عربي

نازحون من غزة يعيشون بين الموتى قبل حلول الأجل

نازحون من غزة يعيشون بين الموتى قبل حلول الأجل

بعد أن نزحوا مرارًا وتكرارًا بسبب الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، نصب محمود عامر وعائلته خيمتهم بالقرب من شواهد القبور في مقبرة في رفح، وهي آخر مكان آمن نسبيًا في القطاع الذي دكه القصف العسكري.

وعائلة عامر من بين عشرات آخرين يخيمون في المقبرة التي تطل على البحر المتوسط، اعتقادًا منهم بأنّ وجودهم هناك سيجعلهم أقل عرضة لخطر القصف الإسرائيلي.

وقال عامر، وهو نازح من مخيم الشاطئ للاجئين شمالي غزة مع 11 فردًا من أفراد أسرته بينهم أبناء وأحفاد، إنّ "الشعب اضطر أن يأتي إلى هذه المنطقة. المقبرة عند الأموات أهون ما الواحد يكون في مناطق سكنية وجنب الحيطان تتهدم عليهم البيوت. كله نتيجة خوف ورعب هو اللي خلانا نيجي نقعد عند الأموات".

وأصبح أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة محاصرين الآن في رفح على الطرف الجنوبي للقطاع بجوار السياج الذي يفصله عن مصر. وهددت إسرائيل باقتحام المنطقة بالدبابات حين تنهي معركة في خان يونس.

وتحتوي المقبرة على صفوق من القبور الأسمنتية المنخفضة، تعود إلى ما قبل الحرب نمت عليها وحولها النباتات والزهور وتزينها نقوش وطلاء نحتتها عوامل التعرية.

وتضم أيضًا قبورًا أخرى بدائية دفن فيها قتلى الحرب، وهي عبارة عن أكوام مرتفعة من الرمال بطول الجثث، مع شاهدين من الأسمنت عند كل طرف.

وقال عامر: "يوميًا تجي الأموات هنا ونصلي عليهم ونكون موجودين معاهم ونترحم عليهم. وهذه صارت حياتنا كلها موت في موت حتى الواحد يكون ماشي في الطريق ورايح مشوار ويلاقي الموت أمام عينيه في كل ثانية يعني حياتنا صارت كلها موت في موت".

وتابع: "إنّ نقص الغذاء والماء والخوف المستمر من الهجوم العسكري يعد أمرًا مروعًا".

وقال: "والله يا شيخ الوضع مشؤوم جدا واحنا بنعيش في عذاب وآلام والأموات قاعدين واحنا جنب الأموات. الأموات قاعدين ومرتاحين واحنا اللي عايشين بنتألم ونتعذب وفي ظروف قاسية جدا ومفيش لا ميه ولا مساعدات للبني آدمين. الوضع كتير سيئ للغاية".

ومضى يقول "والله أنا باحسد الأموات على حياتهم على العيشة اللي هما عايشنها هم أموات لكن عند الله أحياء يرزقون. أنا باحسدهم والله لأنهم أحسن منا الآن. كل دقيقة بتمر علينا في رعب وآلام وعذاب ومشاقات ومتاهات ومش عارفين كيف تخلص الحروب هذه يعني وضع مؤلم جدا.. جدا".

وكان الأطفال يركضون في مجموعات صغيرة بين صفوف القبور. وجلست فتاة صغيرة القرفصاء على أحد القبور لتقطف زهورا صغيرة وتضعها بعناية في علبة فارغة.

وقال عامر: "أنا باشوف أطفالنا بيلعبوا حوالين القبور وعلى القبور... يعني موتوا المشاعر حتى مشاعر الأطفال كمان بدأت تموت، فما بالك بمشاعر الكبار والمسنين والشباب والعالم كله، العالم الفلسطيني".

واندلعت الحرب بعد هجوم لمسلحين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، على بلدات إسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر تمخض عن مقتل 1200 شخص واختطاف 253، وفقًا للأرقام الإسرائيلية.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على "حماس" وتحرير الرهائن، وردت بهجوم عسكري شامل على غزة أدى إلى مقتل أكثر من 27 ألف شخص، وفقًا لمسؤولي الصحة في القطاع الساحلي الفلسطيني.


رويترز

يقرأون الآن