خاص

في لحظة مصيرية يمر فيها لبنان، أطلّ الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم في تصريحات اعتبرها عدد كبير من النواب والشخصيات السياسية والدينية تلامس حدود تعريض لبنان لحرب أهلية وإثارة النعرات الطائفية.

بعد ساعات من زيارة أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني الى بيروت، والتي كثرت حولها التحليلات والتأويلات والتساؤلات حول رسائلها وأهدافها الداخلية والخارجية، هاجم قاسم الحكومة، على خلفية قرارها بحصرية السلاح بيد الدولة، وقال: اتخذت الحكومة قراراً خطيراً، وخالفت العيش المشترك، محذراً من أنها تعرض البلد لأزمة كبيرة جداً. وهي تحمل كامل المسؤولية عن أي فتنة داخلية، وتخليها عن واجبها في الدفاع عن أرض لبنان. نحن لا نريد الفتنة، ولكن هناك من يعمل لها. الحكومة تنفذ الأمر الأميركي الإسرائيلي بإنهاء المقاومة، ولو أدى ذلك إلى حرب أهلية وفتنة داخلية.

مواقف رأى فيها الكثيرون انها تعرض لبنان واللبنانيين للخطر وانها تخفي في طياتها نوايا مبيتة غير سليمة في عهد يتم التعويل عليه لإعادة السيادة الى الدولة اللبنانية، وسحب السجادة من تحت أقدام الدولة الفارسية بعد أن أحاكت مخططاتها عليها بتقنية عالية، وحوّلت بلد الارز الى ساحة مستباحة على مدى سنوات طويلة. 

السكوت عن الحق من الآن وصاعدا لم يعد مقبولا، ولأن التسلح بالدستور والقانون واللجوء الى القضاء هو الطريق الأسلم، قرر عدد من النواب والشخصيات السياسية التقدم بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية، ضدّ الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، على خلفية تصريحاته الأخيرة. وكلّف المجتمعون النائب أشرف ريفي القيام باتصالات مع نواب آخرين للتقدّم معهم بالشكوى الجزائية المذكورة ضد قاسم وكل من يظهره التحقيق شريكا محرّضا وفاعلا.

 وفي حديث لموقع "وردنا"، قال رئيس حزب "حركة التغيير" اللبناني إيلي محفوض ان قاسم يرأس منظمة مسلحة خارجة عن القانونين المحلي والدولي، ومدرجة على لوائح الارهاب في أكثر من دولة. ورغم ان حزبه ممثلا في البرلمان والحكومة، لكن هذا التمثيل داخل الدولة يهدف الى الانقضاض عليها. من هنا، منذ مدة، نراقب تصريحات قاسم التي تناقض كل المعايير والقوانين والدستور اللبناني، لكن التصريح الأخير لامس حد التحريض والحرب الاهلية في لبنان. لذلك، وجدنا انه لا يمكن بعد اليوم السكوت عن هكذا تصريحات، ونحن لا نملك الا لغة القانون والدستور واللجوء الى المؤسسات القانونية. وتم تحضير شكوى جزائية وقعها أمس رؤساء أحزاب ونواب، والاسبوع المقبل سنتوجه بها الى القضاء اللبناني.

وفي هذا السياق، استهجنت "جبهة العمل الإسلامي" ما وصفته بـ"الكلام المجحف والجائر والمفتري والمضلّل وغير الوطني" الصادر عن جهات اعتبرتها تابعة للمشروع الأميركي، والتي قررت الادعاء على الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بتهمة التحريض على الحرب الأهلية وغيرها من الافتراءات، معتبرة أن هذه الأفعال تتماشى مع "مطالب العدو اليهودي الصهيوني".

وردّ محفوض على هذه الاتهامات، بالقول: نحن نلجأ الى القضاء، ونطلب منهم اللجوء الى القضاء. واذا ثبت له ان هذه الاتهامات بحقنا صحيحة، فلتؤخذ التدابير اللازمة في هذا الاطار. نحن لا نريد تصفية الحسابات، انما نلجأ الى القضاء، الى مؤسسات الدولة بعكسهم.

وفي السنوات القليلة الماضية حيث كانت تصل رسائل تهديد مباشرة وغير مباشرة الى القضاء والى القاضي طارق البيطار الذي ينظر في قضية انفجار مرفأ بيروت الذي أوقع في 4 آب/ أغسطس 2020، 214 قتيلا ومئات الجرحى. لا بد من التساؤل هنا: هل يمكن أن تصل هذه الدعوى الى مبتغاها؟ وهل يمكن أن نرى شخصيات كرؤساء الأحزاب تمثل أمام القضاء؟ وفي حال حصل ذلك، ألا يعرض السلم الأهلي للخطر؟.

أجاب محفوض: تعلمنا بعض الامثال من جدودنا مهمة جدا، وتطبق على أرض الواقع اليوم، ومنها:  "ما في شجرة وصلت لربها، وما في طير طار وعلا". لا أعتقد أن نعيم قاسم أهم من الرئيس السوري السابق بشار الاسد الذي بين ليلة وضحاها لم يعد موجودا. هذا لا يعني اننا لا نمد اليد، ونقول حتى اللحظة اننا نمد يدنا للبننة هذا الحزب، وندعوه ليحل جناحه العسكري والأمني، وينضوي تحت سقف الدستور كسائر المكونات في لبنان. نأمل خيرا لأن رئيس الجمهورية على قدر المقام، سيادي بامتياز، ورئيس الحكومة شجاع، وهناك تشكيلات قضائية جديدة، ولم يعد أي عنصر يتجرأ على الدخول الى العدلية وتهديد القضاة. وبالتالي، لا شيء يحول دون اتخاذ كافة الاجراءات القانونية. ليس من باب التشفي أو الانتقام انما انفاذا لبنود قانون العقوبات.

واعتبر محفوض انه ليس كلما تحرك شخص في القضاء تجاه شخص آخر، يجب ان نتخوف من بيئته وجماعته. أي خلل أمني في هذا الاطار، سيقوم الجيش اللبناني والقوى الأمنية بالواجب. ورأينا كيف تصرف الجيش بعد ان صدرت القرارات الحكومية بشأن حصرية السلاح. الكل سواسية تحت سقف القانون. الامور تعود الى مسارها الطبيعي تدريجيا، والقضاء سيقوم بدوره. المشاركون في الشكوى سيحضرون الى العدلية للدفع والسير بها بحسب ما تقتضيه الاصول المعمول بها.

يقرأون الآن