إثر المستجدات الخطيرة في السويداء، تصدّر اسم الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في السويداء حكمت سلمان الهَجَري العناوين، إذ كان رأس حربة في مواجهة اندلعت بين الدروز من جهة، والقوات الحكومية وعشائر البدو من جهة أخرى. فماذا نعرف عنه؟.
الشيخ حكمت الهَجَري هو أحد مشايخ العقل الثلاث في السويداء، إلى جانب الشيخين يوسف الجربوع وحمّود الحناوي. وُلد في فنزويلا، وعاد إلى سوريا واستقر بمحافظة السويداء، ويتخذ من بلدة قنوات مقراً له.
تولى الهَجَري الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية في عام 2012 خلفاً لشقيقه الشيخ أحمد سلمان الهَجَري، الذي توفي بحادث سير يقال إنّه "غامض". وثمّة من يتهم نظام بشّار الأسد بالوقوف خلفه.
المفارقة كانت دعم الهَجَري للنظام السوري السابق. فحينما زار الأسد قنوات مقدّماً واجب العزاء للعائلة بوفاة الشيخ أحمد سلمان الهَجَري، ألقى الشيخ حكمت كلمة أمامه، عبّر فيها عن دعمه لمسيرة النظام قائلاً: "تحوّل هذا الموقف (العزاء) إلى فرح، حضرتك الأمل، أنت بشار الأمل، بشار الوطن، بشار العروبة والعرب، الله يطوّلنا بعمرك ويأخذ بيدك".
أثار دعم الهَجَري لنظام الأسد جدلاً بين الموحدين الدروز، خلافاً لشقيقه الراحل الذي عُرف بموقفه المعارض للنظام السوري السابق. لكن، بدأ موقف الهَجَري من نظام الأسد يتبدّل في عام 2021، بعدما أهانه لؤي العلي، رئيس فرع السويداء في الأمن العسكري. بعدها، طالب الهَجَري بإقالة رؤساء الأفرع الأمنية في السويداء. وصار موقفه أكثر تشدّداً ضد الأسد مع انتفاضة رفع الدعم في 2023، حين رفع النظام السوري الدعم عن المحروقات والطحين. دعم الشيخ الهَجَري التظاهرات التي انطلقت ضد الأسد في ساحة الكرامة بالسويداء، وتبنّى شعاراتها التي طالبت بإنهاء الفساد، وتحقيق العدالة، وضمان الحريات العامة.
ومع بدء انهيار نظام الأسد، أيّد الهَجَري إسقاطه، وحينها لاقى مقاتلون دروز الفصائل التي وصلت إلى دمشق من الشمال ودرعا. كما دعم الانتقال السياسي، لكنه رفض الإعلان الدستوري الذي أصدرته الإدارة الجديدة، واعتبره "إعلاناً ديكتاتورياً لا يمثل الشعب السوري"، مطالباً بدستور ديموقراطي تشاركي تضعه جهات وطنية من مختلف المحافظات السورية.
لم تستقر علاقته بدمشق. وبعد فترة من تولي أحمد الشرع الرئاسة السورية، توترت العلاقة أكثر، فلم يزر الهَجَري الشرع. ثم تعمّق الانقسام بين الهَجَري والسلطات السورية الجديدة بعد رفضه الاتفاقات التي جرت لتسليم السلاح وتطويع عناصر دروز في القوات الحكومية السورية والسماح للأخيرة بدخول السويداء. كذلك اتسعت الهوة بينه وبين الشيخين الجربوع والحناوي اللذين أبديا انفتاحاً على السلطات الجديدة، ومعهم الشيخ ليث البلعوس، قائد حركة رجال الكرامة – المضافة.
عقد اتفاق في السويداء، لكنه لم يطبّق، ولم يُسمح للأمن العام بالانتشار داخل المدينة، بسبب رفض الهَجَري للاتفاق، فتوترت العلاقة أكثر إلى أن وصل الأمر به للمطالبة بحماية دولية وعدم الاعتراف بالسلطات السورية، حتى وقع الاشتباك الأعنف في السويداء.
ويحكى عن علاقة "مشبوهة" بين الهَجَري وموفق الطريف، رئيس الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، ويقول المحللون إن الهَجَري كان يقصد إسرائيل عند طلبه الحماية الدولية. لكن تمثيل الهَجَري لا يتعدى ثلث الدروز في محافظة السويداء، وفقاً لما يقوله مصدر درزي من السويداء لـ"النهار"، مضيفاً: "كان الوجهاء الاجتماعيون والروحيون الآخرون، كالجربوع والحناوي والبعلوس ويضاف إليهم الأمير حسن الأطرش، ذات تمثيل واسع. لكن الاشتباكات التي حصلت في الآونة الأخيرة والهجمات الني نفّذتها القوات الحكومية والموالون لها والانتهاكات التي ارتكبت ضاعفت مشاعر الكراهية ودفعت عدداً كبيراً من موحدي السويداء إلى الاصطفاف بجانب الهَجَري ورفض موالاة الحكومة السورية".