بحسب الاعلام الاسرائيلي، فإنّ "اسرائيل تتحدّث عن إزالة مستديمة لقوة الرضوان من شمالي المستوطنات"، وهو ما أشار اليه وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت بقوله إنّ "ثمّة سبيلَين لإبعاد حزب الله الى شمالي نهر الليطاني: إمّا بحل سياسي وامّا بحل عسكري".
واذا كان ظاهر الصورة قد أبرز حراكاً دوليّاً في اتجاه لبنان، لا سيما من قبل الإميركيّين والفرنسيّين تحت عنوان علني هو منع توسّع دائرة التصعيد، فإنّ جوهره هو حَث المسؤولين في لبنان على ممارسة الضغط على حزب الله ومنعه من فتح جبهة حرب ضد اسرائيل انطلاقاً من لبنان، والتحذير من عواقب وخيمة قد تجرّها هذه الحرب على هذا البلد.
الّا أنّ مصدراً مسؤولاً على صِلة مباشرة بحركة الموفدين تجاه لبنان، اكد لـ"الجمهورية" انّ اسرائيل تستبق انتهاء حربها على غزة بحديثٍ عن نصرٍ مسبق وحتمي، يُمكّنها من فرض ارادتها على غزة وأجندتها على مرحلة ما بعد هذه الحرب، تشمل لبنان بفرض حل سياسي لطمأنة المستوطنين، او فرض واقع جديد بحل عسكري". فهذا الكلام لا يعدو اكثر من محاولة احتواء لخوف المستوطنين.
فبالنسبة الى الحل السياسي، يفترض المصدر انه |مَبني على أجندة مفترضة للمنطقة بعد غزة، والفرنسيون قالوا صراحة أمامنا ما مفاده انّ مرحلة ما بعد حرب غزة ستشهد مؤتمرا دوليا لوضع ترتيبات جديدة ربما تشمل كل المنطقة ومن ضمنها لبنان. وهذا الامر مجرّد فكرة حتى الآن، الّا انّ ما ينبغي لَحظه في هذا السياق، هو أنّ زيارة الموفدين الى لبنان اقترَنت بإثارة غير بريئة لموضوع القرار 1701، من زاوية تطبيقه من الجانب اللبناني، واعتبار منطقة عمل قوات اليونيفيل منطقة منزوعة السلاح وخالية من المسلحين. واكثر من ذلك إقران هذه الاثارة بالترويج لِما سَمّوها الحاجة الملحّة لتعديل القرار، بما يعدّل مهام اليونيفيل وجعلها قوات قتالية. من دون ان يأخذوا في الاعتبار انّ مثل هذا الامر قد يُدخِل المنطقة في المجهول".
ويؤكد المصدر المسؤول أن "اثارة موضوع القرار 1701 اعلامية وسياسية لا اكثر ولا اقل، وبالتالي هو ليس مطروحاً على بساط البحث، اضافة الى أنّ المنسقة الخاصة للامم المتحدة يوانا فرونتيسكا نَفت صراحة ايّ توجّه لتعديل القرار، بل اكدت على تطبيقه، ونحن نشاركها بالدعوة الى تطبيقه وإلزام اسرائيل بذلك، كما انّ احداً من الموفدين الدوليين لم يطرح امام اي مسؤول لبناني هذا الموضوع لا من قريب او من بعيد".
وامّا بالنسبة الى الحل العسكري، فيقول المسؤول عينه: قبل الحديث عن هذا الحلّ العسكري دعونا نرَى كيف ستخرج اسرائيل من حربها على غزة وبعد ذلك لكلّ حادث حديث. ولكن بمعزل عن ذلك، فإنّ الحل العسكري الذي لَوّح به وزير دفاع العدو، يعني الحرب مع حزب الله وسائر قوى المقاومة في لبنان، وليس خافياً ان اسرائيل من يدعو اليها. الّا أن هذه الحرب، باعتراف الاسرائيليين أنفسهم، غير مضمونة النتائج، وأهم ما فيها ما قرأته أخيراً في الصحافة الاسرائيلية وحرفيته أن الحرب مع لبنان ستدخل كلّ اسرائيل الى الملاجىء، ولا يمكن تقدير آثارها خصوصاً أنّ واقع اليوم غير الواقع الذي كان سائداً في حرب تموز 2006.
في هذه الأجواء، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ"الجمهورية" انّ "الولايات المتحدة الاميركية مارست ضغوطاً جدية لمنع توسّع دائرة الحرب في اتجاه لبنان. وان اسرائيل رضخت لهذه الضغوط، الا أنّ واشنطن ما زالت قلقة من أن يستغل حزب الله هذا الوضع لشَن حرب وتصعيد ضد الجيش الاسرائيلي ما يعزّز احتمال وقوع مواجهات واسعة يتأثر بها لبنان بشكل مباشر".
ومَردّ هذا القلق، كما تقول المصادر، "هو تصاعد العمليات العسكريّة على الحدود، فالمستويات الرسمية في لبنان اكدت انّه ليس في وارد الانخراط في حرب لا يتحمل آثارها وتداعياتها، الا انّ حزب الله الذي شملته لقاءات الموفدين في لبنان، والفرنسيين على وجه الخصوص الذين حذّروا من مخاطر هذا التصعيد واحتمالات نشوب حرب واسعة، لم يقدّم للموفدين ما يُبدّد هذا القلق.
الوضع الداخلي
داخلياً، يراوح الوضع السياسي في نقطة التجاذب حول ملف قيادة الجيش وتأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون. وفيما باتت فرصة البَت بهذا الأمر في حكومة تصريف الاعمال معدومة لضيق الوقت، تتجِه الانظار الى المجلس النيابي حيث سيأخذ هذا الملف طريقه الى هيئته العامة. وسينعقد المجلس النيابي في جلسة تشريعية سيتحدد موعدها في اجتماع هيئة مكتب المجلس بعد ظهر الاثنين المقبل، ويرجّح ان تعقد منتصف الاسبوع المقبل، ولأكثر من يوم، نظراً لجدول اعمالها الواسع.
وعلى الرغم من أنّ مؤيدي التمديد لقائد الجيش يجزمون بأنّ إقرار التمديد حاصل في الجلسة التشريعية، خصوصاً ان النصاب القانوني لانعقاد الجلسة متوفّر، وكذلك اكثرية التصويت على التمديد، فإنّ مصادر سياسية اكدت لـ"الجمهورية" انه "من السابق لأوانه حسم هذا الامر سلفاً، خصوصاً انّ المواقف والتوجهات لم تُحسَم بعد بصورتها النهائية، ومن هنا لا ينبغي ان نخرج من الحسبان احتمال حصول مفاجآت في الجلسة".
مؤيّدو التمديد، وفق معلومات "الجمهورية"، يعتبرون "أيّ طعن بقانون التمديد لقائد الجيش ساقط سلفاً، باعتبار انّه يندرج في خانة الضرورات القصوى التي تُجنّب المؤسسة العسكرية السقوط في فوضى وفراغ في ظل ظروف شديدة الدقة والخطورة يمرّ بها لبنان في غياب رئيس للجمهورية، وكذلك ظروف المنطقة التي تُنذر بمخاطر كبرى".
امّا معارضو التمديد، وفي مقدمهم التيار الوطني الحر، فيؤكدون "لاقونية هذا الاجراء، وبالتالي سيُسقطه الطعن به امام المجلس الدستوري. فالمبدأ هو تداول السلطة، وبالتالي القول إنّ استمرارية المؤسسة وتماسكها مرتبطان بشخص معين مفاعيله شديدة السلبيّة على المؤسّسة العسكرية، وانتقاص من مكانة كبار ضبّاط الجيش وقدرتهم وخبرتهم، والذين هم جميعهم أهل لقيادة الجيش والحفاظ عليه بكل كفاءة ومسؤولية".
وفد فرنسي
قالت مصادر دبلوماسية لـ"الجمهورية": إنّ الوفد آتٍ من تل ابيب ولم ينقل رسائل تهديد من الكيان الاسرائيلي بل تكلمَ بلغة ديبلوماسية حول ضرورة تطبيق القرار 1701 من الطرفين اللبناني والاسرائيلي وتهدئة جبهة الجنوب كما فعلَ في اسرائيل، وهو بَحثَ بعض الإجراءات العملانية واللوجستية الكفيلة بتحقيق التهدئة في جبهة جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، لذلك ضَم الوفد ضباطاً من الجيش والمخابرات.وأوضحت المصادر انّ فرنسا ليست مهمتها نقل رسائل التهديد من اسرائيل الى لبنان، كما يتردّد، بل رسائل سياسية من ضمن مسار التهدئة الذي تسلكه باريس لمنع توسّع الحرب من غزة الى لبنان، نظراً لمخاطر توسّعها على كل الاطراف خصوصاً على لبنان.