يظهر بحث جديد، بحسب تقرير أعدته "ذا كونفرزايشن"، فإن الاتجاه الى تعميم حالات الحرائق ليس موحدًا. وبتتبع الظاهرة في أجزاء من فيكتوريا على مدار الأربعين عامًا الماضية، يتبين أن تواتر الحرائق آخذ في الازدياد في جميع النظم البيئية التي درسناها، ولكن بدرجات متفاوتة. في بعض الأماكن، تعرض الحرائق أنظمة بيئية بأكملها لخطر الانهيار وتراجع التنوع البيولوجي، الامر الذي يستدعي طرح المزيد من الأسئلة حول الممارسة المثيرة للجدل المتمثلة في قطع الأشجار المحلية.
حرائق أكثر تواترا
لفهم تأثيرات حرائق الغابات، لا يكفي التركيز على حريق واحد. تنطلق كاتبة المقال جو أديتونجي من ضرورة " فحص الحرائق المتتالية في منطقة ما ومدى تكرارها، مع ضرورة التركيز على جنوبي شرقي أستراليا - أحد أكثر أجزاء القارة اكتظاظًا بالسكان، نظرا لغاباتها الكثيفة، والمعرضة للحرائق."
وتفصل الكاتبة المناطق: "وصلنا إلى ست مناطق جغرافية في فيكتوريا تُعرف باسم المناطق الحيوية. وتختلف تلك المناطق في ظروفها المناخية وخصائصها الجيولوجية والتنوع البيولوجي وخصائص أخرى. تغطي المناطق الست مجتمعة 4.64 مليون هكتار - معظمها من الغابات. وتبين أن منطقة "جيبس لاند لولاندس" في فيكتوريا بها حرائق بين أعوام 1981-2000 أكثر من المناطق الأخرى التي درسناها، وبزيادة متواضعة في عدد الحرائق بين عامي 2000 و 2020. ولا ينتهي هذا التفاوت عند هذا الحد.
تواتر الحرائق بين 1980 إلى 2000 (أعلى) وبين 2001 و 2020 (أسفل) عبر مناطق في جميع أنحاء شرق فيكتوريا.
صورة معقدة
ويلفت التقرير الى علاقة بين تواتر حرائق الغابات والخصائص الطبوغرافية مثل المنحدرات، فضلاً عن مقاييس المناخ مثل هطول الأمطار ودرجة الحرارة. ومع ذلك، فإن تأثير هذه العوامل اختلف بشكل ملحوظ بين المناطق. توضح: "على سبيل المثال، في أربع مناطق بيولوجية قمنا بدراستها، أصبحت حرائق الغابات أكثر تواتراً مع انخفاض هطول الأمطار. لكن العكس كان صحيحًا في المنطقتين البيولوجيتين الأخريين. وأسباب هذه النتائج المعقدة لا تزال غير واضحة. ولا ننسى أن حالات العواصف قد تكون مصحوبة بالبرق (والذي يمكن أن يشعل الحرائق). ويمكن أن يؤدي الانحدار إلى جريان المياه بشكل أسرع، مما يعني أنه قد لا يتم الاحتفاظ بهطول الأمطار في التربة كما قد يكون بخلاف ذلك، ويمكن أن تصبح الغابات أكثر جفافاً".
وتلفت: "بالمثل، تأثر تواتر الحرائق أيضًا بمدى انحراف درجات الحرارة عن المتوسط طويل المدى. بشكل عام، كان هذا الانحراف نحو درجات حرارة أعلى. في بعض المناطق، ارتبط هذا الاختلاف في درجات الحرارة بحرائق أقل تواتراً. وفي حالات أخرى تزامنت مع حرائق أكثر تواترا. مرة أخرى، أسباب هذه الاختلافات ليست واضحة بعد. وهذه الزيادة في وتيرة الحرائق مقلقة. تشمل بعض الأماكن التي تكثر فيها الحرائق بشكل خاص، تلك التي يغلب عليها أشجار الأوكالبتور من نوع الرماد. وتماشيا مع التحليلات السابقة، وجدنا أدلة على المواقع التي شهدت ما يصل إلى أربعة حرائق في السنوات الـ 25 الماضية. وتاريخياً، كانت الحرائق في النظم البيئية من نوع الرماد تحدث مرة واحدة فقط كل 75 إلى 150 عامًا. وقد تؤدي الحرائق التي تتكرر كثيرًا في هذه البيئات إلى انهيار النظام البيئي بأكمله".
ويخلص التقرير الى وجود صلة وثيقة بافتعال الحرائق للاستفادة من الأشجار. يشير هذا إلى أن غلة قطع الأشجار الأصلية في جنوبي شرقي أستراليا ستنخفض، مما يجعل هذه الممارسة أكثر خطورة من الناحية المالية.
منطقة متأثرة بالحريق في جبال الألب الفيكتورية في أعقاب حرائق في عام 2013. المنطقة عينها احترقت ايضا عام 2007 و 2019
ماذا يجب أن يحدث بعد ذلك؟
تؤكد النتائج أن حرائق الغابات أصبحت أكثر تكرارا في أجزاء من جنوبي شرقي أستراليا. وبينما يؤثر تغير المناخ على تواتر الحرائق، تختلف التأثيرات باختلاف المناطق الجغرافية. ومن الواضح أنه يجب السعي للحد من عدد حرائق الغابات. وتكون الاستجابة باتخاذ خطوات أكثر صرامة للتصدي لتغير المناخ. ولكن حتى لو واجهت البشرية هذا التحدي العالمي الهائل، فسوف يمر وقت طويل قبل أن نرى تغيرات يمكن إثباتها في الظروف المناخية.
وتشمل الخيارات الأكثر إلحاحًا إدارة الغطاء النباتي لتقليل القابلية للاشتعال. على سبيل المثال، يمكن الحد من قطع الأشجار والتخفيف من كثافة الغابات الأكثر قابلية للاشتعال، لذلك يجب وقف هذه الممارسات في هذه النظم البيئية المعرضة للخطر.
يخلص التقرير الى وجود "حاجة إلى مزيد من الجهود للحفاظ على التنوع البيولوجي الذي يتأثر بالحرائق، والحفاظ على النظم البيئية المعرضة لخطر الانهيار. يجب علينا أيضًا تبني تقنيات جديدة لاكتشاف حرائق الغابات بمجرد اشتعالها، وقمعها في أسرع وقت ممكن".