يواصل المسؤولون الإسرائيليون حديثهم عن عملية عسكرية وشيكة في مدينة رفح الحدودية جنوب قطاع غزة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مسؤولين إسرائيليين كبارا، من بينهم وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان هيرتسي هاليفي، ناقشوا بالفعل مع المسؤولين الأميركيين خطط الجيش المتعلقة بالعملية البرية في رفح.
ويعتقد مراقبون أن الولايات المتحدة لا تعارض فكرة العملية العسكرية في رفح وإنما لديها تحفظ على طريقة تنفيذها فقط، وأن كل ما تريده هو منع قتل المزيد من المدنيين خلال القتال.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، مساء السبت، إن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة تشارلز براون ناقش مع هاليفي اقتراحا أميركيا لتلك العملية. وتزامنت المحادثة الهاتفية مع زيارة وزير الدفاع غالانت إلى الولايات المتحدة.
لم يعارض براون شن عملية عسكرية في رفح، لكنه قال "لن نقبل بمقتل المزيد من آلاف الأبرياء في رفح كما حدث في غزة وخان يونس". وقالت الهيئة نقلا عن مصادر سياسية "الولايات المتحدة تريد إجراء محادثات على مستوى احترافي (فني) مع قادة الجيش الإسرائيلي".
وفي ذات السياق، نقلت القناة 14 في هيئة البث عن مسؤول سياسي مطلع على تفاصيل ما يجري من استعدادات للعملية في رفح قوله إن القرار بشن العملية اتُخذ فعليا، وإن الأمر يتعلق بالترتيبات والتوقيت.
وقال المسؤول "سيكون هناك تحرك في رفح، وهذا قرار نهائي". وردا على سؤال عن سبب التأخير في تنفيذ هذه العملية قال "سبب التأجيل لا يتعلق بالمفاوضات مع حماس، بل بأسباب عملياتية لا يمكن تفصيلها لأسباب رقابية".
وأضاف "سنكون في غزة ورفح وخان يونس وفي القطاع بأكمله لسنوات".
قنابل مدمرة ومقاتلات
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أمس السبت، أن الإدارة الأميركية قررت إمداد إسرائيل بصفقة أسلحة جديدة تشمل قنابل ذكية من نوع (إم.كيه) ويصل عددها لأكثر من 1800 قنبلة وزن الواحدة منها نحو 1000 كيلوغرام، بالإضافة إلى قنابل أخرى من ذات النوع يصل عددها إلى 500 بوزن 250 كيلوغراما، وكذلك طائرات حربية منها مقاتلات (إف35).
وقدرت الصحيفة قيمة الصفقة بمليارين ونصف المليار دولار. وجاء قرار الولايات المتحدة بشأن هذه الصفقة تتويجا لزيارة أجراها وزير الدفاع الإسرائيلي لها الأسبوع الماضي.
وقالت "واشنطن بوست" إن القنابل زنة 2000 رطل، والقادرة على تسوية مبان سكنية بالأرض، لم تعد تستخدم من قبل الجيوش الغربية في المواقع المكتظة بالسكان نظرا لتأثيرها المدمر على المدنيين.
ويعتقد محللون أن الخلاف الأميركي الإسرائيلي الذي طفا على السطح مؤخرا ليس حول تنفيذ المزيد من العمليات البرية بما في ذلك عملية رفح، وإنما جاء في إطار وضع خطط عمليات واضحة، بالإضافة لضمان ظهور الولايات المتحدة بمظهر المدافع عن المدنيين أمام الرأي العام الأميركي والعالمي.
وقال مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات "الولايات المتحدة وإدارة بايدن لا تدعم الحرب على قطاع غزة، بل هي شريك رئيسي فيها، وهي من توفر الغطاء السياسي والدبلوماسي والدعم العسكري لإسرائيل للمضي في هذه الحرب".
وبحسب بشارات، فإن كل ما يظهر من خلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل هو تباين في وجهات النظر ليس أكثر، ولا يصل إلى درجة الخلاف حول الجوهر.
وتابع قائلا لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "الخلاف هو في كيفية تنفيذ العملية العسكرية في رفح، وليس رفضا لاستمرارية الحرب".
وبحسب بشارات فإن الدعم العسكري الجديد من أميركا لإسرائيل هو إحدى "ثمار زيارة يوآف غالانت إلى الولايات المتحدة".
الحملة الاعلامية للخطط العسكرية
يرى بشارات أن الولايات المتحدة تحاول إدارة الأمور إعلاميا، وأن تَظهر أمام الأميركيين على أنها تعارض العمليات البرية في غزة خاصة مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية التي يتنافس عليها بايدن والمرشح الجمهوري دونالد ترامب.
وأضاف "ما يحدث يتعلق بحالة أميركية داخلية وليس حرصا على المدنيين الفلسطينيين".
وأبدى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية بفلسطين أيمن يوسف رأيا مشابها، وقال "إسرائيل مصلحة أميركية، وبالتالي لن تسمح الولايات المتحدة أن تُهزم في هذه الحرب".
وأشار يوسف إلى وجود مسارين، الأول يتعلق بالإعلام والدبلوماسية، وهو مرتبط بحاجة إدارة بايدن لأصوات العرب والمسلمين في الولايات المتحدة، وبالتالي تظهر بهذا الخطاب الداعي لتجنب قتل المدنيين والوساطة لإنجاز صفقة تبادل للمحتجزين، والثاني يتعلق باستمرار الشراكة بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن كل ما يحدث في غزة.
واستطرد قائلا "لا بد من الفصل بين توتر العلاقة بين بايدن ونتنياهو من جهة، وبين العلاقة والشراكة البنيوية ما بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة ثانية".
ويعتقد يوسف أن هناك ضوءا أخضر أميركيا لتنفيذ عملية برية في رفح، لكن بمعايير الولايات المتحدة.