديد مثلًا متطلّب أساسيّ في تقوية الدّم للأم الحامل، وزيادة مخزون الحديد للجنين. كما أنّ لحمض الفوليك دورًا في تطوّر خلايا الجنين، وخفضه يؤدّي إلى عيوب خلقيّة وتشويهات في الجنين، لذا على المرأة الّتي تنوي أن تحمل وتنجب أن تتناول الأطعمة الغنيّة بحمض الفوليك كالخضروات والبقول على أنواعها. أمّا الفيتامينات فهي ضروريّة من أجل صحّة الأم والطّفل على السّواء. فيكون تناول الأطعمة للمرأة الحامل باعتدال ووفق توصية طبيبها.

 فلا يغرب عن بالنا أنّ المرأة الحامل في أثناء حملها يزداد حجم دمها والسّوائل في جسمها، ما يجعلها تتطلّب تناول سوائل أكثر قد تصل إلى عشرة أكواب من المياه أو العصائر أو الحليب يوميًّا. لكن عليها تجنّب الكافيين الّذي يسبّب شربه بكمّيات كبيرة إلى الإجهاض أو الولادة المبكرة أو التّأخير في نمو الجنين. فكلّما تقدّمت المرأة الحامل في أشهر حملها كلّما احتاجت إلى كميّة أكبر من المياه والأطعمة المتنوّعة والمتوازنة لإمداد جسمها وجنينها بالموادّ الغذائيّة لدعم انقسام الخلايا السّريع ونمو الأنسجة.

أيّتها الأمّ الحامل استمتعي بغذائك الصّحّي لتحصلي على مولودٍ جميل وذكي. فغذاؤك وراحتك وفرحك في فترة الحمل هي مقوّمات خلاصك بالسّلامة وإنتاج ثمرة رائعة. افرحي لأنّك امرأة منجبة معطاءة.

في نهاية المقال، السّؤال يطرح نفسه كيف للمرأة الحامل الّتي تحتاج في فترة حملها إلى كلّ الأطعمة الّتي تحتوي على بروتينات وكالسيوم وحديد وحمض الفوليك وزنك وبيريدوكسين أن تؤمّنها في مثل هذا الوضع الاقتصادي السّيّئ في لبنان؟

ما يعني أنّ الصّحّة الإنجابيّة في وطننا الغالي لبنان مهدّدة بالتّشويه والاضطراب لأنّ الأم الحامل لا تتمكّن من تأمين كلّ مقوّمات نمو جنينها. فهل سيعي المعنيّون مخاطر الغلاء وسوء الغذاء؟


صباح بريش - الأنباء

يقرأون الآن