بينما تترقب عدة بلدان حول العالم خلال الأشهر القليلة المقبلة استحقاقات انتخابية متنوعة، تتصاعد المخاوف الغربية من التشويش على تلك المواعيد، سواء عبر حملات التزييف بالذكاء الاصطناعي أو عمليات القرصنة، ومن روسيا والصين أيضاً.
فقد نبهت بعض الوثائق الاستخباراتية من احتمال أن تستخدم روسيا ميليشيات خاصة للسيطرة على طرق الهجرة إلى أوروبا و"تسليحها". لا سيما أن موسكو تتمتع بنفوذ وسيطرة على عدد من الطرق الرئيسية المؤدية إلى القارة الأوروبية.
بدورها حذرت "فرونتكس" شرطة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي من احتمال أن تكثف روسيا مع حلول الربيع، جهودها لنقل المهاجرين، واستعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا التكتيك من أجل زعزعة استقرار أوروبا، حسب ما نقلت صحيفة التلغراف.
كما نبهت من استخدام الروس ورقة الهجرة "كأداة في لعبة أكبر من النفوذ والضغط". واعتبرت أن بوتين "المعزول بشكل متزايد"، وفق وصفها، قد يسعى إلى نقل المهاجرين نحو أعتاب أوروبا، سواء عبر الحدود الشرقية لروسيا أو من خلال وكلاء في الجنوب، بما في ذلك في إفريقيا، ما يشكل تهديدا كبيرا للأمن الأوروبي في 2024.
في حين أظهرت وثائق استخباراتية بالتفصيل خطط عملاء روس لإنشاء "قوة حدودية قوية قوامها 15 ألف رجل" تضم ميليشيات سابقة في ليبيا للسيطرة على طرق تدفق المهاجرين نحو أوروبا، رغم أن المؤشرات تدل حتى الساعة إلى فشل هذا المخطط لنقص الأموال على ما يبدو.
وفي السياق، قال مصدر أمني: "إذا تمكنت من السيطرة على طرق المهاجرين إلى أوروبا، فيمكنك السيطرة بشكل فعال على الانتخابات، لأنه يمكنك تقييد منطقة معينة أو إغراقها بالمهاجرين من أجل التأثير على الرأي العام في وقت حرج".
كما أفاد عدد من الخبراء بأن مجموعات المرتزقة المدعومين روسياً ومن ضمنهم "فاغنر"، يؤججون الهجرة من خلال زيادة عدم الاستقرار والعنف في أجزاء من إفريقيا الخاضعة لسيطرتهم، ومن خلال نقل المهاجرين فعليًا إلى الحدود ودعم المهربين.
بدوره، اعتبر روبرت جينريك، وزير الهجرة السابق، أن خصوم بريطانيا يستخدمون ملف الهجرة كسلاح، قائلاً: حصل ذلك على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا وليتوانيا عام 2021، ما أدى إلى تفاقم عدم الاستقرار في المغرب العربي والساحل".
كذلك، أكد أنطونيو تاجاني، نائب رئيس الوزراء الإيطالي، أن لدى بلاده معلومات استخباراتية تفيد بأن المرتزقة "نشطون للغاية وعلى اتصال مع عصابات الاتجار والميليشيات المهتمة بتهريب المهاجرين في ليبيا".
وألقت حكومته باللوم في زيادة عدد المهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط على مجموعة فاغنر، التي تتهمها بشن "حرب هجينة".
من جهته، رأى سيرغي سوكانكين، الباحث البارز في مؤسسة جيمستاون والمستشار في شركة Gulf State Analytics بواشنطن، أن المراقبين يميلون عادة إلى التركيز على دور "القوات شبه العسكرية الروسية" في دعم الأنظمة الإفريقية، وليس على تأثيرها على الهجرة. وقال "إذا ألقينا نظرة على خريطتهم، سنرى أن جمهورية إفريقيا الوسطى تحتل مكانًا استراتيجيًا، ما يمنح المرتزقة الروس طرقًا إلى السودان، ومن ثم إلى المهربين في ليبيا".
كما أضاف قائلا "لا يمكن فصل طرق الهجرة عن المناطق والأماكن التي تتواجد فيها مجموعة فاغنر وغيرها من القوات شبه العسكرية الروسية. وأردف "قد تتزايد موجات المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا، لأن روسيا تخطط لإنشاء منشأة عسكرية جديدة في جمهورية إفريقيا الوسطى، ما سيعطيها نفوذًا إضافيًا فيما يتعلق بإدارة تدفقات الهجرة من إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى وليبيا نحو الاتحاد الأوروبي.
يذكر أن أكبر زيادة في عدد المهاجرين سجلت العام الماضي عبر هذا الطريق المركزي للبحر الأبيض المتوسط، وفقًا لوكالة فرونتكس، التي أشارت إلى أن عدد المعابر الحدودية غير النظامية في 2023، بلغ 380 ألفًا، وهو الأعلى منذ عام 2016.
تأتي تلك التحذيرات فيما تتصاعد المخاوف من تدخلات روسية وصينية في عدة انتخابات مرتقبة في عدة بلدان ومن ضمنها الولايات المتحدة، حيث أضحى ملف الهجرة أساسياً في تلك الاستحقاقات.