رأى الباحث في الشأن السياسي لطيف الشيخ، اليوم الأربعاء، أن ما جرى في قضاء خبات التابع لمحافظة أربيل، لا يمكن اختزاله بخلاف عشائري تقليدي، بل يحمل مؤشرات على تحولات داخلية أعمق قد تكون ذات طابع سياسي، في ظل مشهد غير مسبوق على مستوى المواجهة مع القوات الأمنية.
وقال الشيخ في حديث لـ“بغداد اليوم”، إن “خلافات سابقة بين العشائر في مناطق كردستان كانت تقتصر غالباً على نزاعات حول الأراضي أو مصادر المياه، لكنها لم تبلغ يوماً مستوى سقوط مناطق بالكامل واندلاع اشتباكات عنيفة مع القوات الأمنية، كما حدث ليلة أمس في خبات”.
وأضاف أن “بعض الأطراف السياسية ربما استفادت مما جرى، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها كانت وراء تحريك الأحداث، غير أن القراءة السياسية للمشهد تشير بوضوح إلى ضرورة أن يعيد الحزب الديمقراطي الكردستاني حساباته بشأن الأوضاع الداخلية”.
وأشار الشيخ إلى أن “ما جرى لأحد ضباط البيشمركة داخل أربيل، والاحتجاج الشعبي العنيف بمشاركة الرجال والنساء، يكشف عن نقمة متراكمة قد لا يكون الخلاف العقاري سوى غطاء لها، فالقضية تبدو أعمق، وتتصل على الأرجح بملفات سياسية واجتماعية مهملة”.
قضاء خبات، الواقع غرب محافظة أربيل، يتميز بتنوعه العشائري، وتحديداً وجود عشيرة الهركي التي تُعد من أبرز المكونات السكانية في المنطقة. تاريخياً، شهد القضاء نزاعات متفرقة تتعلق بملكية الأراضي الزراعية وتوزيع المياه، وهي قضايا متجذّرة في البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الريفي الكردي.
لكن في السنوات الأخيرة، ومع تزايد الضغوط المعيشية وغياب حلول جذرية لهذه النزاعات، بدأت بعض التوترات تأخذ طابعاً أكثر حدّة، خاصة مع تداخل المصالح العشائرية والسياسية. ويُعتقد أن هذه البيئة المتوترة تُستغل أحياناً من قبل أطراف متضررة من سياسات الحزب الحاكم في الإقليم (الحزب الديمقراطي الكردستاني) أو تلك الساعية لتصفية حسابات سياسية داخلية.
أما ما جرى مؤخراً في خبات، فقد تجاوز الخلافات التقليدية، بعد أن اندلعت مواجهات مسلحة عنيفة، أسفرت عن سقوط مناطق معينة بيد المحتجين، ووقعت اشتباكات مباشرة مع القوات الأمنية. هذا التطور غير المسبوق أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هناك جهة ما قامت بتحريك المشهد من وراء الستار، أو على الأقل سمحت بانفجاره بسبب تراكم الإهمال والمعالجات السطحية للمشكلات.