كأنّه لا تكفي اللبنانيين الأزمات التي يعيشونها وقد باتت تُسلب منهم أبسط حقوقهم بالعيش الكريم، حتّى امتدّت مجدّداً إلى ما يأكلونه من طعام، إذ كشفت «كبسات» مراقبي فرق الإقتصاد والتجارة عن وجود منتوجات غير مطابقة للمواصفات في الأسواق المحلية تتراوح بين الإهمال في عدم حفظها، وبين الغشّ والجشع بهدف جني المزيد من الأرباح.
اللافت في كبسات المراقبين في منطقة صيدا أنّها جاءت مفاجئة، ووسّعت نطاقها لتشمل مختلف القطاعات، حيث لم تعد محصورة بالسوبرماركت والمحلّات الغذائية، ولم يلتزم عدد من أصحابها بالتسعيرة الرسمية بل رفعوا الأسعار مزاجياً تحت ذريعة التقلّبات الكبيرة في سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء تمهيداً للتسعير به في المرحلة المقبلة وتصوير الأمر وكأنّه لصالح الزبائن.
«الكبسات» شملت هذه المرّة معامل الألبان والأجبان ومحال المواد الغذائية المختلفة، وكشفت عن إهمال في حفظ بعضها وغشّ في بعضها الآخر وبيع الثالث منها على أنّها لحوم لبنانية، ليتبيّن أنّها هندية ومبرّدة أو فاسدة وغير صالحة للأكل، فسطّرت فرق مصلحة الاقتصاد محاضر وأنذرت أصحابها لتصحيح الخلل قبل اتّخاذ إجراءات قانونية أخرى منها إقفالها وختمها بالشمع الأحمر.
واللافت أيضاً هو مسارعة بعض المعنيين إلى إصدار بيانات توضيحية تنفي حصول الأمر، بينما كشف مراقبون لـ»نداء الوطن» أنّ الكبسات تجري بمواكبة القوى الأمنية سواء من جهاز أمن الدولة والأمن العام وبالتالي فإنّ هؤلاء شهود على أرض الميدان، فضلاً عن مخابرة النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب لاتّخاذ الإجراء المناسب سواء بالإقفال أو حجز البضائع ومنع بيعها في الأسواق أو إعطاء مهلة ثلاثة أيام لتصحيح الخلل، فضلاً عن تحرير محضر ضبط بالمخالفة وتوقيع صاحب العلاقة عليه ما يؤكّد أنّها موثّقة بالدليل القضائي والأمني والقانوني.
وأوضح المراقبون أنّ إحدى «الكبسات» بيّنت وبالفحص الجرثومي وجود خمائر وأعفان في البضاعة، وفي أخرى وبالفحص الكيميائي دمج مادة النشا في اللبنة التي تباع على أنّها بلدية أي مصنوعة من حليب البقر الطازج، وفي ثالثة أنّها غير مطابقة للشروط الصحّية، إذ وجدت في الحليب حشرات وذباب وبرغش، فتمّ تحرير محاضر مخالفة بها من دون إقفالها بالشمع الأحمر وإنّما إعطاء أصحابها ثلاثة أيام لتصحيحها.
وقال الصيداوي محمود الزعتري لـ»نداء الوطن» وهو يشتري كيلو من اللحم البلدي: «لقد اعتدت الشراء من هذه الملحمة لأنّني زبون دائم فيها، ولم أبدّلها كما فعل غيري بحثاً عن الأرخص، لأنّ كلّ شيء أرخص من سعره في السوق عليه علامات استفهام كثيرة، لا أريد أن أُصاب بالتسمّم وأدفع الفرق في المستشفى والأدوية».
أمّا ربيع اليمن فقال: «دأبت منذ أشهر عدّة على شراء الحليب الطازج وتقوم زوجتي بإعداد اللبنة والجبنة في المنزل حفاظاً على صحّتنا، وهي أوفر بكلّ الأحوال وفيها بركة أكثر، في ظلّ الأزمات المتلاحقة انعدمت الثقة وباتت الأخلاق في خبر كان».
وتؤكّد مصادر طبّية أنّ الكثيرين من المواطنين شكوا أخيراً من الإسهال والتقيّؤ بسبب تناولهم طعاماً فاسداً أو غير محفوظ بطريقة سليمة خاصة مع الإنقطاع الدائم في التيار الكهربائي خلال الطقس الحارّ، وقد تراجعت هذه الحالات مع برودة الطقس ولكنّها لم تلغ الإصابة بطرف تسمّم غذائي، منها ما استدعى علاجه في المستشفيات ومنها في المنازل.