الرئاسة مؤجلة والمشهد إلى مزيد من التعقيد

مرحلة جمود جديدة تنتظر لبنان ابتداءً من الأسبوع الحالي وصولاً حتى موعد عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، لن يخرقها سوى النتيجة المرتقبة للحوار الذي يخوضه "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" وما إذا كان لون الدخان أبيض أم أسود، للبناء على الشيء مقتضاه.

في هذا السياق، ثمّة معلومات مفادها احتمال تأجيل لودريان زيارته من أول أسبوع في أيلول إلى ثالث أسبوع، وذلك إفساحاً في المجال أمام مساعي تليين موقف المعارضة من الحوار من جهة، وإفساحاً في المجال لتطوّر حوار حارة حريك وميرنا الشالوحي من جهة أخرى، علّه يُنتج اتفاقاً يُسهّل على فرنسا مهمتها الرئاسية، وفق ما ترغب الأخيرة.

على الضفّة الأخرى، فإن معظم قوى المعارضة، على موقفها المبدئي الرافض لكل أنواع الحوار مع فريق الممانعة خارج المؤسسات الدستورية، أي مجلس النواب، ووفق معلومات جريدة "الأنباء" الإلكترونية، فإن "القوات" لن تُشارك في حوار لودريان في حال دعا الأخير إليه في أيلول المقبل، وهي لن ترد على الأسئلة التي طرحها الموفد الفرنسي قبل أيام.

انطلاقاً من هذه النقطة، فإن أجواء المبادرة الفرنسية ولودريان لا تبدو إيجابية، خصوصاً وأن المسعى الحواري الذي تقوده فرنسا يصطدم برفض المعارضة داخلياً وليس "القوات" فحسب، وعدم حماسة المجتمع الدولي له، وبشكل خاص دول اتفاق الدوحة الخماسي، أي الولايات المتحدة، السعودية، مصر وقطر تجاهه، لا بل تمسّك هذه الدول ببيانها الذي شدّد على ديموقراطية الاستحقاق.

وتضع المعارضة في صلب أهدافها عدم وصول أي مرشّح ممانع إلى قصر بعبدا، وبالتالي، فإن أي اتفاق محتمل بين باسيل و"الحزب" على دعم فرنجية سيفتح باب النقاش داخل أروقة المعارضة على كيفية الرد، وما إذا كانت ستلجأ إلى تطيير نصاب الجلسات ومدى قدرتها على فعل ذلك، خصوصاً وأن تحالف "الحزب" و"التيار" في حال حصل قد يؤمّن 65 صوتاً لفرنجية.

هذا في الشق المحلي، أما في الشق الإقليمي والدولي، فمن الواضح أن أي تسوية لم تعقد بعد حول لبنان بشكل خاص، والجهد الدولي توقف عند لقاء الدوحة الخماسي، فالاتفاق الأميركي الإيراني الأخير موضعي ولا يُعالج ملفات المنطقة بل مصالح ثنائية، والاتفاق السعودي الإيراني لا زال في مراحله الأولى ويواجه تحدّيات كثيرة تجعل الطرفين يصرفان النظر عن لبنان ليعالجا هواجسهما.

في سياق متصل، تؤكّد مصادر المعارضة على موقفها الرافض من الحوار الشامل مع "حزب الله" قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، وتُشدّد على "وجوب إنجاز الاستحقاق ضمن أطر المؤسسات الدستورية"، ما يشي بأن مسعى لودريان سيصطدم بحائط الرفض وقد يفشل.

وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، تُعلّق المصادر على رسالة لودريان لافتةً إلى أن "المعارضة تؤيّد مواصفات بيان الدوحة الخماسي، وهذا كان واضحاً خلال لقاء أطرافها بلودريان، ونعود ونكرّر رفضنا لأي مرشّح تابع لمحور الممانعة".

في المحصّلة، فإن مشهداً داخلياً معقداً بالانتظار، ولا بوادر لأي انفراجة مع تمترس كل فريق خلف مواقفه ورفض التنازل من أجل الصالح العام، ومرحلة جمود طويلة مرجّحة قد يخرقها بعض اللقاءات والأجواء، لكن دون فاعلية تُذكر.

بالتالي، رئاسيا وفق صحيفة "الشرق"، لا شيء محسوما بعد حيال عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت. فبينما كانت مقررة مطلع ايلول، الرجل قد يرجئ الزيارة خاصة في ظل عدم حماسة القوى النيابية المعارضة للحوار الذي يعتزم الدعوة اليه. وبحسب ما تقول مصادر ديبلوماسية، فإن لودريان يراجع راهنا مع دوائر القرار الفرنسي، خياراته واوراقه، كما انه يجري بعيدا من الاضواء، سلسلة اتصالات مع الخماسي الدولي المتابع للملف اللبناني، ليبني على الشيء مقتضاه، خصوصا وان عدم عودته الى لبنان سيعني انتهاء الوساطة الفرنسية، وهو يجوجل الآن التوجّهات الافضل لتفادي فشل جديد لمسعاه الرئاسي التوفيقي.

يقرأون الآن