جزار طهران.. مقتل قاتل مهسا أميني

قُتل اللواء أحمد رضا رادان، القائد العام للشرطة الإيرانية، والمعروف بلقب “جزّار طهران”، في ظروف غامضة لم تُكشف تفاصيلها الكاملة بعد، لكن المؤكد أن الرجل الذي كان رمزًا للقمع الوحشي في الجمهورية الإسلامية، قد سقط.

وبحسب صحيفة "هيل فاش"، نشرت الصفحة الرسمية لجمعية "المرأة الحرة" صورة لأحمد رضا رادان، القائد السابق لشرطة الجمهورية الإسلامية، مؤكدة أنه قُتل على يد قوات الموساد الخاصة في مقر إقامته.

وجاء في البيان الذي نشر باللغة الفرنسية أن رادان معروف بأنه أحد الشخصيات الرمزية لانتهاكات حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية بسبب دوره البارز في أحداث مركز احتجاز كهريزك ومشاركته في القمع الواسع النطاق في إيران، وخاصة في احتجاجات السنوات السابقة.

وأشار التقرير إلى أنه المسؤول عن "آلاف حالات القمع المميتة" وأحد العوامل الرئيسية وراء سياسات النظام العنيفة والأمنية، ووصف عملية اغتياله بأنها إجراء "ناجح".

وفي الصورة المنشورة، يُشار إليه باسم "جزار كهريزك"، وهو لقب يستخدمه نشطاء حقوق الإنسان ووسائل الإعلام بسبب دوره في الاشتباكات العنيفة مع المتظاهرين في العقود الأخيرة.

حتى كتابة هذه السطور، لم يؤكد أي مصدر رسمي أو مستقل، محليًا أو دوليًا، هذا الادعاء، والتزمت وسائل إعلام الجمهورية الإسلامية الصمت. في المقابل، لم تُعلّق مصادر إسرائيلية أو من الموساد على الأمر.

الجريمة التي فجّرت جيلًا

اللواء أحمد رضا رادان هو المسؤول المباشر عن مقتل مهسا أميني في 13 أيلول/سبتمبر 2022، حيث اعتُقلت الشابة الكردية في طهران من قِبل شرطة الأخلاق، بتهمة “سوء الحجاب”، ليتم إدخالها بعد ساعات إلى المستشفى مصابة بنزيف دماغي. بعد ثلاثة أيام، لفظت أنفاسها الأخيرة. وهكذا تحوّلت من فتاة مجهولة إلى أيقونة للغضب النسوي والشعبي في إيران.

كان أحمد رضا رادان من أبرز مهندسي القمع في تلك اللحظة. لا فقط لكونه قائدًا أمنيًا، بل لكونه من مدرسة أمنية تعتبر كل صوت مختلف تهديدًا وجوديًا. وهو الذي أطلق يد القوات الخاصة لإسكات الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، وأسفرت عن مئات القتلى وآلاف المعتقلين.

من هو “جزّار طهران”؟

رادان ليس اسمًا عابرًا في الذاكرة الإيرانية. الرجل الذي بدأ مسيرته في الحرس الثوري، تولى لاحقًا قيادة شرطة طهران، قبل أن يصبح قائدًا عامًا لقوى الأمن الداخلي. اسمه ارتبط بكل موجات القمع منذ احتجاجات الطلبة في 1999، وصولًا إلى انتفاضات 2009 و2019، ثم أخيرًا “ثورة مهسا”.

عُرف بتصريحاته المتطرفة، وتعنّته في فرض الحجاب الإجباري، وتبريره لاستخدام الرصاص ضد المتظاهرين. وتم إدراجه على قوائم العقوبات الأوروبية والأميركية بسبب “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.

سقوط الرأس الحديدي

مقتله، إن ثبت أنه نتيجة اغتيال داخلي أو تصفية متعمدة، سيكون مؤشرًا على اهتزاز داخلي حقيقي في قلب المنظومة الأمنية. كما أنه يحمل دلالة رمزية هائلة لشعب لم ينسَ كيف كانت صرخات ژينا تُقابل بالهراوات، وكيف كانت طهران تُدار كما يُدار سجن.

اليوم، وفي مدن كردية كـ مهاباد وسنندج، خرج شبّان وشابّات يطلقون الألعاب النارية. ليس احتفالًا بالموت، بل إعلانًا بأن العدالة – وإن تأخرت – قد تبدأ من نقطة سقوط “الجلاد”.

هل هي بداية نهاية منظومة القمع؟

مقتل رادان لا يعني بالضرورة تغيّر النظام، لكنه يفتح سؤالًا كبيرًا:

هل بدأت المنظومة الأمنية التي اعتقدت أنها باقية أبد الدهر تتآكل من الداخل؟

الشارع الإيراني، خاصة الكردي، لن ينسى أن مهسا كانت بداية ثورة، وأن قاتلها سقط، حتى لو بعد ثلاث سنوات. وربما، ستكون النهاية الحقيقية لمن قتلوا الأمل، حين يسقط النظام الذي حمَى القتلة.

يقرأون الآن