لبنان

هل يكون "الحزب" التالي بعد "حماس"؟

هل يكون

على وقع اقتراب نَفاد الوقت الذي مُنح لـ «حماس» للردّ على خطة الرئيس دونالد ترامب في شأن إنهاء حرب غزة، ووقوفِ الحركة أمام معضلةِ عدم إمكان قبولها كما هي ولا رفْضِها بعدما قُّدمت من واشنطن على طريقة take it or leave it «وما بعدها الطوفان» أو «برد وسلام»، يرتسم مَسارُ توازٍ خفيّ بين محاولة إخماد «تسونامي النار» في القطاعِ الذي يطفئ بعد 5 أيام «شمعةَ» العام الثاني على زجّه في «المحرقة»، وبين ما يُخشى أنه يُحاك للبنان الذي بات منذ 2023 مَحْكوماً بما سيرسو عليه «اليوم التالي» على الجبهة التي اقتيد إلى «فوهتها» مع «معركة الإسناد» التي أطلقها «حزب الله» في 8 أكتوبر وفق ما ورد في "الراي" الكويتية.

وفي الوقت الذي تَقترب «حماس» من «ساعة الحقيقة» وسط ملامح سعيٍ إلى كَسْبِ وقتٍ عبر محاولتها تعديل بعض البنود أو إبداء الرغبة في استيضاحها، وهو ما اعتبرتْه مصادر سياسية رهاناً ضمنياً على أن تقوم إسرائيل بالخطوة الأولى للإطاحة بالخطة، فإنّ مصادر مطلعة أبدتْ خشيةٌ كبيرة من أن يكون لبنان أصبح أسير قضية سلاح «حزب الله» التي تحوّل أشبه «منشار» يُنْذِر بأن تدفع البلاد ثمنه، في حال خروج غزة من الحرب على متن «حمّالة» خطة ترامب أو إذا دَخَلَ القطاعُ آخِر فصول «جهنّم» بانهيارها.

وإذ تحوّلتْ خطةُ ترامب الناظمَ الرئيسي لِما بعد حرب غزة وما بعد «حماس»، وتالياً الإطار الذي سيَحْكُمُ القطاع سياسياً وأمنياً وعسكرياً، سواء تطلّب ذلك اعتماد القوةِ من إسرائيل التي منحتها واشنطن مسبقاً «مباركتَها» أم سلّمتْ الحركةُ به «دون مقاومة»، فإن المصادر ترى أن الهوامشَ باتت ضيّقة جداً أمام لبنان الذي أصبح في قلب «ممرّ الفيلة» حيث يتسابق مسارا الصِدام الأخير في غزة و«إطفاء النار» لمرة واحدة وأخيرة بمقترح الإدارة الأميركية.

وتُبْدي هذه المصادر المخاوف من أنه سواء أُفشلت خطة ترامب أو نجحت، فإن لبنان أمام خطرٍ هائل، لأن حزب الله هو «التالي» إذا تم الانتهاء من «حماس» وفق منطوق الخطة، كما أن الحزبَ مرشَّح لأن يوضع على الخَط نفسِه مع الحركة لـ «إنهائها» بالضربة التي تتوعّد تل أبيب وواشنطن بأنها ستكون قاضية في حال رَفَضَتْ ملاقاة مشروع السلام بـ «هيئة» 20 بنداً.

غراهام

واعتبرتْ المصادر نفسها أن الأكثر تعبيراً عن «الأوعية المتصلة» بين مساريْ ومصيريْ حماس والحزب، كان منشور السيناتور الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام الذي أعرب فيه عن أمله الشديد بـ «أن تقول حماس نعم على اقتراح الرئيس ترامب لإنهاء الصراع في غزة والذي يتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن»، قبل أن يضيف «لا يمكن التطبيع في الشرق الأوسط إلّا بإبعاد«حزب الله»عن طاولة المفاوضات».

وتابع: «لا يمكن لشرق أوسط أن يكون طبيعياً بوجود«حزب الله»، لأنّ هذا الحزب هو جماعة إرهابية متعصبة دينياً، يدها ملطخة بدماء الأميركيين، وهي ملتزمة بتدمير إسرائيل».

وتوجّه غراهام إلى دول المنطقة قائلاً «إذا كنتم تريدون التطبيع، فانزعوا سلاح حزب الله بطريقة أو بأخرى».

واكتسب كلام غراهام، وهو الحليف الوثيق للرئيس ترامب، أهميته لأنه معطوف على مواقف للأول سبق أن تحدث فيها عن «خطة ب» لنزع سلاح «حزب الله»، إذا لم يحصل ذلك عبر خطة الحكومة اللبنانية، وقوامها «أن الولايات المتحدة وشركاءها مستعدون للانتقال إلى خيارات أخرى أكثر حزماً، بما فيها استخدام الوسائل العسكرية».

وما جَعَلَ موقفَ غراهام يثير قلقاً بالغاً في بيروت أنه يترافق مع مناخاتٍ تشدُّدِ تراكُمية من «حزب الله» في ملف سلاحه عبر رفضه العلني لتسليمه، بالتوازي مع إطلاقه في الأيام الأخيرة عملية ارتدادٍ على مَسار تفكيك ترسانته الذي أطلقتْه حكومة الرئيس نواف سلام، عبر ضرْب هيبة الدولة على صخرة الروشة وتَسبُّبه بارتفاع «الجدران» بين سلام ورئيس الجمهورية العماد جوزف عون، ثم محاولته «تصفيح» الانتخابات النيابية المقبلة (مقرَّرة في مايو) أمام أي خروقٍ للكتلة الشيعية «الكاملة» كما لـ «الثلث الذهبي» المعطّل (43 نائباً) وايضاً لرئاسة زعيم «أمل» نبيه بري للبرلمان، بالإمساك بهذا الاستحقاق من «عنق» اقتراع المغتربين ساعياً إلى خَنْقِ أصوات مئات الآلاف منهم بمعركة «القانون النافذ».

وبحسب المصادر السياسية عيْنها، فإن كلّ هدفٍ يسجّله «حزب الله» في مرمى الدولة وعملية سَحْبِ سلاحه يسدّده واقعياً ضد نفسه، حيث تَشي المرحلة من حول «بلاد الأرز» بأنّ ما كُتب للمنطقة قد كُتب وأن وَقْفَه لن يكون ممكناً، وتالياً أنه يتعيّن على الحزب استخلاصَ عِبَرِ ما حصل في غزة ولحماس التي انتهتْ وحيدةً لأن إيران التي وَجَدَتْ نفسها تنزلق إلى «عاصفة النار» باتت عملياً في «حربِ بقاءٍ» وأقصى ما يمكنها تحقيقه هو حفظ نظامها ولو على حساب استخدام آخِر أوراقها وأذرعها ولو تكررت غزة في لبنان.

وفي حين اعتبرت المَصادرُ أن الخطر يرتفع على لبنان كلما ازدادت مؤشرات تراجُع مسار سحب السلاح، وقد مضت إسرائيل أمس في استهدافاتها حيث نفذت غارة في منطقة كفرا الجنوبية تسببت بسقوط شخص وجرح 5 آخَرين، دعت إلى رصْد سلوك السلطات الرسمية في بيروت بإزاء عملية تفكيك ترسانة الحزب التي احتجبت في الأيام الأخيرة وراء صخرة الروشة التي بدت «رأس جبل جليدِ» مُكاسَرةِ السلاح في الداخل.

لا تسليم للسلاح

ولم يكن عابراً أمس إعلان رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش «أن الحزب تعافى ويستعد لمواجهة التحديات»، مؤكداً أن «المقاومة لن تسلّم سلاحها».

وفي ما يتعلق بمسألة حصر السلاح بيد الدولة، أشار إلى «أننا أعلنا مواقف صلبة وحاسمة بعدم تسليم السلاح، ومن يواجهنا سنخوض معه معركةً كربلائية، وكان لهذه المواقف أثرٌ كبير في إرباك الأعداء، فجمّدوا اندفاعهم». وأضاف: «لن نقبل أن تُنزع منا قوتنا وأهمّ عناصر الدفاع عن وجودنا ووجود لبنان خدمةً لأميركا وإسرائيل، ولن نقبل أن يكون الجيش أداةً يتم تسليحها لمواجهة المقاومة» بحسب "الراي" الكويتية.

يقرأون الآن