يعاني فلسطينيو بلدة حوارة في الضفة الغربية المحتلة من تصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين الأمر الذي يبث في قلوبهم الخوف من الذهاب إلى المدرسة أو العمل أو حتى السوق المحلية.
خلال السنوات الماضية، تصاعدت وتيرة العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين في حوارة التي تقع بالقرب من نقطة تفتيش على طريق سريع بين مدينتي رام الله ونابلس بالضفة الغربية يربط بين أربع مستوطنات إسرائيلية قريبة.
يحكي غازي شحادة، وهو عامل زجاج يبلغ من العمر 58 عاما، بينما يقوم بإصلاح الزجاج في واحد من عشرات المنازل التي تعرضت للتخريب:"عشت في حوارة طيلة حياتي..هذه الهجمات ليست جديدة لكنها أصبحت أكثر حدة".
وأضاف: "أريد أن أمشي من دون خوف. أريد أن أستمتع برحلة خارج البلدة. لا أستطيع فعل ذلك بعد الآن. سيرشقنا (المستوطنون) بالحجارة أو يطلقون النار علينا. لا نجرؤ على المغادرة بعد الآن لأن المستوطنين موجودون في الشوارع".
وسجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 849 هجوما شنها مستوطنون العام الماضي أسفرت عن ضحايا أو أضرار في الممتلكات في أنحاء الضفة الغربية، وهو أعلى عدد يعلنه المكتب منذ أن بدأ رصد الهجمات في عام 2005.
لكن القضية لاقت صدى عالميا بعد الهجوم الذي شنه مئات المستوطنين في حوارة يوم 26 شباط /فبراير ردا على إطلاق مسلح من حماس النار على أخوين إسرائيليين من مستوطنة هار براخا القريبة بينما كانا يجلسان في سيارتهما.
ولقي فلسطيني حتفه في أعمال الشغب وأضرم المستوطنون النار في عشرات المنازل والسيارات. وأعلن مصدر في الشرطة اعتقال 15 مستوطنا قبل أن تفرج السلطات عن معظمهم لعدم كفاية الأدلة، فيما لا يزال اثنان رهن الاعتقال الإداري مع استمرار التحقيقات.
وانتقدت أحزاب في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعمال العنف ودعت الإسرائيليين إلى الاحتكام للقانون لتطبيق العدالة. ووصف أحد كبار قادة الجيش أعمال العنف بأنها "مذبحة".
لكن بعد أيام من الهجوم، قال وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش المسؤول عن بعض جوانب إدارة إسرائيل للضفة الغربية إنه يجب "محو" حوارة، قبل أن يتراجع عن التصريح.
من جهتهم، يعتبر المستوطنون حوارة "قرية إرهابية". وقال ناتي روم محامي المشتبه بهم الذين اعتقلتهم السلطات بعد الهجوم إن المستوطنين يواجهون عنفا مستمرا من الفلسطينيين الذين يلقون الحجارة على سياراتهم ويحرضون على العنف عبر وسائل التواصل الاجتماعي والخطب في المساجد.
وتنتشر حول حوارة مستوطنات تقطع أواصر المجتمعات الفلسطينية وتبعدها عن أراضيها. ويتأرجح الوضع بين العنف وفترات الهدوء النسبي عندما يرتاد الإسرائيليون الأعمال الفلسطينية في البلدة لشراء البضائع أو تغيير إطاراتهم بتكلفة رخيصة.
وتنتشر اللافتات المكتوبة باللغتين العربية والعبرية على طول الطريق الرئيسي، حيث بات يمكن أيضا رؤية الجدران المحترقة وأكوام الزجاج المهشم. ويقف الجنود خلف المتاريس ويصوبون أسلحتهم باتجاه السيارات المارة التي تحمل لوحات ترخيص إسرائيلية وفلسطينية.
وقال كايد عوض، عضو بلدية حوارة وصاحب متجر لأدوات المراحيض "نحن نعيش وسط قلق"، بينما كان يلقي نظرة سريعة على الشاشة المثبتة فوق مكتبه وتعرض لقطات من كاميرا المراقبة.
وأضاف عوض أنه نجا من هجوم للمستوطنين العام الماضي، عندما حطم شبان باب المتجر الزجاجي وكسروا الأحواض وضربوه بالعصي والأنابيب.
ويقول الفلسطينيون إن مثل هذه الهجمات تمثل جزءا من حياتهم اليومية، لكنها تفاقمت بسبب عدم تدخل القوات لوقفها أو مشاركتهم بأنفسهم فيها.
وقد عبرت جهات دولية عن مخاوف بشأن مدى فعالية تعامل الشرطة مع هجمات المستوطنين قبل التصعيد الحالي بفترة طويلة. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير له في كانون الثاني/ يناير: "بعض هجمات المستوطنين تحدث في وجود القوات الإسرائيلية أو من خلال دعمهم".
ووفقا لمنظمة ييش دين الإسرائيلية الحقوقية فإن 93 بالمئة من التحقيقات المتعلقة بعنف المستوطنين في الضفة الغربية بين عامي 2005 و2022 أغلقت دون توجيه اتهام.