منذ أيام، تقدّمت "الجبهة السيادية" بدعوى قضائية ضد الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، على خلفية تصريحات اعتُبرت تحريضية ومخالفة للقانون. الدعوى التي وُضعت أمام مدعي عام التمييز أثارت تبايناً واسعاً في المواقف بين من يراها خطوة طبيعية لإعادة الاعتبار لدور الدولة، وبين من يعتبرها بلا أساس قانوني وتشكل استفزازاً سياسياً وطائفياً.
رئيس "حركة التغيير" المحامي إيلي محفوض، أوضح عبر "وردنا" أنّ "الدعوى كانت أمام مدعي عام التمييز، على أن تُحال إلى أحد أجهزة الضابطة العدلية"، لافتاً إلى أنّ "محامياً قد كُلّف لمتابعة الملف هذا الأسبوع". وقال محفوض: "الدعوى تسلك مسارها الطبيعي في القضاء، والهدف منها رسالة واضحة بأن الدولة عادت إلى ممارسة مهامها ووظيفتها، وكل من يخالف القوانين يجب أن يُلاحق وفق الأصول". وأضاف: "أقوال نعيم قاسم تندرج ضمن مخالفة قانون العقوبات، إذ هو يستجرّ الحرب ويدمّر لبنان. نحن قمنا بواجبنا، والكرة اليوم في ملعب القضاء".
أما النائب أشرف ريفي، فاعتبر في اتصال مع "وردنا" أنّ "عنوان نعيم قاسم غير واضح لتبليغه بالدعوى، ولن يُعثر عليه لأسباب أمنية". وقال: "حقنا الطبيعي أن نلجأ إلى مثل هذه الخطوة، والدعوى لها بعد معنوي وسياسي". وأشار ريفي إلى أنّه "منذ أسبوعين تم الادعاء عليّ بتهمة إثارة النعرات الطائفية، واليوم أُجيب بالمثل عبر القضاء". وتابع مهاجماً: "الشيخ نعيم قاسم خرج عن الثوابت الوطنية، شكك بالجيش اللبناني، فمن نصّبه ليقيم الحكومة ويُملي عليها ما عليها أن تفعله؟ ثم هدد بالشارع". وختم بالقول: "الأمور تُنظَّم بالدولة لا بالدويلة، والدولة ستنتصر".
في المقابل، قدّم المحامي قاسم حدرج مقاربة معاكسة عبر "وردنا"، مؤكداً أنه يتناول الدعوى "من وجهة نظر قانونية خالصة بعيداً عن أي انتماء سياسي". وقال: "نُسب إلى سماحة الشيخ نعيم قاسم إثارة النعرات الطائفية والتسبب بمخاطر نشوب حرب أهلية. لكن الوقائع التي سردها المدعون لا تتناسب بالمطلق مع القالب القانوني للجرم. فالشيخ نعيم قاسم، بصفته شخصية مسؤولة تمثل طائفة تشكل ثلث سكان لبنان وتتعرض لمخاطر وجودية، لم يهدد، بل حذّر من تداعيات قرارات حكومية قد تضر بالأمن الوطني".
وتابع حدرج: "أما موضوع النعرات الطائفية، فالشيخ لم يأتِ على ذكر أي طائفة بكامل خطابه، بل تناول قراراً حكومياً وحذّر من انعكاساته. والحديث عن خطر نشوب حرب أهلية أمر مضحك مبكٍ، إذ من سيواجه حزب الله لكي تنشب حرب أهلية؟ نحن نعلم أن كل الميليشيات سلّمت سلاحها منذ اتفاق الطائف. والشيخ قاسم أثنى على الجيش اللبناني ودعا الحكومة إلى عدم الزج به في هذا الصراع، محذّراً من الانزلاق إلى مزيد من التأزم".
وهاجم حدرج الجهة المدعية قائلاً: "من تقدم بهذه الدعوى ارتكب أكثر من جرم، أولاً باستهداف شخصية برمزية موقع الشيخ نعيم قاسم، ما يشكل استفزازاً للبيئة الشيعية. وثانياً لأن هذا التكتل الذي يسمّي نفسه سيادياً ليس سوى تجمع طوائف جمعتها مصلحة العداء للمقاومة. بل يمكن القول إن هؤلاء هم من يثيرون النعرات الطائفية".
وأضاف: "الشكوى برأيي لا تستحق أصلاً أن تُقبل. بل على العكس، هي تشكل خدمة مجانية للعدو الإسرائيلي. فمن يقدّم إخباراً ضد الأمين العام لحزب الله، المعني المباشر بالمواجهة مع العدو، يقع تحت طائلة المادة 285 من قانون العقوبات التي تجرّم الدعاية لصالح العدو أثناء الأعمال الحربية، وأيضاً المادة 4 من قانون مقاطعة إسرائيل. فالصحافة الإسرائيلية ستتغنى بأن لبنانيين يطالبون بنزع سلاح حزب الله، وهو مطلب إسرائيلي – أميركي بامتياز".
وختم حدرج بالتأكيد: "لدينا ثقة تامة بعدالة ووطنية مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجّار، الذي سيحفظ هذه الدعوى لعدم وجود أي جرم، بل لكونها تحمل أبعاداً خطيرة تخدم العدو أكثر مما تخدم الدولة".