بيئة

تونس... تسرّبات متكرّرة لغازات سامّة في قابس تثير هلع السكان

تونس... تسرّبات متكرّرة لغازات سامّة في قابس تثير هلع السكان

تشهد محافظة قابس جنوب شرقي تونس موجة متصاعدة من القلق الشعبي، إثر تكرار حوادث تسرب الغازات السامة من مصانع المجمع الكيميائي، ما تسبب في حالات اختناق جماعية وأعاد الجدل حول المخاطر الصحية والبيئية لهذه الوحدات الصناعية.

والسبت، سجّلت منطقة "شط السلام" بمحافظة قابس، حالات اختناق جماعية في صفوف أكثر من 40 تلميذا، ما استوجب نقلهم بشكل عاجل إلى المستشفيات، وذلك عقب تسربّ غازات سامة من مصانع المجمع الكيميائي القريب من المنطقة.

وأوضح المجلس المحلّي بمدينة قابس، في بيان الأحد، أن أغلب التلاميذ قد غادروا المستشفى، باستثناء أكثر من 10 حالات مازالت ترقد داخله تحت المراقبة نظرا لخطورة الأعراض، مشيرا إلى أن المضاعفات التي تم تسجيلها جراء تسرب الغاز غير مسبوقة، مقارنة بالحوادث السابقة التي اقتصرت على ضيق التنفس فقط.

ودعا المجلس، إلى ضرورة فتح بحث جدي وعاجل لتحديد طبيعة هذا الغاز ومحاسبة المتسببين، وكذلك إيقاف هذه الوحدات الصناعية فورا دون أي تأخير، والشروع في برنامج شامل للتأهيل والصيانة، مؤكدّا أن هذه الوحدات استوفت عمرها الافتراضي وأصبحت مهدّدة لوجود السكان، لافتا إلى أن الحوادث التي حصلت، تؤكدّ أن الوحدات الصناعية الملوثة لم تعد مجرد مصدر غازات خانقة، بل أصبحت خطرا مباشرا على الحياة قد يقود من حالات اختناق إلى الشلل أو حتى الموت.

واقترح المجلس وضع خطة وطنية عاجلة لإنهاء نشاطها تدريجيا عبر مراحل وبآجال مضبوطة والعمل على منوال اقتصادي بديل يحتوي العمال ويفتح آفاق للتنمية والاستثمار ارتكازا على مقومات وخصائص الجهة

والأسبوع الماضي، شهدت بلدة غنوش بمحافظة قابس، حادثة مماثلة، حيث تم تسجيل 10 حالات اختناق، بسبب استنشاق الغازات المنبعثة من المجمع الكيميائي التونسي، بعد أيام فقط من تسجيل 25 حالة اختناق، لنفس الأسباب.

وخلّفت هذه الحوادث حالة من القلق والهلع في صفوف السكان، من الخطر الذي أصبح يهدد حياتهم بشكل يومي، مطالبين بوضع حدّ لذلك أو بنقل الوحدات الصناعية للمجمع الكيميائي التونسي الى مكان بعيد عن الأحياء السكنية أو بغلقها.

وفي هذا السياق، أطلق عدد من الأهالي نداءات استغاثة، إلى السلطات المسؤولة، من أجل التدخل ووضع حد لهذه الغازات الملوثة التي تسببت في مشاكل صحية للمواطنين وأضرار بيئية، من أجل تفادي كوارث أكثر خطرا في المستقبل.

وعبّرت سهيلة بقلوطي وهي ربّة بيت و أمّ لـ3 أطفال من قابس، عن استيائها من الوضع، وقالت لـ"العربية. نت" و"الحدث.نت"، "الوضع لم يعد يطاق، نحن نعيش في كابوس، الناس لم تعد قادرة على تنفس هواء نقي"، مضيفة "الأمر لا يتعلق بالروائح الكريهة المنبعثة من الغازات السامة، بل بحياة مهدّدة، أطفالنا يختنقون أمام أعيننا، ما يحدث هنا جريمة في حق أبناء المدينة، لم نجن من هذه المصانع إلا الأمراض، لا بدّ من قرار شجاع لإيقافها".

ويطالب أهالي محافظة قابس والمجتمع المدني، منذ سنوات بتفعيل قرار حكومي صادر سنة 2017 بتفكيك الوحدات الصناعية الملوثة داخل المجمع الكيميائي، لما تسبّبه من أضرار صحيّة وبيئية جسيمة.

وفي السياق ذاته، حذّرت منظمّة "أوقفوا التلوّث" من المخاطر المتزايدة المتأتية من المنطقة الصناعية بالمجمع الكيميائي، بسبب غياب معايير السلامة الكافية واهتراء الوحدات المنتصبة منذ أكثر من 50 سنة وغياب الصيانة، والتي أصبحت من خلالها التسربّات أكثر حدّة وتواترا، وتمثل خطرا جديا على صحة المواطنين وأرواحهم.

ودعت المنظمة في بيان، إلى ضرورة فتح تحقيق جدّي وعاجل في ملابسات التسربات الغازية السامة ومحاسبة المسؤولين عنها، وتنفيذ قرار تفكيك الوحدات الملوثة، ووقف المشاريع الكيميائية المبرمجة لتركيز الامونياك والهيدروجين في قابس.

ويشكّل المجمّع الكيميائي في مدينة قابس جنوب شرق تونس مصدر تلوث بيئي كبير في المنطقة، إذ قاد المجتمع المدني لسنوات طويلة حراكا للمطالبة بنقل المصانع خارج المنطقة بعد أن تسببت الغازات المنبعثة منها في أضرار جسيمة للحياة البرية والبحرية، فضلا عن تصاعد نسب الإصابة بالأمراض السرطانية والتنفسية والجلدية في صفوف السكان.

ويوفّر موقع المجمع الكيميائي في قابس نحو 57 في المئة من الإنتاج الوطني لحمض الفسفور الذي يستخدم في الصناعات المعدنية، وتلك الخاصة بمواد التنظيف والأسمدة، وإنتاج المياه الغازية.

يقرأون الآن