مقالات

خاص "وردنا"- الضغط على لبنان والقرار في طهران...ومعضلة السلاح تتأرجح بين العقوبات والغفران

خاص

يقف لبنان على أعتاب مرحلة دقيقة وحساسة وخطيرة، ويتأرجح بين التهديد والوعيد بحرب إسرائيلية واسعة وقاسية وبين الضغوطات السياسية والاقتصادية ان كان لناحية تضييق الخناق عليه للقبول بالمفاوضات مع إسرائيل او لناحية حثّه على الاسراع في تنفيذ خطة الحكومة بحصر السلاح. أما الحصار الاقتصادي فيتمثل بحجب المساعدات لإعادة الاعمار لربطها بنزع سلاح "حزب الله" كما وفرض عقوبات وملاحقة الأشخاص الذين يتعاملون معه وسط معلومات عن ان هناك عددا كبيرا من الأشخاص والمؤسسات التي ستشملها لوائح العقوبات الأميركية في المرحلة القريبة المقبلة.

وفيما أُفيد ان لبنان سلّم رده على الطرح المصري الذي تقدم به مدير الاستخبارات حسن رشاد خلال زيارته الى بيروت في الايام الماضية في محاولة لمنع التصعيد، استبق وصول وفد من الخزانة الأميركية الى لبنان، مقابلة لأحد اعضائه، وكيل الوزارة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي،أجراها في تركيا، أشار فيها الى ان إيران تمكّنت من تحويل نحو مليار دولار إلى "حزب الله" هذا العام على الرغم من مجموعة العقوبات الغربية التي أضرّت باقتصادها، مشددا على ان هناك فرصة سانحة في لبنان الآن إذا استطعنا أن نجعل "حزب الله" يلقي سلاحه، وان الزيارة تهدف إلى زيادة الضغط على إيران، والمفتاح في ذلك هو التخلّص من النفوذ والسيطرة الإيرانية التي تبدأ بكل الأموال التي يضخونها لحزب الله.

وهنا لا بد من التساؤل: طالما ان الإدارة الأميركية تعلم علم اليقين ان مفتاح الحل في لبنان خصوصا لناحية تسليم الحزب لسلاحه في يد طهران، لماذا يتم الضغط على الدولة اللبنانية التي تقوم بواجباتها وفق ما أكد رئيس الجمهورية جوزاف عون أمام الوفد بأن لبنان يطبّق بصرامة الإجراءات المعتمدة لمنع تبييض الأموال أو تهريبها أو استعمالها في مجال تمويل الإرهاب؟ وماذا يعني ان الفرصة سانحة الآن؟ هل هو تهديد بحرب حتمية موسعة لاحقا؟

الوزير السابق فارس بويز اعتبر في حديث لموقع "وردنا" ان الترهيب يمارس على لبنان لحثه على التفاوض المباشر مع اسرائيل. وان هذه فرصة يجب ان يستغلها لبنان لتُرفع عنه العقوبات. لبنان يتعرض لحصارين: حصار عسكري سياسي كبير، وحصار مالي اقتصادي كبير. في ظل هذا المناخ السياسي، لا أؤمن بأي دعم اقتصادي. 

ورأى بويز ان الضغط على لبنان هو جزء من الضغط على ايران. الولايات المتحدة الاميركية تعتبر حزب الله من أذرع إيران الاساسية لا بل قد يكون الافعل أو الاقوى، وعملية اضعافه تُضعف إيران التي تشكل مشكلتين: مشكلة نووية، ومشكلة النفوذ الايراني في المنطقة عبر أذرعها. اذا، الضغط على لبنان من أجل قطع الاذرع الايرانية. هذا جزء من المعركة الدائرة بين أميركا وإيران. هناك محاولات منذ سنوات عديدة، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لجرّ لبنان الى صراع بين الشيعة والطوائف الاخرى. من هنا، اسرائيل تعتبر ان أفعل وأسهل طريقة للتخلص من حزب الله هي ايقاع الحزب في مستنقع صراع طائفي داخلي لبناني. وأميركا تتبنى سياسة اسرائيل بكل مفاصلها.

وأشار الى ان المطلوب من لبنان أميركيا واسرائيليا وأوروبيا أن يتخلص من حزب الله، ويذهب الى مفاوضات سلام وتطبيع. من العبث محاولة القيام بإصلاحات اقتصادية او مالية بمعزل عن هذا الاعتبار السياسي. هذا هو العنوان الكبير والباقي تفاصيل. حزب الله يشكل مشكلتين: مشكلة أمنية عسكرية للولايات المتحدة واسرائيل، ومشكلة سياسية في منعه لبنان من الذهاب الى التطبيع من خلال الضغط الذي يمارسه في الداخل. وبالتالي، لا بد من التخلص منه لفتح الطريق امام التطبيع وفق المنطق الاميركي والاسرائيلي.

وفي سياق متصل، يرى بعض المسؤولين الأميركيين أن إسرائيل وحدها القوّة التي تمتلك القدرة والإرادة لفرض نزع سلاح "حزب اللّه". في حين يؤكد مراقبون لبنانيون ان لبنان ورقة في يد إيران على طاولة التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، وكل الاجراءات في الداخل تبقى محدودة بشأن نزع السلاح طالما لم يأتِ الضوء الأخضر من طهران، والدليل على ذلك ما نسمعه في تصريحات مسؤولين في "الحزب" بأن لا تسليم للسلاح. والرسالة الأخيرة التي توجه بها "الحزب" الى الرؤساء جاءت لتضرب بعرض الحائط القرارات المتخذة لا بل لتنسف هيبة الدولة من أساسها مع التأكيد على استمرار المقاومة. لكن، أين تكمن القطبة المخفية في معضلة السلاح؟

بحسب بويز، قضية حزب الله بالنسبة لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، رغم أهميتها تبقى ثانوية. ولو أراد نتنياهو نزع سلاح الحزب، لماذا لم يسهّل هذا الامر على الدولة اللبنانية، ويقوم بخطوة ما تحفيزا لها كالانسحاب من بعض النقاط التي احتلتها اسرائيل مؤخرا. لا بل على العكس، التصعيد سيّد الموقف من خلال عشرات الغارات اليومية. نتنياهو لا يريد القرار 1701. لذلك، لا ينفذه. والاستفزاز اليومي، يجعل من الصعب نزع السلاح، وهذا ما يريده نتنياهو ليبرر الحرب. وهناك غياب تام لأي تعزيز دولي لموقف الدولة اللبنانية التي اتخذت قرارا بحصر السلاح. الواضح جدا، ان نتنياهو يسعى الى مزيد من الحروب على كل الجبهات. لبنان والمنطقة ذاهبان نحو المزيد من التصعيد، والتوقيت بانتظار نقطة الصفر التقنية والعسكرية.

يقرأون الآن