التطورات السياسية والأمنية تتلاحق بوتيرة سريعة في المنطقة، وأبرزها موافقة حركة حماس على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة بعد عامين من الحرب المدمرة، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول موازين القوى في المنطقة، ومصير سلاح الفصائل المتواجدة على الاراضي اللبنانية خصوصا حركة حماس التي لا تزال تعتبر ان تسليم سلاحها يتطلب المزيد من التفاوض والضمانات.
إذا، لبنان في عين العاصفة الاقليمية المستجدة، ولا يمكن فصل المفاوضات الجارية حاليا في شرم الشيخ بشأن غزة وتسليم سلاح حركة حماس، عن الساحة اللبنانية التي تشهد بدورها تحولات ومنعطفات داخلية، تشكل تحديا للسلطة، وأبرزها ملف حصرية السلاح بيد الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، ومن ضمنها السلاح الفلسطيني في المخيمات كافة.
إنطلاقا من هذا الواقع المستجد، فإن التساؤلات تكثر حول مصير سلاح "حماس" في المخيمات الفلسطينية في لبنان إذ يعتبر البعض ان لا جدوى من الاحتفاظ بالسلاح على الأراضي اللبنانية في حين تتجه الامور الى حلّ سياسي أو تهدئة وتسليم سلاح في غزة إلا اذا كان هناك نية إقليمية بإبقائه في المخيمات لافتعال تصعيد إقليمي أو حتى لخلق أزمة داخلية لبنانية لأهداف سياسية أو لتنفيذ أجندات خارجية.
ولا شك، ان الأنظار تتجه الى الدولة اللبنانية في كيفية تعاطيها مع ملف السلاح الفلسطيني في ضوء المستجدات في غزة اذ أن هذا الملف يعكس قدرتها ومصداقيتها أمام المجتمع الدولي الذي يرى ان الدول في المنطقة تقوم بخطوات سريعة للانخراط في مسار شرق أوسط جديد فيما لبنان لا يزال متأخرا في خطواته البطيئة والخجولة.
وسط كل ذلك، هناك حديث عن ان سلاح حركة حماس خارج غزة ومصير قادتها سيكون مطروحا على طاولة المفاوضات في مراحلها اللاحقة في إطار حل شامل في المنطقة، بمسعى من الأطراف او الدول التي تلعب دور الوسيط بين إسرائيل و"حماس". وهذا ما يفسر تأكيد ترامب أكثر من مرة أنه يرغب في التوصل الى إتفاق لوقف الحرب في قطاع غزة، على أن يكون الخطوة الأساسية لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط. "سلام طال انتظاره" بحسب تعبيره.
المتحدّث باسم حركة "حماس" وليد الكيلاني، أشار في حديث لموقع "وردنا" الى انه "لم يتم الحديث الى اليوم عن تسليم السلاح رغم انه من ضمن بنود خطة ترامب. الحركة أوضحت ان تسليم السلاح ليس واردا لدى المقاومة، وطالما هناك احتلال هناك مقاومة. وقلنا مرارا حين يصبح هناك دولة فلسطينية قادرة، ولها حدود معترف بها، وجيش يحميها، تنتفي الحاجة للسلاح وللمقاومة. أما في لبنان، الموضوع مختلف كليا. أولا، ليس لدى الحركة أي سلاح نوعي أو ثقيل، وهو مرتبط بعودة الفلسطينيين الى فلسطين. ثانيا، نحن من خلال لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني، نناقش كل الملفات بما فيها ملف السلاح، لكن هذا الملف الحساس والقديم (قبل أن تنشأ حركة حماس) يحتاج الى حوار على أمل الوصول الى نقاط مشتركة مع الاشقاء في لبنان. نحن منفتحون على الحوار".
وأوضح انه "عندما عقد لقاء مع رئيس لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني السفير رامز دمشقية، قلنا ان السلاح يعود الى كل الفلسطينيين وليس فقط الى حركة حماس. وبالتالي، يتطلب قرارا جامعا، ونخرج بمخرجات جيدة للاجىء الفلسطيني وللدولة اللبنانية. القضية الفلسطينية ليست عبارة عن قطعة سلاح يجب تسليمها. يجب أن يكون هناك سلة متكاملة من موضوع التملك الى العمل وأمن المخيمات والمطلوبين والكثير من القضايا العالقة، الى حين عودة الفلسطيني الى أرضه ووطنه"، كاشفا في حواره مع "وردنا" انه "كان يجب أن تجتمع كل الفصائل لمناقشة موضوع السلاح تحديدا، لكن لم تتم الدعوة، ولا زلنا ننتظر طرح الرؤية الفلسطينية الكاملة حول اللاجىء الفلسطيني في لبنان".
وعن المفاوضات الجارية حاليا في شرم الشيخ، والأجواء المتفائلة التي تصدر عنها حتى ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يقول إنه يسمع أمورا مشجعة للغاية من محادثات إنهاء الحرب في غزة، لفت الكيلاني الى ان "المقاومة جاوبت على 9 بنود من أصل 20 بندا في خطة ترامب. أما البنود الاخرى فهي قيد الدرس مع كل الفصائل الفلسطينية، وتم تأجيلها الى مرحلة لاحقة. النقاش اليوم في شرم الشيخ يتمحور حول: وقف إطلاق النار، والانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى، وإدخال المساعدات الانسانية الى القطاع. هذه الملفات الاساسية التي تناقش حاليا أما من يحكم القطاع لاحقا، وملف تسليم السلاح، كل ذلك لم يطرح حتى الآن على طاولة المفاوضات. المقاومة إيجابية الى حد ما، لكن السؤال الأهم: هل سترضى حماس في الخروج من القطاع؟ هذا غير وارد نهائيا. نحن ننتظر الانتقال الى المرحلة الاخرى من التفاوض، ولا نستبق الامور لنبني على الشيء مقتضاه خصوصا اننا تعودنا على اسرائيل التي تتملص من الاتفاقيات".