مقالات آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

خاص "وردنا"- شروط الفصل السابع لإخراج لبنان من دهاليز أزماته غير مؤمنة...والحل أولا وآخرا في يد اللبنانيين

خاص

صحيح ان المساعي العربية والغربية، وفي مقدمتها الاميركية لمنع التصعيد الاسرائيلي على لبنان مستمرة حيث زار المبعوث الخاص إلى سوريا توم براك إسرائيل، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكان اللقاء "بناء، ويهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين"، إلا أن الاعلام العبري يتحدث عن الاستعداد لمواجهة عسكرية مع "حزب الله" مع اقتراب الموعد النهائي لنزع سلاحه جنوب نهر الليطاني نهاية العام، على اعتبار ان المواجهة مع الحزب باتت حتمية "لأن التنظيم يتعافى ويتعزز بوتيرة أسرع". مع العلم ان نتنياهو سيلتقي نهاية الشهر الحالي الرئيس ترامب في البيت الابيض، وسيكون الملف اللبناني على الطاولة، وسيحدد هذا اللقاء توجهات إسرائيل بشأن التصعيد العسكري على الجبهة اللبنانية.

وإلى حين تبيان الخيط الابيض من الاسود في التطورات الميدانية المقبلة، لا تزال الزيارات الديبلوماسية والأمنية الى بيروت تثير الكثير من التساؤلات حول جدواها، وقدرتها على احتواء التدهور الدراماتيكي في المنطقة انطلاقا من لبنان، ومن بينها زيارة بعثة مجلس الامن الممثلة لـ 15 دولة، والتي هدفت الى الاطلاع على الوضع الميداني عن قرب بحيث أشار ممثل سلوفينيا في مجلس الأمن، سامويل زبوغار، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس الى ان على جميع الأطراف الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، معتبرا ان الزيارة شكلت فرصة "لدرس الخيارات من أجل تطبيق القرار 1701 بعد مغادرة اليونيفيل من لبنان، وهذا الموضوع سيتطلب نقاشاً معمقاً خلال عام 2026".

وسط هذه الأجواء الضبابية، وزيارة بعثة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مرحلة دقيقة يمرّ بها لبنان إذ تجهد حكومته في تنفيذ حصرية السلاح وسط ضغوطات دولية كبيرة في هذا الاطار، بالتزامن مع اقتراب انتهاء مهمة "اليونيفيل" في الجنوب، ودراسة طروحات عدة بديلة منها  تشكيل قوة دولية شبيهة بالقوة الدولية في غزة خصوصا ان اسرائيل تشترط قيام منطقة عازلة لحماية مستوطناتها، يتساءل كثيرون: هل بات لبنان أمام حل وحيد يتمثل باستخدام الفصل السابع لمجلس الأمن في بلد يرزح تحت وطأة أزمات معقدة، ومعضلات يصعب حلّها بالطرق الديبلوماسية كما بالطرق العسكرية، وأبرزها معضلة سلاح "حزب الله" الذي يكرر مرارا انه لن يتخلى عن سلاحه لا بل يؤكد انه يستعيد عافيته العسكرية والتنظيمية. 

ما هو الفصل السابع؟

البداية، ما هو الفصل السابع؟ هو جزء من ميثاق الأمم المتحدة يمنح مجلس الأمن صلاحية تحديد ما إذا كان هناك "تهديد للسلم أو إخلال به أو عمل من أعمال العدوان"، ويسمح له باتخاذ إجراءات قسرية للحفاظ على السلم العالمي. يتم تطبيقه بعد الزيارات الميدانية والتقييمات، إذا رصد ممثلو المجلس تصاعدًا خطيرًا في التوتر أو الصراعات داخل أي بلد أو على حدوده تهدد الاستقرار الإقليمي، قد يوصون بتفعيل الفصل السابع وفق المادة 39 منه التي تمنح مجلس الأمن صلاحية تحديد وجود أي تهديد للسلم أو إخلال به أو وقوع عمل عدواني، وتحديد التدابير اللازمة لحفظ الأمن الدولي أو إعادته، وتشمل حالات النزاعات الداخلية ذات البعد الإقليمي أو التهديدات غير التقليدية مثل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل. أما المادة 41، فتجيز لمجلس الأمن اتخاذ تدابير لا تتطلب استخدام القوة المسلحة، مثل العقوبات الاقتصادية وقطع العلاقات الديبلوماسية فيما تجيز المادة 42 القيام بأي عمل عسكري يراه مجلس الامن ضرورياً لحفظ السلم والأمن الدوليين، بما في ذلك استخدام القوات الجوية والبحرية والبرية. وبالتالي، اتخاذ أي قرار يأتي بعد تصويت 9 أعضاء في مجلس الامن من 15 عضوا مع عدم استخدام حق النقض "الفيتو" من الدول الخمس الدائمة العضوية: أميركا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا.

وهنا لا بد من الاشارة الى أن بعثة مجلس الأمن التي زارت لبنان لتقييم الاوضاع، لن تصدر أي قرار يمكن أن تتخذه مباشرة بعد الزيارة لأن القرار يتطلب دراسة تقييمية، ويخضع لمفاوضات كثيرة،  وتقديم تقارير تحظى بالأغلبية داخل المجلس بمعنى لا يمكن اصدار أي قرار تحت الفصل السابع الا بموافقة الدول الخمس الكبرى التي تلعب مصالحها السياسية والاستراتيجية دورا كبيرا في هذا السياق.كما ان المادة 41 تحدد آليات غير عسكرية يمكن ان يلجأ اليها مجلس الأمن كالعقوبات الاقتصادية والمالية وتجميد أصول وحظر تجاري.

شروط الفصل السابع غير مؤمنة

وفي هذا السياق، أوضح المحامي رزق زغيب في حديث لموقع "وردنا" ان ليس دور مجلس الامن ان يتخذ تدابير زجرية فقط نص عليها الفصل السابع انما يتولى عملية النظر في كافة شؤون العالم سيما التي تتعلق بالامن والسلم الدوليين. هو يلعب دورا اساسيا بموجب الفصل السادس من خلال السعي واقتراح الحلول لأي نزاع قد يشكل تطوره أو طول أمده الى زعزعة الامن والاستقرار الدوليين. يسعى للحلول السلمية، ولعب دور الوسيط أو اقتراح الحلول كما يلعب دورا بالتعاون مع المنظمات الدولية الاقليمية كجامعة الدول العربية وغيرها من خلال حثها على لعب دور أكبر. الامور ليست أسود أو أبيض في مجلس الامن، ولا يلجأ الى حل كل الازمات بالعقوبات. لا يجب استسهال مسألة العقوبات لأن لبنان سيظهر كدولة فاشلة مع العلم انه رغم كل شيء، يبقى دولة مؤسسة في الامم المتحدة، ودولة مؤسسة في جامعة الدول العربية، وله باع وتراث ديموقراطي عريق، لكن شاءت الاقدار ان الشرق الاوسط الجديد الذي بدأت تظهر معالمه، يضع أثقاله كما في بعض الدول العربية، على لبنان. وبالتالي، تعاني مؤسساته نتيجة التغيرات الجسيمة التي تشهدها المنطقة. والخشية ألا نجد الدواء النافع للخروج من هذه الازمة. الحل يكمن أولا لدى اللبنانيين ثم لدى المجتمع الدولي الذي يلعب دور المسهّل لتأمين التوافقات اللبنانية الداخلية، على أمل ان يتفق اللبنانيون على قيام دولتهم بشكل فاعل لأن ما نعاني منه اليوم هو غياب فعالية الدولة. وان لم يتفقوا، عبثا المحاولة لايجاد الحل. ولا ننسى ان الـ 1701 صادر عن مجلس الامن الذي قام بدوره في لبنان وربما يسعى اليوم الى تفعيل هذا الدور لايجاد الآلية المناسبة لتطبيق قراراته. 

وأكد زغيب ان شروط الفصل السابع غير مؤمنة حاليا بسب الانفصال الحاد بين أعضاء مجلس الأمن، والتجربة أظهرت ان الحلول التي جاءت نتيجة الفصل السابع لم تكن ناجحة في الدول. وبالتالي، اللجوء الى المسلك الدولي ليس متاحا حاليا، واذا كان متاحا ليس ناجعا. اللجوء الى العقوبات الاقتصادية أو الديبلوماسية أو العسكرية بات متعثرا منذ العام 2011 داخل مجلس الامن نتيجة الانقسام الحاد الذي ظهر بين أعضائه بعد الازمة الليبية بشكل خاص التي شهدت آخر تصريح من مجلس الامن يسمح بالتدخل العسكري عبر الفصل السابع لفرض أمر معين. منذ ذلك التاريخ، اللجوء الى التدابير الزجرية التي يتيحها الفصل السابع من الميثاق لم يعد متوافرا. التجربة تظهر ان اللجوء الى مجلس الامن عبر الفصل السابع كما شهدنا في تسعينيات القرن الماضي أكان في الصومال أو يوغوسلافيا أو البوسنة والهرسك أو في أماكن أخرى من العالم، لم تؤد النتيجة المرجوة لا بل أدت الى تعميق الانقسامات في الدول التي حصل فيها هذا التدخل.

ورأى ان القوى العظمى تسعى الى تأمين مصالحها بشكل واضح في العلاقات الدولية. اليوم، نسمع بعض الدول تتحدث عن السيادة الامنية، ومناطق نفوذ لبعض الدول العظمى أو متوسطة العظمة في محيطها. كل ذلك، يضرب المبادىء التي قام عليها ميثاق الامم المتحدة، وهو ان الدول متساوية، واحترام وحدة الاراضي للدول الذي هو قاعدة آمنة. نرى ان كل ذلك، بدأ يتضعضع شيئا فشيئا. وبالتالي، هذا تحدّ كبير أمام الشرعية الدولية وفق النظام الدولي القائم منذ العام 1945. 

يقرأون الآن