لبنان

"لعب رئاسي" على المكشوف.. دار الفتوى لالتزام الطائف

اختباران امام الحكومة التي تصرّف الأعمال منذ ما بعد الانتخابات النيابية في ايار/مايو الماضي: العودة، غير المنتظمة الى المدارس الرسمية، بعد عطاءات، وصفها مسؤول نقابي بالمقبولة ولكن غير الكافية، فيما يمضي اساتذة في الملاك والتعاقد الى المضي في الاضراب نظراً لعدم الثقة، مضيفاً الى الشهرين الماضيين مزيداً من التعطيل على التلامذة.

واذا كان هذا الاختبار بالغ الحيوية، ليس فقط لوزارة التربية، بل ايضا لقدرة المكاتب الحزبية التربوية على الإمساك بناصية قواعد المدارس والمتعاقدين، فاذا الاختبار الثاني يتعلق بقدرة مؤسسة كهرباء لبنان على تنفيذ خطوة كبيرة من خطوات تأمين مستمر للتيار وفقا لأجندة صادقت عليها اللجنة الوزارية، على أن توفر لها عناصر امنية من قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني المواكبة والحماية.

واذا كان تسعير السلع الغذائية والخدماتية والخضار بالدولار الاميركي، مرتفعاً ما يقرب م الف ليرة لبنانية عن سعر الصرف في السوق السوداء سلك طريقه وسط قبول ونفور من المستهلكين، بانتظار انتظام من نوع ما، فإن المبارزة على جبهة المرحشين للرئاسة الاولى، ماضية في طريق الاشتباك، وإن بدا ان فريق 8 اذار عازم على كسر قواعد الجمود بالذهاب الى الجلسة للتصويت الى جانب النائب السابق سليمان فرنجية، في خطوة تنتظر مزيداً من المعلومات والمواقف ازاء مسار التصويت اذا حصل، والنتائج المحتملة لهذه الخطوة المحسوبة في حال الاقدام عليها بدقة من رئاسة المجلس النيابي.

ورأت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" ان ما سجل مؤخراً من مواقف في الملف الرئاسي يؤكد ان "اللعب اصبح على المكشوف" وقالت انه في الوقت الراهن المجال اكثر من مقفل، وهناك حاجة الى تبريد الاجواء قبل الدخول في اية محاولة جديدة.

ورأت هذه المصادر ان ما من طروحات جديدة في هذا الملف، ولن تتظهر قريباً لان الافرقاء قالوا ما لديهم ولا تبدل في المواقف السياسية، وتخوفت المصادر من ان يطول الشغور، بالتزامن مع انهيارات متتالية.

وكشفت ان اتصالات تجري، لكنها لا تصب في الاسراع بحسم الملف الرئاسي.

وبإنتظار الكلمة التي يلقيها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم الاثنين لمناسبة "يوم الجريح"، حرّك الرئيس نبيه بري المياه الراكدة بل المتجمدة للإستحقاق الرئاسي، بفتح باب الترشيحات والمنافسة لرئاسة الجمهورية رسمياً، عبر اعلانه الاسبوع الماضي ان مرشح ثنائي "امل" و"حزب الله" وحلفائهما هو رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، بعد اربعة اشهر من الغموض المقصود حول عدم اعلان مرشح هذا الفريق، مقابل رفع التحدي بوجه الفرقاء الآخرين العاجزين حتى الان عن التوافق على مرشح لإختيار مرشحهم، نتيجة الانقسامات والخلافات بين مجموعات المعارضات حول اي مرشح يطرحون.

عملياً فتح بري باب المنافسة بين مرشحين جديين عبر طلبه توافق المعارضات على اسم او اكثر وطرحه في جلسة انتخاية "وليفز من يفز" حسب قوله. وفي الوقائع العملية ايضاً، تفيد بعض المعلومات ان برّي استفاد مما سمعه من السفيرتين الاميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو، وماتسرّب عن الموقف السعودي، بأن الاطراف الثلاثة لامرشحَ محدداً لديهم وان ما يهمهم هو برنامج المرشح وان المطلوب ان تكون العملية الانتخابية لبنانية صرفة. لذلك ابدى بري استعداده لفتح جلسة انتخابية يتردد انها قد تكون قبل بداية شهر رمضان المبارك، برغم المعلومات المتناقلة عن صعوبة حصد اصوات كافية لفرنجية (65 صوتاً ومافوق) في حال استمر التيار الوطني الحر رافضاً ترشيح فرنجية، لكنه مع ذلك مضى في التحدي للمنازلة الرئاسية، ربما متكلاً على اصوات نيابية منفردة لفرنجية بينها اصوات بعض نواب التيار الحر، خاصة ان التيار لم يطرح بعد اي مرشح برغم "تسميع" رئيسه النائب جبران باسيل انه بات يفكر بالترشح للرئاسة، ما قد يقلب المعادلات مجدداً ويوسع باب المنافسة ولكنه يُشتت اكثر الاصوات النيابية بحيث يتعذر على باسيل الحصول على نسبة عالية اومعقولة من الاصوات!.

وفق هذه الاجواء، باتت اوراق المعركة الرئاسية مكشوفة واصبحت المواجهة واضحة ومكشوفة ايضاً بين خيارين يصعب اعتماد احدهما، واحد للثنائي وحلفائه وواحد أو اكثر للمعارضات، ما يفرض الذهاب الى خيار ثالث يكون مقبولاً من الاغلبية النيابية اومن نصف عدد اعضاء المجلس وما فوق، ويكون ايضاً مقبولاً من الدول العربية والاجنبية المعنية بالوضع اللبناني، وهذا الامر بدوره يعيد ابواب الحوار بين فرقاء الداخل وبينهم وبين دول الخارج المعنية بالوضع اللبناني.

وتقاطعت هذه الاجواء مع معلومات من مصادر حزبية متابعة عن قرب للإستحقاق الرئاسي، مفادها ان اللقاءات التي تجري مع بعض سفراء الدول المهتمة بالوضع اللبناني، أظهرت وجود "تشجيع" من المجتمع الدولي على إجراء حوار جامع بين القوى السياسية اللبنانية، سواء في المجلس النيابي او تحت قبة بكركي، للتوصل الى تفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية.

وقالت المصادر: اصبح هناك قرار بالتراجع عن ترشيح من لا يستطيع جمع 65 صوتاً وما فوق في المجلس النيابي حتى لا نضيع مزيداً من الوقت بلا طائل، لمصلحة مرشحين اخرين يمكن ان يحصدوا اصوات 65 نائباً، ويحملون برنامجاً اقتصادياً وتوحيدياً واصلاحياً واضحاً، ويتم اختيار واحد من بينهم.

واشارت المصادر الى اهمية ما يقوم به راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران انطوان بونجم لجمع القوى المسيحية للتوافق على مقاربة واحدة حول الاستحقاق الرئاسي، يذهب بها الجميع الى البرلمان لإنتخاب الرئيس. وقالت: انه سيواصل جولته على القوى المسيحية، وقد يلتقي مجدداً رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية بعدما التقى مؤخراً رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل، ورئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع (مرتان).

وفي هذا السياق، تردد ان بكركي ستوجه الدعوات إلى جميع النواب المسيحيين الى اجتماع، بعد تحضير جدول الأعمال والنقاط التي يمكن أن يتضمنها البيان الصادر عنه. وأضافت المعلومات أن كتلة الجمهورية القوية "ستبت موقفها مطلع الأسبوع بعد اجتماعها وانها تنتظر ان يحدد جدول اعمال الاجتماع ليُبنى على الشيء مقتضاه". وافيد ايضا ان التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق، أكدا المشاركة في الاجتماع.

وفي سياق رئاسي متصل، نفى الحزب التقدمي الاشتراكي ما قال ان بعض المواقع الاخبارية نسبت لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط انه قال لجريدة "الجريدة" الكويتية انه جمد مبادرته بانتظار التهدئة، وهو يركز على مرشح ثالث غير فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون.

واشار الحزب الى ان جنبلاط لم يُدلِ بأي تصريح للصحيفة المذكورة.

وفي المواقف، اعرب المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى "عن قلقه الشديد جراء تعثّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون انتخابه مدخلاً لحلّ وطني شامل، وأساساً لعودة الاستقرار والاطمئنان والثقة في الداخل ومع الخارج وخاصة مع الأشقاء العرب"، مؤكدا "انه لا بديل عن لبنان إلا لبنان. ولا بديل عن الوحدة الوطنية إلا بالوحدة الوطنية. ولا رسالة للبنان إلا رسالة الأخوة الإنسانية والمساواة في المواطنة على قاعدة العيش المشترك". من أجل ذلك، دعا المجلس الشرعي الإسلامي "المجلسَ النيابي والقيادات السياسية والحزبية على اختلافاتها وتعدداتها الى تفاهم وطني يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية يحمي الدستور، ويلتزم بصدق اتفاق الطائف ويحتمي به، ويعمل على تقوية أواصر الوحدة الوطنية ويستقوي بها" .

وقال البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة قداس الاحد: يتعثر انتخاب رئيس للجمهورية، لأنه، وبكل اسف يدور الخلاف حول إنتمائه إما لفئة الممانعة، كما يسمى، وإما لفئة السيادة. والحل الوحيد هو في الخروج من هذه المعادلة، والعمل من قبل الشعب على انتخاب رئيس وطني متحرر من كل إرتباط وانحياز وفئة ومحور.

اضاف:هذا هو الرئيس الذي يحتاجه لبنان لكي يكسب ثقة الجميع في الداخل، وثقة كل الدول في الخارج، ولكي يتمكن هذا الرئيس من قيادة الإصلاحات اللازمة والمطلوبة من أجل نيل المساعدات الدولية والإقليمية.هذه هي أولوية الأولويات والضرورات التي يذكر بها النائبان المعتصمان في المجلس النيابي زملاءهم النواب منذ ثلاثين يوما. أما السعي إلى تمديد الشغور الرئاسي من أجل أهداف مبطنة منافية للهوية اللبنانية، فهو الإمعان في تكبير حجم الجريمة: بهدم مؤسسات الدولة، واضطهاد المواطنين اللبنانيين بافقارهم وتهجيرهم من وطنهم، وحرمانهم من تحقيق ذواتهم على أرض الوطن، ومن المساهمة في بنيانه، مثلما يفعلون في بلدان أخرى استضافتهم. من واجب من يتعاطى الشأن السياسي العمل الجدي على تجديد العقد الإجتماعي الضامن للتنوع الثقافي والديني بين اللبنانيين على أسس من الحداثة وإزالة الخوف المتبادل. فيتطلع الجميع، أفرادا وجماعات، إلى مستقبلهم الوطني بأمل وثقة، ويتشاركون بروح المسؤولية في صياغة دور ريادي للبنان في العقود المقبلة، مستثمرين ما يملكه من خصوصيات وميزات تفاضلية وقيم حضارية.

على الصعيد التربوي، أعلن الاساتذة المتعاقدين الثانويين في المدارس الرسمية في بيان، العودة الى التدريس اليوم الاثنين، وطلبوا من المديرين فتح المدارس بمن حضر، وقالوا في بيانهم: تعليم أولادنا ورزق عائلاتنا هما الكرامة بحد ذاتها، خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي خسر فيها المتعاقد مستحقات 3 أشهر ووقع على عاتقه وحده دفع فواتير الاضراب.

وأضاف البيان: لو أن أساتذة الملاك يعانون ما نعانيه من حرمانهم رواتبهم عند الاضراب لما أضربوا لحظة واحدة ونقطة على السطر. فالكرامة لا تتجزأ، ويبدأ قبل كل شيء بالتضحيات الجسام التي حملها ويتحملها على مضض جميع المتعاقدين.

بالمقابل، دعا أساتذة في ملاك التعليم الثانوي /لجنة الاقضية، الاساتذة الى الحضور الى الثانويات اليوم من اجل التوقيع (على الحضور) فقط مع الامتناع عن التدريس، وقالوا في بيان: بعدما  تنصلت الروابط من تعهداتها، وبعدما أمعنت في انتهاك النظام الداخلي، وبما أن قرار العودة قرار مصيري ويجب أن يصدر عن الجمعيات العمومية حصرا وبما أن قرار العودة المذل يعد غطاء للفساد المستشري في الدوائر التربوية، ها نحن اليوم ندعو الزملاء الأساتذة إلى التوقيع اليوم الاثنين في الثانويات مع الامتناع عن التدريس.

كما دعوا الهيئة الإدارية إلى الاستقالة فورا، "لأنها أصبحت عاجزة عن إدارة المرحلة الراهنة، وفقدت الثقة بها"، وتمنت المشاركة الحاشدة  في الاعتصام المركزي أمام وزارة التربية.

إلا ان رابطة الهيئة الادارية لموظفي الادارة العامة اعلنت الاستمرار بالاضراب لمدة اسبوعين يمتد ليوم الجمعة الواقع فيه 17 اذار/مارس 2023، وتنفيذ اعتصام ومؤتمر صحفي الاربعاء في 15 اذار/مارس 2023، وشددت على التمسك بمطالبها لا سيما زيادة الرواتب والاجور والمعاشات التقاعدية راتبين اضافيين وادخالها مع الزيادة السابقة، في صلب الراتب وتحويلها الى دولار على منصة لا تزيد على 15 الف ليرة لبنانية وهو السعر الرسمي المعلن للدولار.

جريدة اللواء

يقرأون الآن