لبنان

خاص "وردنا" - آخر كلام عن الحد الأدنى للأجور... هل من توجّه لرفعه قبل نهاية العام؟

خاص

يشكّل ملف الحد الأدنى للأجور في لبنان واحداً من أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تتفاعل مع كل أزمة مالية يعيشها البلد. فمنذ اندلاع الانهيار الاقتصادي عام 2019، تراجع المستوى المعيشي بشكل حاد، فيما بقيت الأجور رهينة قرارات حكومية جزئية لا تواكب حجم التدهور الحاصل. واليوم، وبعد رفع الحد الأدنى إلى 28 مليون ليرة، يطرح السؤال الجوهري: هل يكفي هذا المبلغ لتأمين حياة كريمة للبنانيين؟

في هذا السياق، يوضح صادق علوية، عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في حديث لـ"وردنا" أن المشكلة الأساسية تكمن في تغيير الحكومة لآلية تحديد الأجور. ففي السابق، كان مرسوم واحد يصدر لتحديد كل من الحد الأدنى للأجور وبدل غلاء المعيشة معاً. أما اليوم، فقد تم الفصل بين الأمرين، ما أدى إلى خلل في التراتبية والأقدمية بين العمال في القطاعين العام والخاص. ويعطي مثالاً: "إذا كان موظف يتقاضى 20 مليون ليرة وزميله 25 مليوناً، فإن تحديد حد أدنى بـ22 مليوناً يجعل الاثنين متساويين، ويلغي الفوارق الطبيعية بينهما".

ويضيف علوية أن المبلغ المقرّ حالياً لا يغطي سوى الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة، من دون احتساب تكاليف السكن أو الغذاء أو الكهرباء أو المياه أو الاتصالات. ويصفه بالقول: "هو مبلغ يكفي السجين للبقاء على قيد الحياة، لكنه لا يكفي إنساناً لديه مسؤوليات عائلية واجتماعية".

أما عن سبب تهرّب الحكومات المتعاقبة من إقرار بدل غلاء المعيشة، فيرى أن معظم الوزراء هم إما أصحاب عمل، أو قريبون من أصحاب العمل، ما يجعل الحكومة منحازة بشكل دائم إلى جانب أرباب العمل، بدلاً من أن تكون طرفاً محايداً بين العمال وأصحاب المؤسسات.

ويشير علوية إلى أن الحد الأدنى المنطقي الذي يسمح بالعيش بكرامة يجب أن يتراوح بين 80 و90 مليون ليرة شهرياً، وهو الرقم الذي يطالب به الاتحاد العمالي العام. لكنه يلفت إلى أن الاتحاد العمالي يواجه صعوبة في الضغط الحقيقي، إذ يقتصر دوره على المطالبات والتحركات الرمزية، في ظل ضعف الثقافة النقابية في لبنان وسيطرة الانقسامات السياسية التي تجعل أي تحرك واسع أكبر من قدرات الاتحاد.

وبالنسبة إلى إمكان إقرار زيادة جديدة قبل نهاية العام، يشكك علوية في ذلك، معتبراً أن الحكومة لم تُظهر بعد نية جديّة لإصدار مرسوم عادل لبدل غلاء المعيشة. وبرأيه، فإن استمرار الوضع الحالي يجعل لبنان في مصاف الدول ذات الدخل المنخفض جداً، خلافاً لتصنيف البنك الدولي الذي يضعه في مرتبة أعلى.

هكذا، يبقى ملف الأجور في لبنان عالقاً بين قرارات ترقيعية لا تلبّي متطلبات العيش الكريم، وبين غياب سياسة عادلة توازن بين حقوق العمال ومصالح أصحاب العمل.

يقرأون الآن