تحت عنوان "توحيد أسعار الصرف".. مصرف سوريا المركزي يتمسك بـ"طوق نجاة دولار المغتربين"، نشرت الحرة مقالا عن وضع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، حيث أشارت إلى أنه تزامنا مع أسوأ أزمة اقتصادية ومالية تعيشها سوريا، تكثر التعاميم والقرارات التي تهدف لضبط الانفلات الحاصل لسعر صرف الدولار، وآخر هذه القرارت هو نشرة "المصارف والصرافة".
وقام مصرف سوريا المركزي بتعديل نشرة "المصارف والصرافة" ليصبح سعر شراء الحوالات الواردة من الخارج، الشخصية و"الويسترن يونيون"، والواردة لصالح الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها والمنظمات والمؤسسات الدولية الإنسانية الواردة معادلاً لـ 2500 ليرة سورية مقابل الدولار الأميركي، بعدما كانت 1250.
ويأتي ذلك في إطار سعي المصرف إلى "توحيد أسعار الصرف وتشجيع الحوالات الخارجية وجذبها عبر الأقنية النظامية بما يحقق موردا إضافيا من القطع الأجنبي يتم توجيهه لتحقيق المصلحة العامة"، بحسب بيان المصرف.
وأشارت مصادر محلية لموقع "الحرة" إلى أنه بالرغم من اعتماد سعر صرف رسمي (2500 ل.س/دولار )، قامت بعض شركات التحويل بتسليم الحوالات الواردة من الخارج بما يعادل 3050 ليرة سورية للدولار الواحد، علماً أنّ سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وصل اليوم السبت، إلى 3175 ليرة سورية.
وفي ظل انخفاض الفارق بين سعر الصرف المحدد للحوالات والمتبع في السوق السوداء، يطرح التساؤل حول الهدف من هذه الخطوة ومدى صحتها.
"عملية جذب"
وهنا يجيب المحلل الاقتصادي، يونس الكريم، في حديث لموقع "الحرة"، قائلاً: "يحاول المركزي حصر سعر الدولار لاسيما أنّ الحوالات هي المصدر الرئيسي للقطع الأجنبي"، مؤكدا أن "بعض المكاتب اعتمدت سعر أعلى من المحدد رسميا".
واعتبر الكريم أنّ هذه الخطوة هي بمثابة "عملية جذب لتشجيع السوريين في الخارج إلى إرسال أموالهم عبر مكاتب الصيرفة والتحويلات، عوضا عن ارسالها عبر السوق السوداء، لاسيما أنّ الفارق لم يعد كبيراً بين الطرفين".
"العملة الأجنبية"
وأوضح الكريم أنّ "الصناعة متوقفة بالكامل، وكذلك سوق العقارات بسبب عدم نفاذ قانون البيوع الذي سيحدد ضريبة على سعر متر العقار، ما جعل التحويلات الخارجية المنفذ الوحيد للحصول على العملة الأجنبية والاستيراد من جديد، وهذا ما تسعى له الحكومة بعد أزمة شح السلع الرئيسية في الأسواق".
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أنّ "الحكومة السورية غير قادرة على استيراد السلع الأساسية بسبب خسارة كل أموال الموازنة بعد الانهيار الكبير والمستمر في سعر الصرف".
وشدد على أنّ خطوة المصرف المركزي ليست لكي يمول النظام السوري نفسه، قائلاً: "الأولوية اليوم هي لتأمين السلع والخدمات الأساسية للناس".
هذا وتستعد البلاد إلى إجراء انتخابات رئاسية، هي الثانية منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، وذلك في الأشهر المقبلة، دون أن يحدد موعدها النهائي بعد.
وفي هذا السياق، قال الصحفي الاقتصادي، مرشد النايف، في حديث لموقع "الحرة"، إنّ "هدف نظام بشار الأسد من إجراء تخفيض قيمة الليرة السورية هو توفير إمدادات بالحد الأدنى من القطع الأجنبية، لأن الأسواق السورية تعاني جفافا كبيراً في الدولار".
لم يعد لديه أي خيار
وأضاف: "النظام يريد تحميل جميع الأعباء الاقتصادية والمسؤوليات لسعر صرف الليرة لحرف الأنظار عن القضايا الأخرى الأكثر أهمية، إذ أنه هناك شح كبير في المشتقات النفطية، والخبز أيضاً"، لافتاً إلى أنّ "هناك محاولة واضحة لاختزال وحصر الأزمة الاقتصادية والمعيشية بسعر الصرف".
واعتبر النايف أنّ "ما أعلن عنه المصرف المركزي ليس "انجازا" بل اعتراف بانهيار الليرة وتراجع سعر صرفها مقابل الدولار بشكل رسمي"، موضحاً أنّ "النظام لم يعد لديه أي خيار آخر سوى رفع سعر الصرف، فهو يريد طوق النجاة بعدما انقطعت عنه جميع موارد القطع الأجنبي التقليدية التي تلين حركة الدولار، خصوصاً أنّ لبنان أيضا يعاني من أزمة اقتصادية ومالية مشابهة".
صحة الإجراء
وعن مدى صحة الخطوة من الناحية العلمية، أعرب الكريم عن عدم أمله في أن يحمل توحيد سعر الصرف آثارا إيجابية على الاقتصاد السوري.
ولكن النايف اعتبر أن "هذا الإجراء مؤقت ولن يحدث أي تعافي لسعر صرف الليرة السورية، حتى لو حمل بعض المنافع للحكومة وللسوريين الذين يرسلون أموال لذويهم من الخارج"، مشدداً على أنّ "الواقع الاقتصادي يحتاج لسياسات داعمة للنمو".
هذا وكان مصرف سوريا المركزي قد رفع سعر صرف الليرة الرسمي مقابل الدولار من 700 إلى 1250 ليرة، في يونيو 2020.
الحرة