مقالات

خاص "وردنا" - زاد الطلب ٨٠٠٪.. مَن يرسم الحدود لحرية الطاقة الشمسية في لبنان؟

خاص

مع تكرار الانقطاعات في مختلف قطاعات الطاقة وحرمان اللبنانيين من خدماتها في مجالات متعددة، زاد الاعتماد على الطاقة الشمسية بشكل ملحوظ. في السنوات الأخيرة، ارتفع الطلب عليها بنسبة تقارب 800%، وسط حاجة اللبنانيين الماسة إلى مصدر طاقة بديل ومستدام. هذا الوضع يطرح تساؤلات مهمة: ما هي استراتيجية الدولة لتنظيم هذا القطاع سريع النمو؟ وما هي الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على هذا التوسع غير المسبوق في استخدام الطاقة الشمسية؟

أوضح جورج خوري، المستشار في وزارة الطاقة، في حديث لموقع "وردنا"، أن الطاقة الشمسية في القانون تنقسم إلى قسمين. القسم الأول يشمل المشاريع التي تقل قدرتها عن 1.5 ميغاواط، ويوجد آلية لتنظيمها لا تزال في طور الإعداد وسيُعلن عنها عند اكتمالها. أما القسم الثاني فيتجاوز قدرته 1.5 ميغاواط، ويشمل ما يُعرف بالمزارع الشمسية، حيث تتولى الهيئة الناظمة، التي أُنشئت حديثًا، منح الرخص وفقًا للقانون رقم 426. وتشمل مهام الهيئة تنظيم وخصخصة القطاع، والفصل بين الإنتاج والتحويل والتوزيع، بالإضافة إلى إلغاء الحصرية في الإنتاج.

وأشار الخبير الاقتصادي خليل خوري في حديث لموقع "وردنا" إلى أن أسعار الطاقة الشمسية في تراجع مستمر، في ظل تعاظم القدرة الإنتاجية وتطور التكنولوجيا، ما جعل كلفة إنتاج الكيلوواط من الطاقة الشمسية أقل بكثير مما كانت عليه سابقًا. وأضاف أن هناك تحفيزات لبيع الطاقة الشمسية في لبنان، مما يجعلها متاحة لجميع الفئات، من الفقير إلى الغني.

ولفت خوري الى أن من الصعب تحديد موعد استبدال قطاع المحروقات والقطاعات الأخرى بالكامل بالطاقة الشمسية. فالواقع يشير إلى أن البنية التحتية للطاقة المولدة من الموارد الأحفورية موجودة وموزعة في جميع أنحاء العالم، وليس من السهل الاستغناء عنها، إذ تمثل استثمارات ضخمة. وبالتالي، تعتبر هذه الفترة مرحلة انتقالية بين القطاعين، حيث تترك الأولوية في المشاريع الجديدة للطاقة الشمسية، مع الاستمرار في استهلاك البنية التحتية القائمة للقطاعات الأحفورية الأخرى، مثل النفط وغيرها.

والجدير بالذكر أن تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية ليس بالأمر السهل، إذ تتطلب مساحات كبيرة رغم التقدم التكنولوجي وزيادة القدرة الإنتاجية للوحات الشمسية لكل كيلوواط.

وأشار خوري إلى أن جودة الطاقة المستخلصة من الطاقة الشمسية لا تقل عن جودة الطاقة الأحفورية، إلا أن الاخيرة ذات بنية تحتية قوية مع ما تمتلكه من معامل واستثمارات وهذا ما تفتقر إليه الطاقة الشمسية، ما يجعلها مكملا لهذه المعامل وليست بديلا.

ويُرجع خوري منع استحواذ الطاقة الشمسية مكان الطاقات الأخرى إلى اسباب اقتصادية وبنيوية وتنظيمية وليس للجودة، مشيرا إلى أنها تقنيا ليست مستعصية، وقابلة للتعديل حسب الحاجة للطاقة، ولكن تنفيذها بحاجة إلى تنظيمها وإلى قدرات استعابية لشبكها.

أما عن أثارها السلبية على البيئة، فأشار خوري إلى أن الطاقة الشمسية هي الأقل ضررا بين القطاعات الأخرى، ويرجع هذه الأثار إلى المساحات الكبيرة المسطحة التي تحتاجها لتوليد الطاقة، الأمر الذي سينعكس سلبا على المساحات الزراعية.

وختم خوري بأن استراتيجية الخصخصة لهذا القطاع يجب أن تبقى بيد الدولة في ظل المضاربة وغياب حماية المستهلك. ويجب أن تكون الطاقة الشمسية جزءا من خطة لبنانية مدروسة خصوصا بعد ازدياد الطلب عليها والذي مثل أعلى المعدلات في العالم.

إذا، يظل قطاع الطاقة الشمسية مهما بالإيجابيات التي يحملها، إلا أنه بحاجة إلى تنظيم دائم في الاستيراد والتوزيع والتركيب، بهدف تحقيق استثمار أكبر وحماية أفضل للقطاع والمستهلكين.

يقرأون الآن