عمليات إجلاء مكثفة من السودان ... ومعلومات عن فرار البشير

 بعد مرور أكثر من أسبوع على المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وبعد الجهود الدولية لحث طرفي النزاع على هدنة لثلاثة أيام، بدأت يوم الجمعة الماضي، إفساحا للمواطنين والسكان في الوصول إلى مناطق آمنة، وزيارة عائلاتهم خلال عطلة عيد الفطر، لم يتم احترام وقف إطلاق النار، إذ سمعت أصوات الرصاص المتقطع خصوصا في محيط القصر الرئاسي كما اندلعت إشتباكات عنيفة بين طرفي النزاع في منطقة الصحافات جنوبي الخرطوم.

وفيما يتهم كل طرف، الآخر عدم الإلتزام بالهدنة، استغلت مختلف الدول العربية والأوروبية والأجنبية، الهدنة المتقطعة،لإجلاء رعاياها من السودان، وإيجاد الممرات الآمنة، وسط تخوف من عودة الاشتباكات العنيفة بعد العيد.

وفي وقت أفادت معلومات صحافية أن "وزير الخارجية السعودي تلقى اتصالا من نظيره البريطاني بحثا خلاله التطورات في السودان"، أشارت مواقع سودانية إلى "فرار عدد كبير من المساجين من سجن كوبر شمالي الخرطوم،وتضاربت الأنباء بشأن هروب الرئيس المعزول عمر البشير وقادة النظام السابق.


ونقل مراسلون صحافيون من السودان عن مصادر مطلعة أن "الرئيس السوداني، يتلقى الرعاية الطبية حاليا في إحدى مستشفيات العاصمة الخرطوم".

وأكدت المصادر نفسها أن "الهجوم المتكرر والاشتباكات حول سجن كوبر، أدى إلى إطلاق سراح العديد من السجناء"، مشيرة إلى أن "السجناء السياسيين ما زالوا قيد الاحتجاز".


وكانت الهجمات قد تكرّرت، اليوم الأحد، على السجن الشهير الذي يضم قادة بارزين إبان حكم البشير، ومن ضمنهم الرئيس المعزول نفسه.

وتجدر الإشارة إلى أن سجن "الهدى" أيضا شهد هروب النزلاء منه بعد اقتحامه.

هذا، وقد شهدت سجون أخرى حوادث مشابهة من هجمات، وفرار معتقلين خلال الاشتباكات الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش منذ الأسبوع الماضي، ومنها فرار عدد من نزلاء سجن "سوبا" جنوب العاصمة، بعد إطلاقهم من قبل قوات الدعم السريع.

وبعد انتهاء الهدنة المعلنة لـ3 أيام في السودان بين الجيش والدعم السريع دون إعلان عن تمديدها، شدد وزير الخارجية المصري والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي على ضرورة الإلتزام بالهدنة في السودان.

البابا فرنسيس يدعو إلى الحوار والتهدئة

دعا البابا فرنسيس اليوم الأحد، إلى "الحوار لمواجهة الوضع الخطير في السودان، في وقت دخلت المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسبوعها الثاني".

وقال البابا خلال القداس في ساحة القديس بطرس : "للأسف، فإن الوضع يبقى خطرا في السودان، ولهذا أجدد دعوتي إلى وقف العنف في أسرع وقت، واستئناف الحوار. أدعو الجميع إلى الصلاة من أجل إخواننا وأخواتنا السودانيين".

عمليات إجلاء لدول أوروبية وأجنبية

تجري العديد من جهود الإجلاء عبر بورتسودان المطلة على البحر الأحمر والواقعة مباشرة على بعد نحو 650 كيلومترا شمال شرقي الخرطوم، لكنها على بعد نحو 800 كيلومتر عن طريق البر.

أجلى الجيش الأميركي، اليوم الأحد، موظفي السفارة الأميركية لدى السودان. وأشار الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى أن "الجيش الأميركي نفذ العملية، وأخرج موظفين تابعين للحكومة الأميركية"، لافتا الى أن "واشنطن علقت مؤقتًا العمليات في سفارتها، في ظل إستمرار القتال في السودان".

وقال بايدن في بيان أنه يتلقى "تقارير على نحو منتظم من فريقه بشأن عملهم المستمر لمساعدة الأميركيين في السودان إلى أقصى حد ممكن وإنه يعمل مع الحلفاء والشركاء بشأن هذا الأمر".

بدوره، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن "الولايات المتحدة علقت بصفة مؤقتة العمليات في سفارتها في الخرطوم، وأجلت جميع الموظفين الأميركيين، وعائلاتهم بأمان في ظل استمرار العنف في السودان".

وأضاف بلينكن في بيان: "سنواصل مساعدة الأميركيين في السودان، والتخطيط لسلامتهم وإطلاع المواطنين الأميركيين في المنطقة على أحدث تطورات الوضع هناك"، مكررا الدعوات إلى طرفي الصراع "بتمديد هدنة العيد وتوسيع نطاقها على نحو عاجل من أجل وقف دائم للأعمال القتالية".

وكشفت قوات الدعم السريع السودانية في وقت مبكر اليوم الأحد، إن "الجيش الأميركي أجلى الديبلوماسيين الأميركيين وعائلاتهم من السودان، في الوقت الذي استمر فيه القتال بين الجانبين المتحاربين، والذي أسفر عن مقتل المئات من المدنيين".

وأشارت قوات الدعم السريع إلى أن "عملية الإجلاء تمت بالتنسيق معها". وتخوض قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، قتالا ضد الجيش السوداني الذي يقوده الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، اليوم الأحد، إنّ "البلاد تنفّذ عملية إجلاء ديبلوماسييها ومواطنيها من السودان". ثم أعلنت عن "إجلاء 100 شخص على أن يتبعهم 100 آخرون".

فيما تحدث رئيس وزراء بريطانيا عن "إتمام عملية إجلاء معقدة وسريعة للديبلوماسيين البريطانيين وعائلاتهم من السودان".

ولفت السفير الروسي لدى الخرطوم لوسائل إعلام روسية إلى أن "140 من أصل 300 مواطن روسي في السودان، أعلنوا أنهم يريدون الرحيل. تم وضع خطط للإجلاء، لكن لا يزال من المستحيل تنفيذها لأنها تشمل اجتياز جبهات قتال. هناك نحو 15 شخصا بينهم امرأة وطفل عالقون في كنيسة أرثوذكسية روسية على مقربة من قتال عنيف يدور في الخرطوم".

من جهته، لفت وزير الخارجية الهولندي فوبكه هويكسترا،إلى إنّ "بلاده انضمت إلى الجهود الدولية المبذولة لإجلاء الرعايا من السودان"، كاشفا ان "بلاده أجلت أول مجموعة من رعاياها من السودان".

وأوضح أن "حفنة من الهولنديين، تمكنوا من مغادرة الخرطوم على متن طائرة فرنسية في إطار عملية معقدة جدا، نُفذت بمساعدة فرنسا وألمانيا ودول أخرى. نأمل في أن تتمكن مجموعة أكبر من المغادرة مساء اليوم، باستخدام طائرتين عسكريتين أرسلتهما هولندا إلى الأردن الأسبوع الماضي للمساعدة في جهود الإجلاء".

وكتب وزير الخارجية الهولندي على "تويتر": "عملية جارية تقوم بها عدة دول لإجلاء الرعايا من السودان. وسيبذلون كل ما في وسعهم لإخراج الهولنديين من هناك سالمين في أسرع وقتٍ ممكنٍ".

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية إن "أول طائرة عسكرية ألمانية، هبطت في الخرطوم قبل الرابعة عصرا (1400 بتوقيت جرينتش) اليوم الأحد. إجلاء الرعايا الألمان، ومواطني دول أخرى سيستغرق بعض الوقت".

ووافق البرلمان السويدي على إرسال 400 جندي إلى السودان لإجلاء السويديين.

ومن المتوقع أن ترسل دول غربية، طائرات لمواطنيها من جيبوتي رغم أن الجيش السوداني أشار إلى وجود صعوبات في مطار الخرطوم، ومطار نيالا أكبر مدن دارفور. ولم يتضح متى يمكن تنفيذ ذلك.

وقال ديبلوماسي أجنبي طلب عدم نشر اسمه إن "بعض الديبلوماسيين في الخرطوم، يأملون في إجلائهم جوا من بورسودان خلال اليومين المقبلين".

وذكرت وكالة الأنباء اليابانية أن "طوكيو تخطط لنقل اليابانيين برا من الخرطوم إلى مدينة أخرى قبل إجلائهم بالطائرات". وكشفت لاحقا ان "3 طائرات يابانية وصلت إلى جيبوتي لنقل رعايا يابانيين سيتم إجلاؤهم برا من السودان".

وأفادت الهند إنها أرسلت سفينة تابعة للقوات البحرية إلى بورتسودان، وطائرتين عسكريتين إلى جدة، في إطار استعداداتها، وأخبرت مواطنيها بتفادي المخاطر غير الضرورية.

وأعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على تويتر، اليوم الأحد، إن بلاده قررت تعليق عملياتها في السودان مؤقتاً وأخرجت دبلوماسييها.


... ولدول عربية 

تابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب ملف اللبنانيين في السودان، واطمأن منه الى أن قافلة اللبنانيين الذين تم اجلاؤهم من هناك باتت بأمان خارج العاصمة الخرطوم.

ونظمت السفارة اللبنانية في السودان، قافلة لإجلاء اللبنانيين وعددهم زهاء ستين شخصا، الى لبنان بحرا.

وأعطى رئيس الحكومة توجيهاته الى الهيئة العليا للاغاثة لمتابعة هذا الملف، وتأمين عودة اللبنانيين الى بيروت بعد مغادرتهم السودان بحرا.

وأجلت السعودية مواطنين خليجيين من ميناء بورسودان على البحر الأحمر، على بعد 650 كيلومترا من الخرطوم. وسيستخدم الأردن المسار نفسه لإجلاء مواطنيه.

وشكر وزير الخارجية القطري، نظيره السعودي على إجلاء مواطنين قطريين من السودان. في حين، أعلنت وزارة الخارجية العراقية عن "إجلاء 14 مواطنا عراقيا من السودان حتى الآن".

وكشف الجيش الأردني عن "4 طائرات في طريقها إلى السودان لإجلاء رعايا أردنيين وعرب وأجانب".

وقالت مصر إنها بدأت إجلاء مواطنيها من بورتسودان ووادي حلفا في الشمال. وحثت مواطنيها في وقت سابق على الاحتماء في منازلهم حتى يتحسن الوضع.

وشددت على إنه يجب تنفيذ عملية "محكمة وآمنة ومنظمة" لإجلاء مواطنيها البالغ عددهم عشرة آلاف في السودان، مشيرة إلى أن "أحد دبلوماسييها أُصيب بطلق ناري دون الخوض في تفاصيل".

وأشارت السفارة الليبية في الخرطوم إلى أن "83 ليبيا بينهم دبلوماسيون وأسرهم وطلاب وموظفون، وصلوا إلى بورتسودان ليسافروا منها إلى وطنهم".

ولفتت تونس إلى إنها "ستبدأ إجلاء مواطنيها غدا الاثنين". وأبلغت سفارتها في الخرطوم مواطنيها بمحاولة التجمع في أحد الفنادق في العاصمة.

وأعلن المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف اليوم الأحد، عن "إجلاء 14 عراقيا من الخرطوم إلى منطقة بورتسودان"، مؤكدا " اننا نواصل جهودنا متعددة الأطراف لإجلاء الأعداد المتبقية".

المعارك تحاصر السكان... ودعوات إلى احترام الهدنة

وأدى القتال في المناطق الحضرية، إلى محاصرة أعداد كبيرة في العاصمة. وجرى استهداف المطار بشكل متكرر، ولم يتمكن العديد من السكان من مغادرة منازلهم أو الخروج من المدينة إلى مناطق أكثر أمانا.

وحثّت الأمم المتحدة ودول أجنبية، قائدي طرفي الصراع على احترام وقف إطلاق النار المعلن الذي تم تجاهله في كثير من الأحيان، وفتح ممرات آمنة للسماح للمدنيين بالفرار، وإدخال مساعدات تشتد الحاجة إليها.

ولم يتمكن آلاف الأجانب، وموظفو سفارات وعمال إغاثة وطلاب، من الخروج من الخرطوم ومناطق أخرى في السودان، ثالث أكبر دولة في أفريقيا، بسبب إغلاق المطار والمجال الجوي غير الآمن.

وأفاد سكان في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري، عن ضربات جوية بالقرب من هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية، وعن معارك في مناطق منها مواقع قريبة من مقر الجيش.

ولفت أحد السكان في حي كافوري في مدينة الخرطوم بحري إلى أن "إمدادات المياه والكهرباء مقطوعة منذ أسبوع، والضربات الجوية متكررة مع استمرار المواجهات بين طرفي الصراع".

وقال مواطن آخر يدعى محمد صديق من حي شمبات في مدينة الخرطوم بحري: "مررنا بساعات من الرعب عندما وقعت اشتباكات وإطلاق نار بين الجيش وقوات الدعم السريع داخل الحي، والرصاص في كل مكان".

وأظهر بث تلفزيوني مباشر لعدة قنوات، تصاعد سحابة كبيرة من الدخان الأسود من مطار الخرطوم ودوي إطلاق نار ومدفعية.

فتح ممرات آمنة للإمدادات الطبية

دعت منظمة "أطباء بلا حدود"إلى فتح ممرات آمنة. وقال عبد الله حسين، مدير عمليات السودان في المنظمة :"نحتاج إلى مساحة حيث يمكننا إمداد مواقع مختلفة. نحتاج إلى موانئ لدخول البلاد حتى يمكننا إحضار أطقم متخصصة في التعامل مع الصدمات وإدخال إمدادات طبية".

وفيما لفتت "الصحة العالمية" إلى "ارتفاع عدد ضحايا القتال في السودان إلى 420 والإصابات إلى 3700 حتى الآن"، أكدت نقابة أطباء السودان إن " ثلثي المستشفيات في مناطق الاشتباكات، توقفت عن الخدمة. 32 مستشفى إما تقع في مرمى النيران أو قام جنود بإخلائها قسرا".

وتحدثت تقارير عن وقوع أسوأ أعمال عنف خارج العاصمة في دارفور، وهي منطقة صحراوية في غرب البلاد على الحدود مع تشاد. وشهدت دارفور منذ عام 2003 صراعا أسفر عن مقتل 300 ألف شخص وتشريد 2.7 مليون.

وجاء في إفادة للأمم المتحدة عن الأوضاع الإنسانية أمس السبت أن "لصوصا استولوا على ما لا يقل عن عشر مركبات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي وست شاحنات طعام أخرى بعد اقتحام مكاتب ومخازن تابعة للمنظمة في نيالا - جنوب دارفور". 


رويترز

يقرأون الآن