دولي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

بسلاح التواصل الاجتماعي.. كيف انتصر الفلسطينيون على إسرائيل في أميركا؟

بسلاح التواصل الاجتماعي.. كيف انتصر الفلسطينيون على إسرائيل في أميركا؟

على جبهة لم تتوقعها إسرائيل، انتصر الفلسطينيون على الرواية الإسرائيلية بخصوص حرب غزة في قلب الأراضي الأمريكية، وهو أمر أثار قلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي تطرق إلى ما أسماه حملة التضليل التي تتعرض لها إسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي، وأبدى ترحيبه بشراء الولايات المتحدة منصة "تيك توك أمريكا" في محاولة لتعديل صورة إسرائيل في قلوب الشباب الأمريكي.

ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريراً مطولاً رصدت فيه كيف تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى واحدة من الأسلحة النادر التي هزم فيها الفسطينيون الرواية الإسرائيلية. فبعد نحو عامين من الصراع، باتت وسائل التواصل الاجتماعي توثق بشكل متزايد الخسائر اليومية في غزة، في وقت تتبدل فيه نظرة الرأي العام الأميركي تجاه الحرب.

وبحسب استطلاع نيويورك تايمز وسيينا، فإن 34% من الأميركيين يتعاطفون الآن مع الإسرائيليين، مقابل 35% مع الفلسطينيين، فيما قال 31% إنهم مترددون أو يتعاطفون مع الطرفين على حد سواء.

كما أظهر الاستطلاع أن أغلبية الناخبين الأميركيين يعارضون تقديم مساعدات إضافية لإسرائيل، في تحول كبير عن الموقف الذي أعقب هجمات 7 أكتوبر.

اجتاحت صور الفلسطينيين الفارين من الغارات الإسرائيلية، والباحثين بين أنقاض المباني المنهارة عن أحبائهم، والمراقبين لخراب مدنهم، حسابات الأميركيين على منصات التواصل طوال العامين الماضيين.

لكن في الأشهر الأخيرة، ومع تفاقم المجاعة في غزة، انتشرت على «تيك توك» و«إنستغرام» و«إكس» مقاطع تُظهر أطفالاً هزيلين يتوسلون الطعام ويبحثون عن ماء نظيف، ما أعطى الجمهور الأميركي رؤية مباشرة للأثر الإنساني المدمر للحرب.

هذا التحول في المحتوى الرقمي تزامن مع تغيّر مواقف الأميركيين من إسرائيل. فوفقاً لاستطلاع نيويورك تايمز وجامعة سيينا هذا الأسبوع، انحاز الأميركيون لأول مرة منذ 1998 أكثر إلى الفلسطينيين من الإسرائيليين.

وأظهر الاستطلاع أن التراجع في التأييد سببه بالأساس انخفاض حاد في دعم الناخبين الديمقراطيين لإسرائيل، بينما بقي الجمهوريون مؤيدين لها إلى حد كبير، وإن مع انخفاض طفيف أيضاً.

يقول خبراء إن عوامل عدة تفسر التحول، لكن لوسائل التواصل دور واضح، إذ أصبحت الحرب موضوعاً أساسياً في النقاشات الرقمية. وأوضح إيمرسون بروكينغ، مدير الاستراتيجية في مختبر «الأبحاث الجنائية الرقمية» التابع لمجلس الأطلسي، أن «الموقف الإسرائيلي القائل بأنه بلد يخوض حرباً دفاعية ويحاول تقليل الخسائر المدنية، يتآكل كل يوم مع تدفق المزيد من الأدلة المصورة».

وأطلقت إسرائيل حملات عبر حسابات وهمية للتأثير على مشرعين أميركيين، خصوصاً من الديمقراطيين والسود، بينما نشرت حماس لقطات من هجمات 7 أكتوبر وسيطرت على حسابات رهائن إسرائيليين.

في الأشهر الأولى بعد الهجمات، أظهرت استطلاعات نيويورك تايمز أن الأميركيين كانوا أقرب إلى إسرائيل، بنسبة 47% مقابل 20% مع الفلسطينيين. لكن مع مرور الوقت، استخدم الفلسطينيون «إنستغرام» و«تيك توك» لرواية قصصهم بأنفسهم، فيما نشر مصورون صحفيون صوراً يومية للدمار.

ورغم صعوبة التوثيق بسبب مقتل عشرات الصحفيين وتشريد الفلسطينيين، ما تزال شبكة من المصورين مثل وسام نصار ومعتز عزايزة تنشر صوراً بانتظام. كلاهما يملك جمهوراً واسعاً على «إنستغرام». وفي وقت قريب، نعيا زميلهما المصور يحيى برزق الذي قُتل في قصف إسرائيلي على مقهى بغزة. وهذه المنصات شديدة الشعبية بين الشباب الأميركي، وهم الأكثر معارضة لمساعدات إضافية لإسرائيل. وأظهر الاستطلاع أن نحو 70% من الأميركيين تحت 30 عاماً يرفضون تقديم مساعدات عسكرية أو اقتصادية إضافية، بصرف النظر عن انتمائهم الحزبي.

واتهم مشرعون إسرائيليون وأميركيون منصة «تيك توك» بالترويج المتعمد لمحتوى مؤيد للفلسطينيين، لكن الشركة نفت ذلك مؤكدة أنها محايدة وتمنع المحتوى المعادي للسامية.

في المقابل، فشلت محاولات إسرائيلية للوصول للجمهور عبر الإنترنت، إذ قال بروكينغ إن الحكومة الإسرائيلية بدت كأنها «تتخلى عن الإقناع» لصالح محاولات تعطيل النشر الفلسطيني عبر استهداف أبراج الاتصالات والإنترنت في غزة.

ازدادت تعقيدات تشكل المواقف أيضاً بسبب حملات التأثير، والصور المولدة بالذكاء الاصطناعي، والروبوتات التي تبث محتوى منحازاً. وقالت آمي سبيتالنِك، المديرة التنفيذية للمجلس اليهودي للشؤون العامة: «هناك رابط مباشر بين تصاعد الاستقطاب في قضايا مثل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي وبين الطريقة التي يتم فيها تعزيز التفكير الصفري ونظريات المؤامرة على وسائل التواصل الاجتماعي».

الأسبوع الماضي، تحدث نتنياهو عن قوة وسائل التواصل في الحرب. ففي اجتماع مع مؤثرين أميركيين في القنصلية الإسرائيلية بنيويورك، وصف المنصات بأنها «أهم سلاح تملكه إسرائيل لتأمين قاعدتها من الدعم في الولايات المتحدة». واتهم منظمات غير حكومية وغيرها بنشر رسائل معادية لإسرائيل وللسامية عبر هذه المنصات، مشيراً إلى أن «تيك توك» هو الأداة الأهم للتأثير، يليه «إكس».

يقرأون الآن