ذكاء المتصفحات يربك معادلة الأمان

تشكل ملحقات المتصفح المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحوّلاً جذرياً في عالم الإنتاجية، إذ تمنح المستخدمين القدرة على تنفيذ المهام تلقائياً وتلخيص الصفحات والتفاعل مع البيانات الحساسة، لكنها في المقابل تفتح جبهة جديدة من المخاطر السيبرانية المتزايدة. فبينما تسعى المؤسسات إلى الاستفادة من هذه التقنيات، يجد المهاجمون فيها فرصة مثالية لاستغلال الصلاحيات الواسعة التي تتطلبها تلك الملحقات لتنفيذ هجمات معقدة.

تكمن الخطورة في أن أدوات الأمن التقليدية لا تملك الرؤية الكافية لتحليل نشاط هذه الملحقات أو التمييز بين الاستخدام الشرعي والسلوك الخبيث، ما يبرز أهمية المتصفح الآمن للمؤسسات (Secure Enterprise Browser – SEB)، وهو نوع من المتصفحات مصمَّم خصّيصاً للبيئات المؤسسية ليمنح فرق الأمن رؤية وتحكماً كاملين داخل المتصفح نفسه. ويتيح هذا النوع من المتصفحات مراقبة سلوك الملحقات، واكتشاف الأنشطة الشاذة، وتطبيق سياسات دقيقة لحماية البيانات أثناء التصفح أو استخدام تطبيقات الويب.

أحد أبرز المخاطر يتمثل في هجمات "حقن الأوامر" (Prompt Injection)، حيث يعمد المهاجمون إلى إخفاء أوامر خبيثة داخل الروابط أو المحتوى لإجبار الملحقات على تنفيذ أوامر غير مقصودة أو كشف بيانات حساسة. وتمثل قضايا الامتثال والتنظيم خطراً متزايداً، إذ قد تؤدّي الصلاحيات الواسعة لهذه الملحقات إلى انتهاك قوانين الخصوصية مثل GDPR وCCPA دون قصد، في ظلّ ضعف الشفافية حول كيفية تعامل النماذج اللغوية الكبيرة مع البيانات.

وتبرز أيضاً مشكلة الملحقات غير المُدارة التي يثبتها الموظفون دون إذن رسمي، ما يسمح بتجاوز ضوابط الأمان والوصول إلى البيانات الحساسة. أما العنصر البشري فيبقى الحلقة الأضعف، إذ يستغلّ المهاجمون ثقة المستخدمين بملحقات الذكاء الاصطناعي لخداعهم ومنح صلاحيات خطيرة.

ولمواجهة هذه التحديات، يُوصى بمراجعة صلاحيات الملحقات بانتظام، وتطبيق أنظمة تصفح آمنة عبر متصفحات SEB، وتدريب المستخدمين على مخاطر الذكاء الاصطناعي، وضمان تحديث البرمجيات باستمرار. إن التقاء الذكاء الاصطناعي بملحقات المتصفح يمثل فرصة للإنتاجية بقدر ما هو تهديد للأمن، ما يجعل الأمن التقليدي غير كافٍ لمواجهة هذه المعركة الجديدة.

يقرأون الآن