تصاعدت وتيرة الاشتباكات، لليوم الثاني على التوالي، في السودان، ولاسيما في محيط مقر القيادة العامة للجيش السوداني وفي "أم درمان" ودارفور ومناطق متفرقة من البلاد، وفق ما أعلن الجيش و"قوات الدعم السريع"، فيما ارتفعت حصيلة الضحايا من المدنيين إلى 56 قتيلا مدنيا ونحو 600 جريح، إضافة الى عشرات العسكريين. وهناك عمليات كر وفر تجري بين الطرفين في الخرطوم، تخللها إعلان الجيش السوداني موافقته على فتح ممرات آمنة للحالات الإنسانية العاجلة لمدة 3 ساعات اعتبارا من الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي.
وفي حين الجيش حل قوات الدعم السريع باعتبارها ارهابية، صدرت بيانات عنه تؤكد سيطرته على برج القوات البرية ومقار في بورتسودان وكسلا والقضارف والدمازين وكوستي. لكن المشهد يبقى ضبابيا في ظل انقطاع التيار الكهربائي و صعوبة معاينة الصحفيين للواقع على الارض بعد تعرض مقراتهم للقصف، وانقطاع بث التلفزيون الرسمي السوداني، إذ تؤكد قوات الدعم سيطرتها على مناطق جنوبي الخرطوم واقليم دارفور ومطار مروى.
وكان أعلن الجيش السوداني إحكام سيطرته على مطار مروي، لكنه يتعامل بحذر خوفا على حياة الأسرى المصريين والسودانيين، ويقدر عددهم بنحو 100 أسير.
قتلى وجرحى
وكانت ناشدت لجنة أطباء السودان المركزية، طرفيِّ الصراع المسلح في البلاد، بفتح ممر آمن لإخلاء مرضى محتجزين في مركز سلمى لغسيل الكلى، وتلاميذ صغار بمدارس كمبوني، منذ صبيحة السبت، على مقربة من محيط القيادة العامة للجيش.
وقالت إنها سجلت وفيات في مطار الخرطوم وفي مدينة أم درمان القريبة وأيضا في مدن نيالا والأبيض والفاشر غربي الخرطوم، وأشارت إلى "تزايد عدد الإصابات، وسط قلة الكادر الطبي وإرهاق الفرق العاملة في المستشفيات".
كما وناشدت الكوادر الطبية بالتوجه "لمستشفى بشائر جنوبي الخرطوم ومستشفى شرق النيل شرقي الخرطوم".
وأكد الطبيب محمد الفحل، أن أعداد المصابين كارثية والعديد منهم على لائحة الانتظار، في حين تواجه الكوادر صعوبة في اجلاء الجرحى.
بعثة الامم المتحدة
علّق برنامج الأغذية العالمي مؤقتا كافة عملياته في السودان بعد مقتل 3 من موظفيه.
ودانت الأمم المتحدة مقتل ثلاثة من موظفيها خلال اشتباكات في السودان، أمس السبت، وأوضحت أنهم لقوا حتفهم أثناء قيامهم بواجباتهم.
وأعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان (يونيتامس) فولكر بيرتس، اليوم الأحد، في بيان أن الثلاثة لقوا حتفهم في اشتباكات اندلعت في كبكابية بشمال دارفور.
وقال بيرتس وهو أيضا الممثل الخاص للأمين العام للسودان في البيان: "أشعر بالانزعاج الشديد من التقارير التي تفيد بأن مقذوفات أصابت منشآت الأمم المتحدة ومباني إنسانية أخرى بالإضافة إلى تقارير عن نهب مباني الأمم المتحدة وغيرها من المباني الإنسانية في عدة مواقع في دارفور".
الاتصالات
وأعلن مسؤولان من شركة اتصالات (إم.تي.إن)، اليوم الأحد، أن الشركة أوقفت خدمات الإنترنت في البلاد بناء علي توجيهات من هيئة الاتصالات الحكومية. لكن مسؤولا آخر أوضح أن السلطات أمرت الشركة بإعادة خدمة الإنترنت.
وبعد نفي قوات الدعم السريع مقتل اثنين من قياداتها، تداولت معلومات بأن المخابرات السودانية حررت اللواء الصادق سيد والعميد عثمان عوض الله المحتجزين لدى "الدعم السريع".
يجماعه ودعمتي ومعاهم طلاب من النادي الأمريكي للمخاطبه محتجزين في الفرع b بوسط الخرطوم من امس رتويت لو في ناس قريبه تساعدهم pic.twitter.com/5cxN7OAcK3
— دُعاء? (@dox_41) April 16, 2023
نقابة الصحافة
وأطلقت نقابة الصحافيين السودانيين نداءً للأطراف المتصارعة في العاصمة الخرطوم بعدم استهداف بناية تضم عدد كبير من المكاتب الإعلامية.
ويضم مبنى "العمارة الكويتية"، الذي يقع على مقربة من القصر الرئاسي وبعض المواقع الإستراتيجية، عدد كبير من مكاتب مراسلي القنوات الأجنبية.
الجيش السوداني
من جهته، أعلن الناطق الرسمي بإسم الجيش السوداني نبيل عبد الله، السيطرة على أكبر قاعدة لقوات الدعم السريع في منطقة كرري والإستيلاء على كل العتاد فيها، بالإضافة إلى مقار الدعم السريع في بورتسودان وكسلا والقضارف والدمازين وكوستي وكادوقلي.
ونفى، إدعاءات "قوات الدعم السريع حول حصار القيادة العامة بالخرطوم"، وأشار إلى أن "الإشتباكات ما زالت دائرة في بعض المواقع، لكن الموقف يتجه نحو الإستقرار".
ضربات جوية
وشن الجيش السوداني ضربات جوية على معسكر لقوات الدعم السريع شبه العسكرية بالقرب من العاصمة في محاولة لإعادة تأكيد السيطرة على البلاد يوم الأحد، إذ أسفرت اشتباكات عن مقتل 25 شخصا على الأقل وهددت مساعي الانتقال إلى الحكم المدني.
وقال شهود في ساعة متأخرة من مساء السبت إن الجيش قصف في نهاية يوم من القتال العنيف معسكرا تابعا لقوات الدعم السريع شبه العسكرية التابعة للحكومة في مدينة أم درمان القريبة من العاصمة الخرطوم.
وسمع شهود أصوات إطلاق نار في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، والتي لم ترد تقارير سابقة عن اندلاع قتال فيها.
قوات الدعم السريع
من جهتها أعلنت قوات الدعم السريع، السيطرة على برج القوات البحرية بالقيادة العامة.
وأفادت أنها سيطرت على القصر الرئاسي ومقر إقامة قائد الجيش ومطارات في الخرطوم ومدينة مروي في الشمال وفي الفاشر وولاية غرب دارفور. ونفى الجيش هذه التأكيدات.
#عاجل
— Rapid Support Forces - قوات الدعم السريع (@RSFSudan) April 16, 2023
قوات الدعم السريع تستولى على برج القوات البحرية بالقيادة العامة
ـــــــــــــــــــــــ#العزة_والمجد_للوطن#قوات_الدعم_السريع#جاهزية_سرعة_حسم
القوات الجوية
ودعت القوات الجوية السودانية في وقت متأخر من يوم السبت المواطنين إلى البقاء في منازلهم لأنها ستقوم بعملية مسح كامل لأماكن وجود قوات الدعم السريع، وأعلنت ولاية الخرطوم يوم الأحد عطلة تغلق فيها المدارس والبنوك والمكاتب الحكومية.
ورأى صحفي من رويترز مدافع وعربات مدرعة منتشرة في الشوارع وسمع دوي أسلحة ثقيلة قرب مقرات الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لقناة "الجزيرة" إنهم إذا استمعوا لصوت العقل فسوف يعيدون قواتهم التي جاءت إلى الخرطوم ولكن إذا استمر الأمر "سنضطر" إلى نشر قوات داخل الخرطوم "من مناطق مختلفة".
حميدتي وبرهان
وبدورها، أعلنت قوات الدعم السريع، عن تعرض قواتها في بورتسودان، لهجوم من طيران أجنبي، وحذرت من مغبة أي تدخل أجنبي،
وقالت على صفحتها على فايسبوك "لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت ميليشيا حميدتي المتمردة"، في إشارة إلى قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي. وطلب الجيش من الجنود المنتدبين لدى قوات الدعم السريع أن يحضروا لوحدات الجيش القريبة، مما قد يؤدي إلى استنزاف صفوف قوات الدعم السريع إذا امتثلوا للأمر.
ووصف حميدتي البرهان بأنه "مجرم وكاذب". ويتنافس الجيش مع قوات الدعم السريع، التي يقدر محللون قوامها بنحو 100 ألف جندي، على السلطة بينما تتفاوض الفصائل السياسية على تشكيل حكومة انتقالية منذ انقلاب عسكري في 2021.
وقال حميدتي في مقابلة أجرتها معه الجزيرة إنهم يعرفون المكان الذي يختبئ فيه البرهان وسيصلون إليه ويسلمونه إلى العدالة أو سيموت .
ومن شأن حدوث مواجهة طويلة الأمد بين الجانبين أن تؤدي إلى انزلاق السودان إلى صراع واسع النطاق في وقت يعاني فيه بالفعل من انهيار الاقتصاد واشتعال العنف القبلي ويمكن أيضا أن تعرقل الجهود المبذولة للمضي نحو إجراء انتخابات.
* الاتفاق السياسي في خطر
وتأتي الاشتباكات في أعقاب تصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع بشأن دمج تلك القوات شبه العسكرية في الجيش. وأدى الخلاف إلى تأجيل توقيع اتفاق تدعمه أطراف دولية مع القوي السياسية بشأن الانتقال إلى الديمقراطية.
ودعت القوى المدنية، التي وقعت على مسودة لذلك الاتفاق في كانون الأول/ديسمبر ، الطرفين يوم السبت إلى "وقف العدائيات فورا وتجنيب البلاد شر الانزلاق لهاوية الانهيار الشامل".
وقالت في بيان "هذه اللحظة مفصلية في تاريخ بلادنا... فهذه حرب لن ينتصر فيها أحد، وسنخسر فيها بلادنا إلى الأبد".
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش بمحاولة الانقلاب وتنفيذ مؤامرة بتخطيط من أنصار الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطيح به من السلطة عام 2019. وأطاح انقلاب 2021 برئيس الوزراء المدني.
ونشرت قوات الدعم السريع السودانية مقطعا مصورا يوم السبت قالت إنه لقوات مصرية "تسلم نفسها" لها في مدينة مروي بشمال البلاد. وقال الجيش المصري إن قواته موجودة في السودان لإجراء تدريبات مع جنود سودانيين.
وقال حميدتي لشبكة سكاي نيوز عربية إن الجنود المصريين في أمان وإن قوات الدعم السريع ستتعاون مع القاهرة بشأن عودتهم.
وظهر في المقطع المصور عدد من الرجال يرتدون ملابس عسكرية ويجلسون على الأرض ويتحدثون مع أفراد من قوات الدعم السريع باللهجة المصرية. وأفادت تقارير من مصادر مخابراتية، لم يتسن التأكد من صحتها، بأن قوات الدعم السريع استولت على عدة طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية المصرية واحتجزت طياريها إلى جانب أسلحة ومركبات عسكرية سودانية.