أثارت العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة في أعقاب الهجوم المباغت الذي شنته عليها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر دعوات في الشرق الأوسط، لا سيّما من إيران عضو أوبك، باستخدام النفط كسلاح لمعاقبة إسرائيل.
ويدفع الصراع العديد من المحللين ومراقبي سوق النفط والسياسيين، إلى مقارنة ذلك مع حظر النفط الذي فرضته منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في عام 1973، عندما أوقف منتجو النفط العرب صادرات النفط إلى عدة حلفاء لإسرائيل، بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا في أعقاب الحرب بين العرب وإسرائيل ذاك العام.لكن محللين ومصادر في أوبك يقولون: "إنّ عالم الطاقة اليوم مختلف تمامًا عما كان عليه قبل 50 عامًا"، وقللوا من إمكانية فرض حظر جديد.
وتجتمع أوبك ومنتجون مستقلون بينهم روسيا أو المجموعة المعروفة باسم أوبك+ في فيينا، يوم الأحد، لاتخاذ قرار بشأن سياسة الإنتاج، وقالت مصادر لرويترز: "إنّ من المرجح مناقشة تخفيضات إضافية في الإنتاج".
من أين تأتي دعوات الحظر؟
حث وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أعضاء منظمة التعاون الإسلامي الشهر الماضي على فرض حظر نفطي، وعقوبات أخرى على إسرائيل وطرد جميع سفراء إسرائيل.
وأشارت أربعة مصادر من أوبك، التي تنتج ثلث نفط العالم وتشمل عدّة دول مسلمة منها إيران، لرويترز، إلى أنّه "لا يوجد أي تحركات فورية أو اجتماعات طارئة مزمعة للمجموعة في ضوء التصريحات الإيرانية".
ايران تدعو لفرض حظر نفطي على اسرائيل#خبرني https://t.co/sbATOxPxM6
— خبرني Khaberni (@khaberni) October 18, 2023
ويوم الأحد، ناشد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الدول المسلمة التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بقطعها "لوقت محدود" على الأقل بعد أسابيع مما من دعوته لفرض حظر إسلامي للنفط والغذاء على إسرائيل.
وخلال قمة مشتركة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية في الرياض في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، لم تتفق الدول المسلمة على فرض عقوبات واسعة النطاق على إسرائيل مثلما طلب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
ماذا حدث في عام 1973؟
فرضت الدول العربية في منظمة أوبك بقيادة السعودية، حظرًا نفطيًا على الولايات المتحدة في عام 1973 ردًا على دعمها لإسرائيل في حرب تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام. وسرعان ما طال الحظر، وما تبعه من خفض للإنتاج، دولاً أخرى بينها هولندا وبريطانيا واليابان.
وأدّى الحظر إلى نقص حاد في الوقود، مما أسفر عن اصطفاف طوابير طويلة أمام محطات التزود بالوقود. وكان لذلك تأثير سلبي كبير على الإقتصاد الأميركي.
وأدّى الحظر إلى ارتفاع أسعار النفط، لكن الأزمة شجعت على المدى الطويل على تطوير مناطق نفطية جديدة خارج الشرق الأوسط، مثل بحر الشمال وأصول المياه العميقة، بالإضافة إلى مصادر الطاقة البديلة.
لماذا من المستبعد فرض حظر آخر؟
بينما كانت الدول الغربية المشتري الرئيسي للنفط، الذي تنتجه الدول العربية قبل نصف قرن، أصبحت آسيا اليوم المستهلك الرئيسي لنفط الدول الأعضاء في أوبك وتمثل نحو 70 في المئة من إجمالي صادرات المنظمة.
وعن سبب استبعاد فرض حظر جديد، قال مصدر من أوبك: "البيئة الجيوسياسية مختلفة عما كانت عليه قبل 50 عاما".
وأوضح بنك جيه.بي مورغان في مذكرة أنّه "من المستبعد على ما يبدو أن تفرض دول الخليج المنتجة للنفط حظرًا نفطيًا على غرار ما حدث في السبعينيات، لأنّ ثلثي صادرات دول مجلس التعاون الخليجي من النفط اليوم يشتريها عملاء آسيويون، والأهم من ذلك أنّ التحول الإقتصادي المقرر والذي تنفذه المنطقة حاليًا، يتطلب عدم وجود صراع بشكل مستمر".
ومن جهته، لفت مدير معهد باين للسياسة العامة، مورغان بازيليان، إلى أنّ "مشهد الطاقة تغير بشكل كبير خلال الخمسين عامًا الماضية".
وأضاف: "الولايات المتحدة هي الآن أكبر منتج للنفط والغاز، ولديها احتياطي استراتيجي كبير من البترول".