عرض البروفسور طوني نمر، الاختصاصي في الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت، بعض النتائج التي خرج بها بعد معاينته الميدانية لنتائج الزلزال الذي ضرب تركيا في شباط/فبراير الماضي والتي تنطبق بمعظمها على طبيعة لبنان، كما بلدان أخرى بشكل عام.
وقال في سلسلة تغريدات على موقع "أكس" (تويتر) أن الأبنية المؤلفة من طوابق قليلة (1 الى 3 طوابق) بقيت في معظمها واقفة حتى على بعد أمتار قليلة من الانكسارات الأرضية. أما الأبنية المؤلفة من طوابق عدة (4 الى 8 طوابق) فقد تفاوتت نسب تأثرها بحسب طبيعة الصخور تحتها وطبيعة ربط أساساتها ببعضها.
وأشار الى أنه لم يصادف أبنية مؤلفة ما يزيد عن 8 طوابق في مناطق عمله الميداني، موضحا أن عدم ذكر حالة تلك الأبنية وكيفية تأثرها لا يحتمل أي تأويل على الإطلاق.
ونقل نمر عن شهادات بعض السكان في أبنية قريبة جداً من الخطوط الزلزالية، أنهم لم يستطيعوا الوقوف من شدة الاهتزازت أثناء محاولتهم الخروج من منازلهم، ولكن رغم ذلك ما زالت غالبية أبنيتهم واقفة وصالحة للسكن.
في حين أن الأبنية التي دمرها الزلزال هي في معظمها مبنية على صخور غير متماسكة، وذات أساسات غير مترابطة بشكل جيّد. مشددا على أن نسبة الدمار الكبيرة التي نتجت عن زلزالي 6 شباط/فبراير، سواء في تركيا أو في سوريا، هي إما بسبب الطبيعة الجيولوجية الضعيفة للمناطق (نوعية الصخور والتربة) وإما طريقة البناء بمواصفات غير مطابقة (أساسات ضعيفة)، وإما الاثنين معاً.
ليخرج بخلاصة تتعلق بلبنان بشكل خاص، مفادها "أن غالبية المناطق اللبنانية هي ذات صخور قاسية وخاصة حيث الأبنية المرتفعة وهذا أمر جيّد، والمناطق ذات الصخور غير المتماسكة والترسبات الضعيفة تحوي بغالبيتها أبنية غير مرتفعة، وهذا جيّد أيضاً".
وبعد هذه السلسلة من التغريدات، شرح دكتور نمر لـ"وردنا" أن طبيعة لبنان الجيولوجية بمعظمها صخرية، وأن الصخور الكلسية التي يمتاز بها لبنان ليست بقوة الصخور البركانية، لكن هذا لا يعني بالمطلق أنها ضعيفة. وأضاف أن مدينة بيروت والمناطق الساحلية هي ذات طبيعة صخرية متينة بدليل صخرة الروشة وشاطئ عين المريسة - المنارة.
في حين أن الصخور الرملية هي ضعيفة أمام الزلازل وهي تشكل ما نسبته بين 15-20% وهي منتشرة في مناطق الشوف وجزين وجزء من بيروت مثل منطقة الرملة البيضا، وفي هذا السياق يؤكد دكتور نمر المتخصص في الزلازل، أن الأبنية في هذه المناطق بمعظمها مبنية بطريقة جيدة لناحية ترابط الأساسات. والأمر عينه ينطبق على الأبنية في منطقة البقاع ذات الطبيعة الترابية المشابهة لتلك الرملية.
وفي ردّ على سؤال حول أكثر المناطق ضعفاً في لبنان، أجاب بأنها مناطق الردميات أو المكبات التي حوّلت الى مساحات خالية مثل النورمندي والواجهة البحرية، لكن أيضا بحسب نمر، أن الأبنية في هذه المناطق تتألف من طوابق قليلة، كون المهندسين أخذوا في عين الاعتبار طبيعة هذه المناطق.
ويعزز دكتور نمر رأيه هذا بمشاهداته في تركيا، حيث أن أبنية مرّ الزلزال بما لا يتعدى بضعة أمتار قليلة عنها (3 أمتار) لكنها بقيت صامدة نتيجة البناء الصحيح وترابط أساساتها، في حين أنه في مناطق أخرى في انطاكيا مثلا، بعض الأبنية غرقت الطوابق السفلية منها في الأرض، لأن الطبيعة الجيولوجية مشابهة لطبيعة مناطق الردميات.
وختم نمر بالتأكيد على مسألتين أساسيتين، أولا أن ليست كل الأبنية في لبنان مقاومة للزلازل. أما المسألة الثانية، فهي تأتي انطلاقا من معاينته الميدانية لزلزال تركيا، أنه في حال حدوث زلزال مشابه فإن الأبنية في لبنان قادرة على الصمود بأكثريتها الساحقة، على عكس ما تخوف منه البعض من أنه لن يبقى "حجر على حجر" وبالتالي فان الأمر لا يستدعي إعلان حالة طوارئ.