دولي

خلاف جناحي حماس لن يُفسد وداً في الحرب ...ولبنان: متى تأتي الساعة؟

ما بين الأنفاق في غزة ومكتب حماس السياسي في الخارج خلاف وغليان محوره قضيتان رئيسيتان: إنهاء الحرب في غزة، ومستقبل القطاع بعد الحرب.

خلاف جناحي حماس لن يُفسد وداً في الحرب ...ولبنان: متى تأتي الساعة؟

فتيل الصراع وفق ما أشارت إليه تقارير غربية اشتعل بين الجناحين السياسي والعسكري على خلفية المفاوضات التي انخرطت فيها القيادة السياسية في الحركة مع السلطة الفلسطينية سراً ومن دون علم رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار بشأن كيفية حكم القطاع والضفة الغربية بعد انتهاء الحرب، وإبداء الجناح السياسي في الحركة استعداده للإنضمام إلى منظمة التحريرودعم المفاوضات في ظل حكومة وحدة وطنية لإقامة دولة فلسطينية.

أمرٌ أغضب السنوار الموضوع على رأس لائحة المطلوبين لدى إسرائيل، وطالب بوقف المفاوضات على الفور، خصوصا أنها تشكل علامة واضحة على أن الفصيل السياسي لحماس بدأ في التخطيط لمرحلة ما بعد الصراع، كما يشكل منعطفاً حادا بعد أكثر من شهرين على الهجوم الذي قادته الحركة على غلاف غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر. فهل بدأت أسوار الحرب التي شنتها حماس ودخلتها إسرائيل تنهار على أصحابها؟ وهل يجوز الكلام فعلا عن "اليوم التالي" للحرب على غزة والحرب بحسب الخبراء ما زالت في أولها؟

مقاربة الكلام عن الخلاف بين جناحي حركة حماس السياسي والعسكري لا تنطبق على أرض الواقع في قطاع غزة. فالصراع بين حماس التي انضمت إلى جناح إيران منذ العام 2017 بعدما كانت تتبع تنظيم القاعدة هي وكتائب القسام التابعة لها، قائم منذ ما قبل الحرب مع الجهاد الإسلامي الذي يدور أيضا في فلك إيران ويتلقى الأوامر من خامنئي.

رئيس لجنة تنفيذ القرارات الدولية في لبنان طوني نيسي يشير في السياق إلى "أن القوتين العسكريتين في غزة أي حماس والجهاد هما على خلاف دائم وكلنا يذكر كيف وقفت حماس على الحياد العام الماضي عندما قامت إسرائيل بعمليات عسكرية ضد الجهاد الإسلامي في غزة وقتلت 8 من كبار قادتها. لكن حماس والجهاد يدوران في فلك إيران ويتلقيان الدعم المالي واللوجستي وحتى الأوامر منها وكانا شريكين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر .وهذا الدور العسكري للجهاد إلى جانب حماس دفعها إلى رفع سقف مطالبها من الحصة المقرر اقتسامها بعد انتهاء الحرب في إدارة القطاع والاصرار على أن تكون شريكا بعدما كانت ملحقا لحماس".

محادثات قادة حماس السياسيين مع قياديين من الصف الأول في السلطة الفلسطينية تمحورت حول استعداد الطرف الأول للانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية ودعم المفاوضات في ظل حكومة وحدة وطنية لإقامة دولة فلسطينية ضمن حدود العام 1967. لكن في المقابل تصر حماس على عدم تخليها عن السلاح أو تغيير موقفها تجاه إسرائيل، التي ترفض الاعتراف بها على الأقل طالما استمر الاحتلال.

"إلا أن "المفاوضات" بين جناح حماس السياسي والسلطة الفلسطينية قائم منذ ما قبل الحرب" يقول نيسي، وكان هناك مشروع لتوحيد السلطة الفلسطينية السياسية مع منظمة فتح والعسكرية مع حركة حماس. اليوم تعود هذه المحادثات برعاية الدوحة والدول المشاركة بطريقة غير مباشرة في الحرب" يقول نيسي.

منذ بداية الحرب كانت السلطة الفلسطينية الممثل الوحيد للفلسطينيين ولا تزال، حتى أن البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية الطارئة التي عقدت في تشرين الأول الماضي في السعودية لم يرد إلا على ذكر السلطة الفلسطينية كممثل شرعي للفلسطينيين .

إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لا يزال يؤكد رفضه الخروج من غزة قبل "القضاء كاملاً" على حركة حماس، كما يرفض عودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع ويطالب بقوات دولية. ومن بين الخيارات التي تجري دراستها بين رؤساء المجتمع الدولي تشكيل قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات تضم دولا عربية، وهو ما ترفضه حماس والسلطة الفلسطينية. والخيار الآخر هو إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية الخاصة.

موقف نتنياهو مهّد الطريق لإعادة إحياء المفاوضات بين جناح حماس السياسي والسلطة الفلسطينية بحسب نيسي، "لكن كل هذا يبقى في إطار عملية دسّ النبض ومن المبكر الكلام عمن سيدير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب لأن المعركة لا تزال في بداياتها".

ويضيف"حرب غزة لقّنت إسرائيل والولايات المتحدة درساً جديدا مفاده أن كل الدول "الضامنة" للميليشيات المسلحة المتواجدة على الحدود مع إسرائيل كانت عاجزة عن حمايتها، ولن تسمح بعد اليوم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. بمعنى أوضح، لن تقبل إسرائيل بأي وجود مسلح على أرض غزة . فالفرصة التي تلقفتها إسرائيل في الحرب على غزة بعد غزوة حماس لن تتكرر لحماية حدودها، لذلك تصر على أن تكون السلطة التي ستدير القطاع بعد انتهاء الحرب خاضعة لقرارات المجتمع الدولي".

في ما يتعلق بلبنان يؤكد نيسي أنه لا يزال تحت مجهر الحرب بدليل أن الكلام لم يعد "هل تتوسع رقعة الحرب؟" ، إنما "متى يحين الموعد" وهل يكون بعد الإنتهاء حماس في غزة، أم في حال رفض الحزب التراجع 10 كيلومترات إلى ما وراء الجنوب الليطاني؟

خلاصة الكلام" ما زلنا في البدايات، والحرب طويلة ومتشعبة وفيها الكثير من التفاصيل التي تتكشف يوميا. وما نراه ونسمعه اليوم عن مفاوضات بين جناح حماس السياسي والسلطة الفلسطينية من جهة، والخلاف بين جناحي الحركة العسكري والسياسي جزءٌ منها. المفاوضات لم تصل إلى مكان، وإيران لم تتخل عن حماس كما أشيع" يختم نيسي.   

يقرأون الآن