أكد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، في مقابلة مع قناة "العربية Business"، أنه تحوّل إلى "كبش فداء" للأزمة المالية التي عصفت بلبنان خلال السنوات الماضية، نافياً أي مسؤولية مباشرة له عن خسائر المودعين أو الانهيار الذي أصاب القطاع المصرفي، ومشدداً على أنه غير مدان في أي من الملفات القضائية المفتوحة بحقه داخل لبنان أو خارجه.
وقال سلامة إن ما تعرض له لم يكن مجرد مسار قضائي طبيعي، بل "مؤامرة سياسية منسّقة" بدأت منذ عام 2015، هدفها ضرب القطاع المصرفي وإسقاط الهندسات المالية التي وُضعت، بحسب تعبيره، لحماية الليرة اللبنانية واستقرار النظام النقدي.
وأضاف أن انهيار عام 2019 سبقه تصعيد إعلامي وسياسي منظم قادته جهات حزبية ذات أهداف سياسية، معتبراً أن استخدام اسمه في السجال العام جاء ضمن مخطط أوسع لتحميله مسؤوليات لا تقع على عاتقه وحده.
ثروة شخصية وتدقيق مالي
وأشار سلامة إلى أنه تولى منصب حاكم مصرف لبنان عام 1993 وهو يمتلك أكثر من 20 مليون دولار من ثروته الخاصة، مؤكداً أنه طلب عام 2021 تدقيقاً شاملاً في حساباته، ولم يثبت دخول أي أموال غير شرعية إليها.
وأوضح أن جميع التحقيقات الجارية في لبنان وعدد من الدول الأوروبية لا تزال في مرحلة الدراسة ولم يصدر عنها أي حكم إدانة، مؤكداً أن اسمه يُستخدم سياسياً أكثر مما هو جزء من مسار قضائي واضح.
تحميل الحكومات مسؤولية الانهيار
وفي سياق متصل، حمّل سلامة الحكومات المتعاقبة مسؤولية أساسية عن الانهيار المالي، مشيراً إلى أن السياسات المالية التي أقرتها "حكومة الثنائي الشيعي والتيار العوني"، على حد وصفه، لم تكن قابلة للاستمرار، وأسهمت في تفاقم الأزمة نتيجة الإنفاق غير المنضبط وتعطيل مسار الإصلاحات.
ورأى أن كلفة الحرب السورية على لبنان تراوحت بين 25 و30 مليار دولار، ما شكّل عبئاً إضافياً على الاقتصاد والمالية العامة.
ودائع اللبنانيين والمصارف
ونفى سلامة أن يكون مصرف لبنان مسؤولاً عن خسائر المودعين، موضحاً أن الهندسات المالية ساعدت لسنوات في حماية الاقتصاد، وأن الانهيار وقع مع امتناع الدولة عن سداد ديونها. كما أشار إلى أن إعادة الودائع لا تزال ممكنة طالما أن المصارف لم تعلن إفلاسها رسمياً.
وكشف عن خطة غربية كانت مطروحة لتفليس بعض المصارف وإنشاء أخرى جديدة، لافتاً إلى أنه أصدر تعميماً بين عامي 2017 و2020 لإعادة جزء من الأموال التي خرجت إلى الخارج.
دفاع عن السياسات النقدية
وختم سلامة تصريحاته بالتأكيد على أن تحميله منفرداً مسؤولية الانهيار المالي يمثل ظلماً متعمداً وتبسيطاً لأزمة مركّبة شاركت في صنعها عوامل سياسية ومالية واقتصادية متراكمة، داعياً إلى مقاربة شاملة للمحاسبة تشمل جميع الأطراف المعنية بصنع القرار المالي في البلاد.


