أثار تصريح وزير الخارجية الإيراني والدبلوماسي الإيراني البارز عباس عراقجي، الذي قال فيه إن "إيران ليست لبنان" وإن أي انتهاك لوقف إطلاق النار من قبل إسرائيل سيُواجه برد سريع وقوي، موجة من الردود والتعليقات في الأوساط السياسية والإعلامية.
ورأى عدد من المعلقين أن تصريح عراقجي يحمل إساءة ضمنية للبنان ويعكس نظرة استعلائية تجاه قدراته وموقفه في الصراع مع إسرائيل. واعتبروا أن استخدام العراقجي للبنان كمثال على "الضعف أو التردد" يُقلل من التضحيات التي قدمها اللبنانيون في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
في المقابل، دافع آخرون عن التصريح معتبرين أنه يأتي في سياق توضيح الفرق بين طبيعة الردع الإيراني وقدراته العسكرية، مقارنةً بسياقات إقليمية مختلفة، دون أن ينطوي بالضرورة على تقليل من شأن لبنان أو مقاومته.
وتواصلت التفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طالب ناشطون إيرانيون ولبنانيون بتوضيح رسمي من طهران حول ما إذا كان تصريح عراقجي يعبر عن موقف رسمي أم يُعد رأياً شخصياً.
الدعم الإيراني
منذ تأسيسه في مطلع الثمانينيات، شكّل حزب الله لاعباً محورياً في الساحة اللبنانية، بفضل شبكة دعم متعددة الأبعاد وفرتها له الجمهورية الإسلامية الإيرانية. هذا الدعم، الذي يجمع بين التمويل والتسليح والتدريب، ساهم في تحويل الحزب من تنظيم محلي ناشئ إلى قوة إقليمية تُحسب لها حسابات في ملفات الأمن والسياسة في الشرق الأوسط.
دعم عسكري واستراتيجي
تُعد إيران الداعم العسكري الأول لحزب الله، وقد وفرت له على مدى عقود منظومات تسليحية متنوعة، تشمل صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، طائرات مسيّرة، وأنظمة دفاع تقليدية وغير تقليدية. وتشير تقارير استخباراتية غربية إلى أن الحرس الثوري الإيراني لعب دوراً أساسياً في تدريب عناصر الحزب، سواء في إيران أو عبر مستشارين على الأراضي اللبنانية والسورية.
وبفضل هذا الدعم، تمكن حزب الله من ترسيخ معادلة "الردع" مع إسرائيل، وفرض واقع ميداني يمنح الحزب نفوذاً ليس فقط داخل لبنان بل في معادلات الصراع الإقليمي أيضاً، حتى تاريخ ليس ببعيد، فقد دمرت اسرائيل قدرات الحزب العسكرية كما المالية وتعمل يوميا على ملاحقة عناصره وقتلهم دون ان يلقى ذلك اي رد من هذا التنظيم.
دعم مالي واقتصادي
بالإضافة إلى الجانب العسكري، قدّمت إيران دعماً مالياً كبيراً لحزب الله، قدّرت بعض المصادر الغربية قيمته بمئات ملايين الدولارات سنوياً. هذا الدعم مكّن الحزب من إدارة شبكة مؤسسات اجتماعية وخدمية وتعليمية وصحية في مناطق نفوذه، ما عزز من شعبيته وجعل له حضورًا فعّالًا في المجتمع الشيعي اللبناني.
غير أن العقوبات الأميركية المشددة على إيران وحزب الله في السنوات الأخيرة أثّرت نسبياً على حجم هذا التمويل، ما دفع الحزب إلى اعتماد مصادر تمويل بديلة وإطلاق حملات محلية للتبرعات.
البعد السياسي والإقليمي
إيران لا تخفي دعمها لحزب الله، بل تعتبره جزءاً من ما تسميه "محور المقاومة" الذي يضم حلفاء لها في لبنان وسوريا والعراق واليمن. وفي المقابل، يقدّم حزب الله نفسه كجزء من هذا المشروع، وهو ما يُكسبه بعدًا سياسيًا يتجاوز الداخل اللبناني، ويضعه في قلب التوازنات الإقليمية.
لكن هذا الارتباط الوثيق مع إيران كان يثير انتقادات محلية ودولية. في الداخل اللبناني، يرى البعض أن العلاقة تضعف استقلالية القرار الوطني اللبناني، وتخلق حالة من الارتهان لمحاور خارجية. أما دولياً، فتعتبر قوى غربية وعربية أن حزب الله يُستخدم كذراع إيرانية لتوسيع النفوذ في العالم العربي، ما يهدد الاستقرار الإقليمي.