تناولت باميلا كولمان سميث، الفنّانة والرسامة ومصمّمة الأزياء البريطانية، في مقال نشرته في عام 1908، كيفية تفسير اللوحات الفنية. وكتبت: "تعلّم من كل شيء، وشاهد كل شيء، إبحث عن العيون المتخفية، والباب المؤدي إلى البلد المجهول".
ربما كانت سميث تصف كيفية إستخدام مجموعة بطاقات التاروت. وفي نهاية المطاف، كانت هي المسؤولة عن إبتكار الرسوم المستخدمة في تصميم بطاقات التاروت الأكثر شعبية في العالم.
في عام 1909، التقت سميث بالشاعر المتصوّف آرثر ويت من خلال جمعية سرية تُعرف باسم "نظام الفجر الذهبي المحكم". أدّى إيمانهما المتبادل بالروحانية، والطقوس، والرمزية، والممارسات الروحانية، إلى توحيد قواهما وإنشاء مجموعة بطاقات التاروت، والجمع بين مفاهيم ويت ورسوم سميث على طراز فن الآرت نوفو.
نُشرت بطاقات التاروت خلال عام 1910، وتُعرف اليوم باسم مجموعة "Waite-Smith" أو "Rider-Waite-Smith" (تمّ مسح مساهمة سميث إلى حد كبير من العنوان وطغى عليها اسم رايدر للناشر الأصلي، حتى تسعينيات القرن الماضي). لكن طبعة جديدة أصدرتها دار تاشين للنشر، "The Tarot of A.E. Waite and P. Colman Smith: The Story of the World's Most Popular Tarot"، تضم مجموعة كاملة من الورق الأصلي وسلسلة من المقالات السياقية عن سميث ووايت، وتتعمّق بكيفية إنشاء المجموعة وتاريخها، وأهميتها، وشعبيتها.
تحتوي مجموعة بطاقات التاروت على حزمة مكونة من 78 بطاقة مصوّرة، تظهر كل منها رموزًا وشخصيات محدّدة، كانت نشأت في إيطاليا خلال القرن الخامس عشر. يعكس إنشاء مجموعة ويت-سميث "منعطفًا ثقافيًا مهمًا" في مطلع القرن العشرين، بحسب ما أوضح محرر الكتاب يوهانس فيبيغ الذي تعود بدايات علاقته بدراسة التاروت إلى أكثر من 40 عامًا. وقال: "كان هناك شعور إيجابي بالتحرّر الشخصي، والعيش بحرية، وبشكل أكثر براعة (في هذا الوقت)". وأضاف: "ومع ذلك، فقد توقفت هذه الإنتفاضات بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانية".
وأوضح فيبيغ أنّ سبعينيات القرن العشرين شهدت على تجدّد الإهتمام بالتاروت، وزادت شعبية مجموعة ويت-سميث بالتوازي مع الحركات النسوية، وتلك المناهضة للحرب، وحقوق الإنسان الدولية. اليوم، يستخدم الناس التاروت في الغالب كأداة لفهم أنفسهم على المستوى الشخصي، وأحيانًا من خلال ممارسات مثل القراءات، وتفسير الأحلام، واختيار بطاقة اليوم.
وبحسب فيبيغ، يمكن تفسير كل بطاقة والنظر إليها بشكل مختلف تبعًا للناظر إليها. وشرح قائلًا إنّ "التاروت هو اقتراح للناس". وفي مقابلة مع CNN، أوضح أن "(التاروت) أكثر من مجرد قراءة للطالع. فأنت كقارئ للورق مدعو للدخول والتحاور مع الصورة (بطاقة الورق)، بحيث تصبح مرآة لك".
تُعد الصورة نفسها بالتالي أمرًا بالغ الأهمية لأي رحلة مع التاروت، وهي دليل مهم لفهم الشعبية الدائمة لمجموعة ويت سميث. ولفت فيبيغ إلى أن "(ويت وسميث) كانا يتحلان بالعبقرية، لكن حينها، لم يدرك ذلك سوى عدد قليل من الناس".
بالنسبة لفيبيغ، تنبع الجاذبية الدائمة لمجموعة ويت-سميث من قدرة الأوراق على تشجيع الناس على مواجهة حقائقهم الشخصية، لا سيّما في أوقات الأزمات. وقال: "كثير من الناس غير راضين عن النظام الموجود ويبحثون عن طرق جديدة للحياة، وهويات جديدة، وقيم جماعية جديدة".
وتابع: "(يبحث) الناس عن إجابات. ويبدو أن هذا الشعور يتماشى مع طريقة سميث الأصلية التي أرادت أن يُنظر بها إلى الفن: "تعلم من كل شيء، وشاهد كل شيء، وقبل كل شيء قم بالشعور بكل شيء".