انكماش غير متوقع للاقتصاد البريطاني في مايو

انكمش الاقتصاد البريطاني في مايو الماضي، للشهر الثاني على التوالي، في الوقت الذي يكافح فيه المستهلكون والشركات للتعافي من آثار الضربة الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية وزيادة الضرائب في البلاد.

وذكر مكتب الإحصاء البريطاني أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد انخفض بنسبة 0.1 بالمئة في مايو بعد انكماشه بنسبة 0.3 بالمئة في الشهر السابق عليه. وكان المحللون الذين استطلعت وكالة بلومبرغ نيوز آراءهم توقعوا نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 بالمئة.

وتنذر هذه النسبة بانكماش الاقتصاد البريطاني على مدار الربع الثاني من العام، في انتكاسة جديدة لرئيس الوزراء كير ستارمر ووزيرة الخزانة ريتشل ريفز، بعد تعرضهما لسلسلة من الانتكاسات السياسية مؤخرا.

وانكمش قطاعا التصنيع (بنسبة 0.9 بالمئة) والانشاءات (0.6 بالمئة) في بريطانيا خلال مايو الماضي في استمرار لمسلسل التراجع من شهر "أبريل السيء" عندما تراجع ناتج القطاعين بأعلى وتيرة منذ عام ونصف في ظل الضغوط الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية وزيادة التكاليف التي تواجه الأسر البريطانية بسبب زيارة فواتير الطاقة وضرائب العقارات.

وتشكل هذه الأرقام ضربة لوزيرة المالية البريطانية، رايتشل ريفز، التي جعلت من إعادة تنشيط النمو الاقتصادي وخفض العجز المالي أهدافًا محورية لسياستها.

وارتفع قطاع الخدمات بنسبة 0.1 بالمئة فقط، فيما تراجعت تجارة التجزئة بنسبة حادة على مدار الشهر، في الوقت الذي حذر فيه أندرو بايلي، محافظ بنك انجلترا (البنك المركزي)، من أن الغموض الاقتصادي في البلاد يدفع الشركات إلى تأجيل استثماراتها.

يذكر أن الأسواق ما زالت تراهن على تحرك بنك انجلترا لخفض الفائدة في أغسطس المقبل ثم مرة أخرى بحلول نهاية العام، مع إجراء تخفيضات جديدة للفائدة خلال عام 2026.

وكانت المملكة المتحدة قد تعرضت لرسوم جمركية "متبادلة" بنسبة 10 بالمئة من إدارة ترامب، على الرغم من التوازن النسبي في علاقتها التجارية مع الولايات المتحدة في السلع، وإن كانت تسجل فائضًا كبيرًا في تجارة الخدمات، بحسب بيانات مكتب الإحصاءات البريطاني لعام 2024.

ورغم أن حكومة سترامر توصلت في مطلع مايو إلى اتفاق مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل خفض الرسوم الجمركية، وصدور مؤشرات خاصة بنشاط الشركات تشير إلى تزايد الزخم، من المتوقع أن يتعرض الاقتصاد البريطاني لضغوط خلال العام الجاري.

ورغم هذا الاتفاق، يواجه الاقتصاد البريطاني رياحًا معاكسة محلية. ولا يُتوقع تكرار النمو القوي البالغ 0.7 بالمئة الذي تحقق في الربع الأول – والذي يعزى إلى تسريع الأنشطة الاقتصادية تحسبًا للرسوم الأميركية – خلال بقية العام، حيث يُنتظر صدور التقديرات الأولية لنمو الربع الثاني في 14 أغسطس.

ويتوقع اقتصاديون أن يتباطأ النمو خلال ما تبقى من عام 2025 وسط ضعف سوق العمل واستمرار الضبابية الاقتصادية، بينما يتوقع بنك إنجلترا نموًا ضعيفًا لا يتجاوز 1 بالمئة خلال العام.

وقال سانجاي راجا، كبير الاقتصاديين المختصين بالمملكة المتحدة لدى "دويتشه بنك"، إن التوقعات الشهرية للنمو في مايو كانت تشير إلى تحسن طفيف، لكنه أبدى حذرًا حيال الأداء المستقبلي.

وأضاف راجا في تصريحات عبر البريد الإلكتروني: "إلى أين نتجه؟ بالمقارنة مع توقعاتنا الأساسية، ظهرت مخاطر هبوطية واضحة في تقديراتنا للربع الثاني من 2025 والعام بأكمله".

وتابع: "القراءة السلبية لناتج أبريل أعادتنا خطوة إلى الوراء، إذ تراجعت تقديراتنا للربع الثاني إلى نمو يتراوح بين 0.1 بالمئة و0.2 بالمئة مقارنة بالتوقع الرسمي البالغ 0.25 بالمئة، وهو ما يضع ضغوطًا هبوطية على توقعات النمو السنوي البالغة 1.2 بالمئة".

يقرأون الآن