بعد زيارة دمشق، توجه ممثلو الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الى لبنان للقاء الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش العماد رودولف هيكل بالإضافة إلى اجتماع مع القائدين جوزيف كليرفيلد وفلاتين سيلير، واجتماع آخر مع قادة "اليونيفيل" للاطلاع على الوضع الميداني عن قرب، وما سيكون عليه بعد انسحاب "اليونيفيل"، وللبحث في اعتماد قوة دولية مصغرة في الجنوب بعد انتهاء مهمة "اليونيفيل" التي من المقرر مغادرة جنودها لبنان نهاية عام 2027 بعد أن عملت قوة حفظ سلام بين إسرائيل ولبنان منذ آذار 1978 وفق ما قال أحد المحللين السياسيين لموقع "وردنا" الذي أشار الى انه تم البحث في العديد من الملفات العالقة بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي اذ ربما تتشكل قوة دولية في الجنوب شبيهة بالقوة الدولية في غزة خصوصا ان اسرائيل تشترط قيام منطقة عازلة لحماية مستوطناتها، ولا تعارض وجود قوة دولية مصغرة توافق على أعضائها لمراقبة المنطقة بعد أن رأت ان "اليونيفيل" فشلت في مهمتها، وان "حزب الله" تمكن من حفر الانفاق، والتسلح في منطقة عملياتها. فيما لفت مصدر آخر الى ان وفد مجلس الأمن الآتي من دمشق يحمل الرسالة عينها: استكمال الضغط على لبنان وسوريا وصولا الى التفاوض المباشر مع اسرائيل.
إذا، القوة الدولية البديلة لليونيفيل ستشكل عنوانا هاما للنقاش والبحث بين الجهات المعنية والمسؤولين اللبنانيين في المرحلة المقبلة، في ظل التصعيد الاسرائيلي وسط معلومات تشير الى ان البديل لقوات اليونيفيل، قوة أميركية فرنسية على جانبي الحدود مع إسرائيل، وقوة روسية تركية على الحدود السورية- الإسرائيلية مع العلم ان الملف لا يزال في مرحلة تبادل الاقتراحات حول شكل القوة البديلة وعديدها ومهمتها، لكن التوجه حاليا نحو تشكيل قوة أوروبية تقودها فرنسا بموافقة أميركية، يمولها الاتحاد الاوروبي. ومن حيث المبدأ، أظهرت اسرائيل تجاوبا محدودا في هذا الاطار رغم انها تريد حصر دور المراقبة بالجانب البريطاني الذي سيتولى بناء أبراج المراقبة على طول الحدود البرية للبنان على أن يكون عديد الجنود قليلا فيما هوية الدول المشاركة في القوة المصغرة البديلة لا تزال قيد المتابعة، وليس مستبعدا أن تعمل بنفس المبدأ الذي تعمل به قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان "الأندوف" والتي أنشئت عام 1974 بموجب اتفاقية بين سوريا وإسرائيل لمراقبة وقف إطلاق النار والفصل بين القوتين العسكريتين، وتتولى الإشراف على منطقة الفصل العازلة، وتجدد ولايتها بشكل دوري كل 6 أشهر. وهذا ما أشار اليه الوزير بول مرقص حين قال أن تجربة القوات الموجودة في الجولان مطروحة كإحدى البدائل.
وفي هذا السياق، لا بد من التذكير ان المدير السياسي لوزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة كريستيان تيرنر، زار لبنان برفقة وفد للاطلاع ميدانياً على الوضع في الجنوب مع بدء العد العكسي لانتهاء مهمة اليونيفيل، مبديا استعداد المملكة المتحدة لتقديم المساعدة في إطار أي تصوّر لبناني في هذا الشأن، مشدّداً على أهمية أن تتم صياغته في لبنان وليس في أروقة الأمم المتحدة كما ان الموفدة الرئاسية الفرنسية آن كلير لوجاندر، عرضت خلال زيارتها الاخيرة الى لبنان، مساعدة فرنسا في ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا تسهيلا لمهام القوة البديلة.
العميد الركن خالد حمادة يقول في حديث لموقع "وردنا" ان زيارة بعثة مجلس الامن الى لبنان تهدف الى الاطلاع على الوضع الميداني عن قرب، وتستمع الى رأي اليونيفيل، والميكانيزم والجيش اللبناني واسرائيل، وربما يكون لديها بعض الاستفسارات والأسئلة توجهها الى بعض السياسيين في لبنان، وربما تسأل الجيش اللبناني عن المسار الذي يتبعه في تطبيق وقف اطلاق النار. البعثة تبحث ما سيكون عليه الوضع في لبنان بعد انسحاب اليونيفيل من الجنوب. تطبيق قرارات مجلس الامن او اتفاق وقف اطلاق النار لن يكون ممكنا دون اشراف دولي. قد يكون هناك قوة دولية بديلة لكن لا ندري ان كانت ستكون هناك قوات اقليمية ضمن هذه القوة نظرا للعلاقات الاميركية مع دول الشرق الاوسط. هذه القوة ستنتشر بموجب قرار من مجلس الامن، وهذا القرار سيحدد مهمتها بشكل دقيق. لا يمكن الالمام بما ستكون عليه المهمة بشكل كامل انما هذه البعثة تتعرف الى الوضع الميداني لجهة ما هي امكانيات نزع سلاح حزب الله. والسؤال هنا: هل سيكون لهذه القوة الدولية وجود في الجنوب اللبناني أم ستتعداه الى أماكن أخرى؟. وهل ستلجأ الى استصدار قرار من مجلس الامن لنزع سلاح حزب الله تحت البند السابع اذا لم يكن هناك أي وسيلة لبنانية للانتهاء من مسألة نزع السلاح، ما يغير من تشكيلة القوة ومن مهمتها. لكن في مطلق الاحوال يجب الانتظار. تقرير البعثة سيكون له تأثير كبير على مستقبل المنطقة، وعلى ملء الفراغ الذي ستحدثه اليونيفيل.
ولفت حمادة الى انه في الجولان كان هناك اتفاق لوقف اطلاق النار بين دولة ودولة. نحن اليوم لسنا في هذا الصدد، ولبنان يتقيد بالقرارات الدولية، والحزب لا يريد نزع سلاحه. نحن أمام مسألة هامة في كيفية نزع السلاح قبل الذهاب الى توصيف الترتيبات الامنية والقرار الامني وما ستكون عليه مهام القوات الدولية.


