أسفر زلزال قويّ ضرب هايتي صباح السبت عن سقوط 304 قتلى على الأقلّ ووقوع أضرار جسيمة في جنوب غرب الجزيرة، معيدًا إلى الأذهان الذكريات المؤلمة لزلزال 2010 المدمّر.
وضرب الزلزال الذي بلغت قوّته 7,2 درجات هايتي السبت قرابة الساعة 8,30 (12,30 ت غ)، على بُعد 12 كلم من مدينة سان لوي دو سود التي تبعد بدورها 160 كلم من العاصمة بور أو برنس، وفق المركز الأميركي لرصد الزلازل.
وأدّى الزلزال إلى انهيار كنائس ومحال ومنازل ومبان علق مئات تحت أنقاضها.
ويُواصل السكّان انتشال الضحايا العالقين تحت الأنقاض، غالبًا من دون تجهيزات خاصّة، في جهود أشادت بها الحماية المدنيّة، قائلةً إنّ "عمليّات التدخّل الأولى (...) أتاحت سحب كثيرين من تحت الأنقاض، فيما تُواصل المستشفيات استقبال جرحى".
وقالت الحماية المدنيّة إنّ حصيلة ضحايا الزلزال ارتفعت إلى 304 قتلى على الأقلّ، إضافة الى مئات الجرحى والمفقودين، بعدما كانت أعلنت في حصيلة سابقة عن وجود 227 قتيلاً.
وقال المسؤول عن الحماية المدنيّة جيري شاندلر في مؤتمر صحافي مساء السبت "أحصينا مقتل 160 شخصًا في الجنوب، و42 في منطقة نِيب، و100 في منطقة غراند آنس، وشخصين في الشمال الغربي".
وعصر السبت، صرّح شاندلر لوكالة فرانس برس بأنّ ثلاثة مراكز استشفاء في بيستيل وكوراي وروزو بلغت أقصى قدراتها الاستيعابيّة.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء أرييل هنري أنّ "الحكومة أقرّت في الصباح حال الطوارئ لمدّة شهر عقب وقوع هذه الكارثة"، داعيًا السكّان إلى "التحلّي بروح التضامن" وعدم الاستسلام للذعر.
ويُرتقب أن يتوجّه رئيس الوزراء على رأس وفد من المسؤولين المعنيّين إلى المكان في الساعات المقبلة لـ"تقييم الوضع في مجمله".
في واشنطن، عرض الرئيس جو بايدن مساعدة الولايات المتحدة، قائلاً في بيان "أحزنني الزلزال المدمّر الذي ضرب سان لوي دو سود في هايتي هذا الصباح"، مشدّدًا على إعداد "استجابة أميركيّة فوريّة" لـ"تقييم الأضرار" ومساعدة المصابين.
وكان مسؤول في البيت الأبيض لم يشأ كشف هوّيته قال لصحافيّين إنّ بايدن "أجاز استجابة أميركيّة فوريّة وكلّف مديرة الوكالة الأميركية للمساعدة الدولية (يو إس ايد) سامانتا باورز تنسيق هذا الجهد".
انهيار فندق ومنازل
عند الساحل الجنوبي لهايتي، انهار فندق "لو منغييه" المتعدّد الطبقات بالكامل في لاس-كايس، ثالث أكبر مدينة في البلاد.
وانتشِلت جثّة مالك الفندق العضو السابق في مجلس الشيوخ بهايتي، غابرييل فورتوني، من تحت الأنقاض بحسب شهود. وأكّد رئيس الوزراء وفاته في وقت لاحق.
وشعر سكّان مجمل البلاد بالزلزال. وتعرّضت مدينة جيريمي التي يقطنها أكثر من مئتي ألف نسمة عند الطرف الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة، لأضرار كبيرة في وسطها المكوّن بصورة أساسية من منازل ذات طبقة واحدة.
وقال جوب جوزيف، أحد سكّان جيريمي "سقط سقف الكاتدرائيّة. الشارع الرئيسي مغلق ... هنا يتركّز كلّ نشاط المدينة الاقتصادي".
وأورد تاماس جان بيار "لقد جنّ الناس. الأهل حملوا أبناءهم وغادروا المدينة بعد انتشار شائعات عن تسونامي".
وكان المركز الأميركي للجيوفيزياء أصدر تحذيرًا من تسونامي إثر الزلزال، سرعان ما ألغاه.
ومدينة جيريمي الشهيرة باسم مدينة الشعراء، معزولة نسبيًا عن البلاد كون الطريق الوطنيّة التي تعبر الجزيرة لم تنجز بعد.
وقالت كريستيلا سان هيلير (21 عاما) التي تقطن قرب مركز الزلزال "كنت داخل منزلي عندما بدأ يهتزّ، كنت قرب النافذة ورأيت كلّ الأشياء تتساقط".
وأضافت "سقطت قطعة من الحائط على ظهري لكنّي لم أصب بجروح خطرة"، مشيرة إلى أنّ "منازل عدّة دُمّرت بالكامل".
ذكريات 2010 الأليمة
وصوّر شهود ركام العديد من المباني الإسمنتية بينها كنيسة يبدو أنها كانت تشهد احتفالاً دينيًا صباح السبت في منطقة تبعد 200 كلم جنوب غرب بور أو برانس.
ولا يزال البلد الأفقر في القارة الأميركية يستذكر زلزال 12 كانون الثاني/يناير 2010 الذي دمر العاصمة والعديد من المدن.
وقضى يومها أكثر من 200 ألف شخص وأصيب أكثر من 300 الف آخرين، فضلاً عن تشريد مليون ونصف مليون من السكان.
وبعد أكثر من عشر سنوات على هذا الزلزال المدمّر، لم تتمكّن هايتي الغارقة في أزمة اجتماعية سياسية حادّة، من مواجهة تحدّي إعادة الإعمار.
أ ف ب