كمل مشروع «مسبار الأمل» 5 سنوات منذ انطلاقه في 20 يوليو 2020، ليشكّل بذلك محطة مفصلية في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة ومسيرتها العلمية، حيث انطلق المشروع من مركز «تانيغاشيما» الفضائي في اليابان، على متن صاروخ «H-IIA»، حاملاً معه طموحات دولة الإمارات في أن تكون أول دولة عربية وإسلامية تصل إلى مدار المريخ.
وفي 9 فبراير 2021، دخل المسبار بنجاح مدار الكوكب الأحمر، لتصبح خامس مهمة في التاريخ تنجح في الوصول إلى المريخ من المحاولة الأولى، وتمثل المهمة العلمية للمسبار نقطة تحول في دراسة الكوكب الأحمر، إذ يهدف إلى تقديم أول صورة شاملة ومتكاملة للغلاف الجوي المريخي، على مدار اليوم وفي مختلف المواسم، حيث استطاع المسبار رصد التغيرات المناخية اليومية والموسمية، وتحليل العلاقة بين الطبقات العليا والدنيا من الغلاف الجوي، إلى جانب قياس معدلات فقدان الهيدروجين والأكسجين، وهما العنصران الأساسيان في تكوين الماء، مما ساعد العلماء في فهم أسباب تآكل الغلاف الجوي للمريخ عبر الزمن.
وتمكّن مسبار الأمل منذ انطلاقه من إرسال أكثر وجمع أكثر من 5.4 تيرابايت من البيانات، التي أتيحت مجاناً للعلماء والباحثين حول العالم عبر منصة إلكترونية مفتوحة، يديرها مركز محمد بن راشد للفضاء، وأصدر أكثر من مليون ملف، أتيحت جميعها مجاناً لأكثر من 200 جهة علمية وبحثية حول العالم، بالإضافة إلى إتاحتها للطلبة والباحثين المهتمين بعلوم الفضاء، عبر منصة البيانات العلمية الخاصة بالمشروع. كما رصد المسبار ظواهر غير مسبوقة، من بينها ملاحظات مفصلة عن الشفق المريخي، والتغيرات المفاجئة في درجات الحرارة، مما فتح آفاقاً جديدة للبحث العلمي حول طبيعة الكوكب الأحمر، حيث لم يكن مسبار الأمل مجرد مشروع علمي، بل تحول إلى منصة وطنية لبناء الكفاءات البشرية، إذ أشرف على تصميمه وتطويره أكثر من 200 مهندس وباحث إماراتي، نصفهم من النساء، مما يجعله نموذجاً يحتذى به في تمكين الشباب والمرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
بيانات غير مسبوقة
ونجح المسبار في جمع بيانات غير مسبوقة عن أنماط الطقس وتوزيع الغبار ودرجات الحرارة، إلى جانب مراقبة نسب الأكسجين والهيدروجين في الغلاف الجوي للمريخ، حيث تُعد البيانات مصدراً علمياً مفتوحاً للباحثين في مختلف أنحاء العالم، مما يعزّز من القيمة العلمية للمهمة الإماراتية، وقدم المشروع مساهمات كبيرة للمجتمع العلمي الدولي، حيث نشر أكثر من 18 ورقة علمية وبحثية في مجلات علمية عالمية ومرموقة، تدعم دراسات الباحثين والعلماء في العالم وتعزّز نمو الأبحاث التي يجريها الطلاب والعلماء والباحثون الإماراتيون.
كما تمكن المشروع من رصد ظواهر مناخية وجغرافية، بعضها يُعد الأول من نوعه على مستوى العالم، أبرزها حجب المريخ لجزء من حزام «الجبار»، إلى جانب توفير الخرائط اليومية للغبار والجليد على مدار عام مريخي كامل، بوساطة بيانات رصدها المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، مما يتيح إجراء التحليلات، وتعميق فهم البشرية للتغيرات اليومية للغبار والجليد في الغلاف الجوي للكوكب الأحمر. علاوة على ذلك، تمكن المسبار من توثيق التغيرات الموسمية في النصف الشمالي للكوكب الأحمر، شملت الفصول الأربعة.
أجهزة علمية
يحمل مسبار الأمل 3 أجهزة علمية مبتكرة هي، كاميرا الاستكشاف الرقمية EXI التي تلتقط صوراً ملونة عالية الدقة لكوكب المريخ، وتستخدم أيضاً لقياس الجليد والأوزون في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، كما شمل المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS، الذي يقيس درجات الحرارة وتوزيع الغبار وبخار الماء والغيوم الجليدية في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، والمقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية EMUS، ويقيس الأكسجين وأول أوكسيد الكربون في الطبقة الحرارية للمريخ والهيدروجين والأكسجين في الغلاف الخارجي للمريخ.
وعمل مسبار الأمل من خلال بياناته العلمية على تحقيق 3 أهداف علمية رئيسة لمهمة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، تشمل فهم عوامل الغلاف الجوي السفلي، وفقدان الغلاف الجوي العلوي، والرابط بين الاثنين، وستساعد هذه الأهداف في الكشف عن أسرار الغلاف الجوي المريخي وكيف يفقد غلافه إلى الفضاء، وجاء إطلاق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ مسبار الأمل تتويجاً لجهود نقل المعرفة وتطويرها، التي بدأت عام 2006، في مركز محمد بن راشد للفضاء، وهو ثمرة تعاون وثيق بين فريق من العلماء والباحثين والمهندسين الإماراتيين، وشركاء دوليين في جميع أنحاء العالم، لتطوير القدرات اللازمة لتصميم وهندسة مهام فضائية.
الوزن
يبلغ وزن مسبار الأمل نحو 1350 كيلوغراماً، أي ما يعادل سيارة دفع رباعي صغيرة، وقد قام بتصميمه وتطويره مهندسو مركز محمد بن راشد للفضاء بالتعاون مع شركاء أكاديميين، بما في ذلك مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء في جامعة كولورادو في مدينة بولدر جامعة ولاية أريزونا وجامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي، وأسهم المشروع في زيادة الإقبال على تخصصات STEM العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الجامعات الإماراتية، ودفع المؤسسات التعليمية إلى تطوير برامج فضائية ومراكز أبحاث تخدم رؤية الدولة المستقبلية.
الاتحاد الاماراتية