News

الرياض وطهران تستعجلان إنتخاب الرئيس

الرياض وطهران تستعجلان إنتخاب الرئيس

بَدا من اللقاء المفاجىء أمس بين السفير السعودي وليد البخاري والسفير الايراني مجبتى اماني انّ ملف الاستحقاق الرئاسي قد وضع على نار حامية هذه المرة لدى المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية، وانّ طيف ايران بات حاضراً فيها والرؤية الايرانية لحل الازمة الرئاسية اللبنانية باتت على طاولتها، وانّ قابل الايام سيشهد مزيداً من التطورات في هذا الاتجاه. وذلك في موازاة تصاعد خطورة الوضع على الجبهة الجنوبية والخشية من تطوره الى حرب مفتوحة.

تكثفت حركة اللجنة الخماسية العربية الدولية حول الاستحقاق الرئاسي عبر سفراء دولها في بيروت، الذين سيجتمعون في اي وقت هذا الاسبوع، على أن تكون لهم الاسبوع المقبل زيارات لرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرؤساء السابقين ورؤساء الطوائف والقادة السياسيين، وذلك بالتزامن مع اجتماعات سيعقدها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان مع مسؤولين في كل من الرياض والدوحة، وذلك في محاولة جديدة للتوصل الى توافق بين اللبنانيين على رئيس للجمهورية. فيما ترددت معلومات عن انّ الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني (ابو فهد) وصل الى بيروت أمس وسيبدأ لقاءات مع عدد من المسؤولين بعيداً من الأضواء، للبحث معهم في ملف رئاسة الجمهورية.

وفي اطار حراك سفراء "الخماسية"، استقبل السفير السعودي في بيروت وليد البخاري أمس في دارته في اليرزة، السفير الايراني في بيروت مجتبى اماني، في لقاء هو الاول مباشرة بينهما. وافادت معلومات رسمية وزعت بعد اللقاء انه "تم خلاله عرض لأبرز التطورات السياسية الراهنة على الساحتين اللبنانية والإقليمية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، وتبادل الرؤى في العديد من القضايا والمواضيع ذات الاهتمام المشترك".

وقالت مصادر لصيقة بأجواء اللقاء بين البخاري واماني انه "يأتي في اطار اللقاءات الايرانية ـ السعودية التي تشهد مزيداً من التحسن الذي يستفيد لبنان من تداعياته".

واشارت هذه المصادر الى انه سبق هذا اللقاء محطة سابقة او لقاء سابق تمثّل بتلبية السفير الايراني والقائم بأعمال السفارة السورية في لبنان دعوة البخاري الى مأدبة عشاء جمعت لفيفاً من السفراء العرب والاجانب، وكانت مشاركتهما فيها لافتة، وكان اللافت أكثر الابراز السعودي لهذه المشاركة وكذلك الحفاوة السعودية الكبيرة بالسفير الايراني، والتي تترجم من خلال اللقاءات بين السفيرين.

وذكرت المصادر نفسها ان اللافت ايضا هو ان لقاء البخاري ونظيره الايراني جاء بعد ايام على مقابلة الاخير مع قناة "الميادين" التي شرح خلالها للرأي العام اللبناني عموما والمسيحي تحديدا وجهة نظر ايران من الملف الرئاسي. وكشفت المصادر انّ اماني يعقد منذ اسابيع لقاءات لهذه الغاية بعضها مُعلن، وكان منها لقاؤه امس مع السفير السعودي، والبعض الآخر غير معلن، وكان منها لقاء عقده قبل يومين في مقر السفارة الايرانية مع الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وتخلله عشاء وتناول البحث خلاله الاوضاع في الجنوب والحرب الاسرائيلية على غزة والتطورات في المنطقة عموماً، وكذلك الملف الرئاسي اللبناني.

واوضحت المصادر ان البحث بين البخاري واماني تناول موضوعين:

الاول: موضوع غزة وما يرتبط به من تطورات في اعتباره اولوية ايرانية، وقد تركز البحث على تداعيات حرب غزة على دول الجوار ومن ضمنها لبنان، اذ انّ منع توسيع الحرب هو محل اهتمام ايران والسعودية في آن معاً، خصوصا ان المملكة العربية السعودية كانت قد رَعت وترأست في 11 تشرين الثاني الماضي في الرياض قمة الدول العربية والاسلامية من اجل غزة.

اما الموضوع الثاني الذي تناوله البخاري واماني بالبحث فكان الملف الرئاسي اللبناني وهو ذو شقين: الاول يتعلق بظهور توجه جديد لدى المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية يقضي بفصل الاستحقاق الرئاسي اللبناني عن الشروط التي كانت تحاول الخماسية فرضها على "حزب الله" لجهة سلاحه وغيره من شروط ومواضيع اخرى، بحيث انّ الخماسية قررت على ما يبدو فصل ملف الرئاسة عن مطالب اخرى كانت مطروحة والتعامل مع الاستحقاق الرئاسي منفصلاً عن بقية المواضيع السياسية لأنه بات في رأيها من المُلح إيجاد حل له والتعامل معه تقنياً وفصله عن الخلافات والنزاعات السياسية، وذلك على قاعدة حاجة لبنان الى بناء سلطة جديدة في ظل الاوضاع السائدة فيه وعلى ساحة المنطقة.

ولفتت المصادر الى انّ البخاري عندما عاد اخيراً من الرياض، حمل معه هذا التوجه الخماسي بفصل الاستحقاق الرئاسي عن النزاعات السياسية. وهو على هذا الاساس انطلق إثر عودته في لقاءات مع قيادات سياسية ودينية، ومع بعض السفراء العرب والاجانب وفي مقدمهم السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو.

وقالت المصادر نفسها ان المجموعة الخماسية كانت لا تضم ايران في صفوفها لتصبح سداسية، لكن لقاء البخاري واماني أمس اكتسب اهمية كبيرة لأنه جعل طيف ايران حاضراً في اجتماعات الخماسية، وان افكار ايران للحل الرئاسي اللبناني باتت من الآن وصاعداً على الطاولة الخماسية وخارجها.

شبكة أمان للبنان: الى ذلك اكدت مصادر مطلعة على اللقاء لـ"الحمهورية" انه سينعكس حُكماً ايجاباً على كل الملفات في لبنان لِما للدولتين السعودية والايرانية من تأثير على الداخل اللبناني. وكشفت ان البحث لم يتطرق بالتفصيل الى الملف الرئاسي، لكن كان هناك توافق على الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية بتوافق لبناني، كذلك كان توافق على استقرار لبنان في هذه المرحلة وبالتالي فإنّ اللقاء سيزيد من شبكة الامان لمصلحة لبنان.

واشارت المصادر الى انّ اصل اللقاء بين البخاري واماني "مرتبط مباشرة بالاتفاق السعودي ـ الايراني، والذي هو اكبر من ان يُفَصّل الى تفاصيل صغيرة، والرسالة الاساسية هي انّ الطرفين منفتحان على كل المكونات والطوائف، وان المملكة العربية السعودية حريصة على إعطاء رسالة في اتجاه الطائفة الشيعية بأنها على علاقة ممتازة معها، والتاريخ يشهد على ذلك في العلاقة مع السيد موسى الصدر ورجال الدين والهدف هو نَبذ خطاب الكراهية".

ورأت المصادر "ان جلسة اليرزة العربية (في الخمية) ارادت ان تؤكد انّ العلاقة بين المملكة وطهران قائمة على التطور وليس هناك ما يهزّها، وهذه ترجمة طبيعية لأول لقاء رسمي من نوعه. واللقاء الثاني بعد عشاء فينيسيا الذي دعا اليه البخاري تحت عنوان الديبلوماسية المُستدامة لتأمين شبكة امان للبنان.

وكشفت انّ السفير السعودي قد يشارك في نشاطات ستدعو اليها السفارة الايرانية، ويمكن القول انّ المسار الرسمي انطلق من اليوم علي الارض اللبنانية…

ونَفت المصادر ان يكون الحديث خلال اللقاء تطرّق الى انضمام ايران الى المجموعة الخماسية، وقد اراد البخاري ان يكون هذا اللقاء ودياً وهادئاً، وخصوصاً في "خيمة السدو" العربية السعودية.

والاهم في اللقاء انه تم التوافق بين الطرفين على امن لبنان واستقراره في هذه المرحلة الدقيقة، ما يعزّز الاتفاق على ان الامن القومي اللبناني اصبح عنصرا مشتركا بين البلدين.

الى ذلك، رَوت مصادر أخرى أنه تم خلال اللقاء "تداول في الاوضاع اللبنانية السياسية ولا سيما منها الاستحقاق الرئاسي، وكذلك الاوضاع الامنية في الجنوب، وفي قطاع غزة والجهد المبذول لوقف العدوان الاسرائيلي عليه".

وكذلك وضعت مصادر متابعة هذا اللقاء "في اطار الانفتاح السعودي اولاً على جميع الاطراف، مؤكدة أهمية التوافق بين طهران والرياض في المنطقة وبما يُسهل التقارب والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، وكَون ايران اضافة الى الرئيس بري هما صلة الوصل الموثوقة للسعودية بـ"حزب الله"، ما لم يحصل لاحقاً تواصل مباشر بين السفير السعودي والحزب في اطار الانفتاح السعودي على تسهيل حلحلة الازمات اللبنانية".

وقال البخاري إنّ لقاءه والسفير الإيراني "كان ودياً وتم التطرّق خلاله إلى عمل اللجنة الدولية الخماسية المعنية بِلبنان". وأوضح أنّ هذا اللقاء "يندرج في إطار التقارب السعودي الايراني". وأضاف: "لقد اتفقنا على محبتكم".

وسيزور البخاري عين التينة للقاء بري بناء على موعد مسبق غير مرتبط بجولة سفراء دول المجموعة الخماسية.

يقرأون الآن