أثار قرار لوزارة الأوقاف السورية بإخلاء مبنى سينما تاريخي في دمشق انتقادات واسعة على الشبكات الاجتماعية، بينما دعا ناشطون لاعتصام احتجاجي مساء الجمعة وسط خشية من فرض السلطات قيوداً إضافية على الأنشطة الفنية والثقافية.
وأصدرت مديرية أوقاف دمشق كتاباً رسمياً مساء الخميس طالبت فيه ورثة مستأجري "سينما الكندي" بإخلاء العقار خلال أسبوع.
وأورد القرار "يُفسخ عقد سينما الكندي ببدل 30 دولارا أميركيا سنويا لمساحة تتجاوز 700 متر مربع".
وقالت مديرية أوقاف دمشق إنها ستعمل على "إعادة تأهيل العقار ليكون مركزا ثقافيا يشع منه نور المعرفة والعلم"، في حين يبدي البعض خشية من تضييق حكومي على التجمعات الثقافية لصالح المراكز الدينية والدعوية.
وأثار القرار انتقادات واسعة وردود فعل متباينة، رغم أن البعض اعتبر الخطوة تصحيحا لوضع قانوني ومالي مجحف بحق أوقاف الدولة.
ودعا فنانون وكتّاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة في اعتصام عصر الجمعة، معتبرين أن تحويل السينما إلى مركز ثقافي "يمحو جزءا من ملامح دمشق الثقافية" و"يهدد المساحات العامة للفن".
واعتبر الكاتب عمار المأمون أن وزارة الأوقاف، بعد دورات "الرقية الشرعية"، قررت "تحويل سينما الكندي إلى مركز ثقافي"، متسائلا بسخرية "أليست السينما أيضا نورا وألوانا وأجسادا متحركة؟".
في المقابل، دافع آخرون عن القرار، معتبرين أن الإيجار الرمزي لا يعكس القيمة الحقيقية للعقار، وأن معظم عقود الأوقاف القديمة شابها فساد ورشى، مؤكدين أن السينما كانت مغلقة ومهملة ولم تواكب الأنشطة السينمائية.
ويقع المبنى في وسط دمشق التجاري والثقافي، واحتل موقعا بارزا قرب مقهى الهافانا الشهير ومحطة الحجاز الأثرية وسوق الحلبوني للكتب، وبجوار دور سينما قريبة.
وتأسست سينما الكندي في ستينات القرن الماضي في منطقة لطالما كانت تعج بالمكتبات ودور النشر والسينما، إلا أنها تحولت إلى مبنى شبه مهجور مع نشاطات فنية محدودة خلال السنوات الأخيرة.
ويأتي القرار في ظل مرحلة انتقالية تشهدها سوريا بعد سقوط نظام الأسد، وسط تزايد مخاوف المثقفين من صعود توجهات دينية محافظة قد تضيّق من هامش الحريات الفنية والثقافية في البلاد.
ومنذ الإطاحة بنظام الحكم السابق، توقفت النشاطات الفنية الدورية التي كانت تُنظمها دار الأوبرا في دمشق وتشمل عروضا مسرحية وموسيقية وفنونا راقصة ومعاصرة، باسثتناء عرضين موسيقيين فقط، في وقت استُخدمت الدار لنشاطات دينية واحتفالات رسمية.
وتنامت حالة من القلق بين سكان المدينة عقب اعتداءات على الملاهي الليلية والفضاءات الترفيهية وتجاوزات مرتبطة بالحريات الشخصية من عناصر تابعين لها، فيما تضع السلطات ذلك في إطار "تصرفات فردية".